إن الانسان بطبيعة تكوينه هو كائن اجتماعي يحب أن يتواصل مع الآخرين بشكل دائم ولكن للأسف الشديد نلاحظ مع التطور الهائل الذي يحدث في عالمنا أصبح بعض البشر يميلون إلى الانعزال عن المجتمع انعزالاً تاماً عن أي نوع من أنواع العلاقات الاجتماعية كعدم التحدث مع الأصدقاء والأقارب والبقاء في المنزل منعزلاً لعدة أيام، والعيش في عالمهم الخاص الذي يخلقه لنفسه.
وهذا ما يسمى بالعزلة الاجتماعية التي أصبحت تسود بشكل كبير في المجتمع ويمكن الإشارة إلى أن هذه العزلة يمكن أن تكون أحد صور الانفصال عن الآخرين سواءً أكان الشخص واعياً لما يفعل أم غير واعي، كما أن العزلة الاجتماعية تُعرف أيضاً على أنها تجنب الشخص لجميع أشكال التواصل الاجتماعي، ويصاحب العزلة الاجتماعية كل من الشعور بالخوف والحزن والضيق لذا وجب التعرف عليها وعلى أسبابها وآثارها السلبية وطرق علاجها التي سوف نتطرق لها خلال ملفنا.
العزلة الاجتماعية تشير إلى الغياب التام أو شبه التام للتواصل مع المجتمع، وذلك بين الكائنات الاجتماعية. وغالبًا ما تكون العزلة لا إرادية، مما يميزها عن الميول أو الأفعال الانعزالية التي يقوم بها الشخص متعمدًا، تعددت أسماؤها ولكن المظاهر واحدة. وهي لا تشبه الوحدة المتصلة في غياب التواصل المؤقت مع البشر الآخرين. ويمكن أن تمثل العزلة الاجتماعية مشكلة لأي شخص مهما كان سنه، فقد تظهر على كل فئة عمرية ويحتمل أن ينشأ عن مشاعر الوحدة والخوف من الآخرين أو تقدير الذات انخفاض تقدير الذات تقدير الذات السلبي التعرض لأضرار نفسية حادة.
وأجريت العديد من الدراسات حول مشكلة العزلة الاجتماعية، فنتج عنها مجموعة من الأرقام والحقائق حول هذه المشكلة النفسية التي يجب التعرف عليها قبل التوصل إلى طريقة علاج، وفيما يأتي أبرز هذه الحقائق:
- يشعر ما يقارب 40% من عامة الناس بالعزلة في إحدى فترات حياتهم، ولكن على رغم ذلك فإن عدد قليل من هؤلاء الناس يعلم بانعكاسات العزلة وسلبياتها على صحتهم وحياتهم.
- ما يزيد عن 60% من الأشخاص الذين يشعرون بالعزلة هم أشخاصٌ متزوجين في الأصل، ويعود ذلك غالبًا إلى عدم توفر الجانب العاطفي، كذلك بسبب قلة مشاركة المشاعر والعواطف لديهم مع الشريك.
- تزداد فرصة فقدان الحياة بنسبة تصل إلى 14% بالنسبة للأشخاص المصابون بالعزلة الاجتماعية، حيث إنّ هذا الأمر يجعل العزلة والتدخين على صعيد ومرتبة واحدة.
أنواع العزلة الاجتماعية
إنَّ العزلة الاجتماعيَّة تعني غياب قدرة الكائن الحي على التواصل مع مجتمعه ورغبته بالعيش منفرداً بعيداً عن الناس وتنقسم إلى قسمين: عزلة إيجابيَّة وعزلة سلبيَّة.
العزلة الإيجابيَّة: تكون بعقلانيَّة، وهي عبارة عن جلسة مصالحة مع الذات ومراجعة حسابات تدخل فيها بصفاء ذهني في جو طبيعي ملائم ويتم فيها طرد جميع الطاقة السلبيَّة، وتخرج منها وقد أصبحت أكثر استعداداً وأكثر تعاطفاً مع الآخرين.
العزلة السلبيَّة: وتكون غير عقلانيَّة تنعزل فيها بنفسك وتجلس جلسة سلبيَّة حتى تجلد ذاتك وتحقر من نفسك وقد ينتهي بك الأمر بعواقب سيئة.
حواجز التواصل الاجتماعي
هناكَ العديدُ من الحواجزِ التي تحولُ دونَ اتصالِ الإنسانِ مع من حوله نلخِصُها فيما يأتي:
- الحاجز الاجتماعيّ؛ كالوضعِ الماديّ والنظرة المجتمعيَّة الدُونيَّة.
- الحاجز الثقافيّ؛ كدرجة الثقافة ومستوى التحصيل العلميّ.
- الحاجز الجغرافيّ؛ كبعدِ المسافةِ عن الأهلِ والأصدقاءِ والأقاربِ.
- الحاجز العائليّ؛ كتقليلِ الشأنِ والتوبيخِ والتعنيفِ.
- التشوهات الخلقيَّة.
أعراض العزلة الاجتماعية
هناك مجموعة من الأعراض التي قد تظهر على الفرد فتكشف لنا أنّه معزول اجتماعيًّا ويُعاني من الوحدة أو الانطواء ومنها:
1- الملل الشّديد وعدم الاهتمام بالأحاديث المشتركة داخل التجمعات.
2- الرغبة في الانسحاب دائمًا من أيّ مشاركة أو تفاعل اجتماعي.
3- فقدان الاهتمام بالعناية الشخصية، مثل إهمال النظافة الشخصية.
4- الفوضى والاكتناز داخل المنزل أو غرفة الشخص المعزول اجتماعيًا ناشئة عن عدم اكتراثه بالترتيب أو الأِشياء المحيطة.
5- الصمت وعدم الرغبة في خوض النقاشات أو المشاركة فيها.
6- قد يُلحظ على الفرد المعزول اجتماعيًا تغيرات في السلوك كإدمان الكحول أو تعاطي المخدرات أو الإفراط في التدخين.
7- الشعور بالتوتر والقلق من التجمعات الاجتماعية وعند المخالطة المباشرة للآخرين.
8- البقاء وحيدًا معظم الوقت وعدم الرغبة في مخالطة البشر.
9- فقدان الشهية وانعدام الرغبة في تناول الطعام.
أسباب العزلة الاجتماعية
تتعدد الأسباب التي تجعل الشخص يتجنب الاندماج مع الأشخاص من حوله ويفضل البقاء بمفرده، وتشمل:
للعزلةِ الاجتماعية أسبابٌ عديدةٌ منها ما يأتي:
1- الانغماس في وسائلِ الإعلامِ.
2- أسبابٌ هاجسيَّةٌ ؛ كطريقةِ تفكيرِ الشخصِ بأنَّهُ دائمًا على صوابٍ والآخرون على خطأ.
3- بعضُ الأمراضِ النفسيَّةِ التي تسببُ العزلة الاجتماعيَّة؛ كالوسواسِ القهريِّ، والاكتئاب، والرُهاب الاجتماعي، واضطراب ثنائي القطبِ.
4- أسبابٌ نفسيَّةٌ؛ كالقلقِ والتوترِ.
5- أسبابٌ تربويَّةٌ؛ كطريقةِ تربيةِ الوالدين للأبناءِ عن طريقِ التخويفِ والردعِ والتعنيفِ.
6- التغيراتٌ الفسيولوجيَّة لدى المراهقين قد تكونُ سببًا في العزوف عن التواصلِ مع الآخرينِ.
7- قد يكونُ للعمرِ دورٌ في العزلةِ عن المجتمعِ.
8- اعتياد الشخصِ على العزلةِ منذُ الصغر.
الآثار السلبية للعزلة الاجتماعية
تعدّ العزلة الاجتماعية ظاهرة مضرّة تُصيب الإنسان وتعطله عن حياته الطبيعية والحيوية، فهي انعزال الفرد عن الآخرين وأحاديثهم وانجازاتهم بالتالي قد تصل بالفرد المعزول إلى عدم الشعور بالرغبة إلى أيّ انجاز يمكن أن يُحققه وتنمو بداخله رغبة البقاء وحيدًا بعيدًا عن الانتاج العملي والترفيه الشخصيّ، ومن الآثار السلبية للعزلة ما يأتي:
1- الإصابة بالاكتئاب وصعوبات النّوم.
2- ضعف وظائف القلب والأوعية الدموية.
3- ضعف المناعة بسبب التأثير على خلايا الدم البيضاء التي تلعب دورًا رئيسيًّا في استجابة الجهاز المناعي للعدوى.
4- التدهور المعرفيّ المتسارع.
5- زيادة خطر الإصابة بالجلطات الدماغية وأمراض القلب التاجية.
6- ارتفاع مستوى التوتر والقلق.
7- زيادة خطر الإصابة بالخرف بنسبة 40%.
علاج العزلة الاجتماعية
هناك بعض الخطوات البسيطة والطرق التي قام المتخصصين بوضعها حتى يتمكنوا من علاج هذه المشكلة، ومن أهم الحلول المقترحة ما يلي:
1- اعتراف المريض بالمشكلة، لأن الإنسان عندما يعترف بأنه منعزل اجتماعيًا ومنطوي عن المجتمع. يمكن أن يتخذ اجراءات المساعدة من الخبراء والمتخصصين حتى يتمكن من الانخراط في أنشطة المجتمع.
2- البحث عن الطرق التي يمكن من خلالها التواصل مع الآخرين. يمكن الفرد أن ينشئ العلاقات الجديدة مع المحيطين به مثل التطوع الاجتماعي، وغيرها من الأمور.
3- يتجنب المريض وسائل التواصل الاجتماعي لأنها من الأمور التي جعلت الكثير من الأفراد ينعزلون عن مخالطة أفراد المجتمع. وتتمركز حياتهم في وسائل التواصل الاجتماعي التي تؤدي إلى العزلة الاجتماعية.
4- يستعين المريض بالحيوانات الأليفة، فهي من العوامل التي تقلل من مخاطر العزلة الاجتماعية.
5- يتقبل المريض الوحدة، ويستغلها فبعض الأفراد يقومون بعمل العديد من الاختراعات. والتطوير من المهارات التي يمتلكونها أو يستغل وقت العزلة في الاستمتاع بالكثير من جوانب الحياة مثل الرسم أو مطالعة الكتب، وغيرها من الأمور المفيدة.
6- ولا ننسى المحافظة على نظام غذائي منتظم وممارسة الرياضة باستمرار.
المصادر:
موقع سطور
موقع ويكيبيديا
موقع موضوع
موقع سيدتي
موقع سراج
اضافةتعليق
التعليقات