الابتزاز العاطفي قد يحدث بشكل يومي في حياتنا من قبل شريك العمل أو الأصدقاء أو الأهل أو شريك الحياة لفرض السيطرة أو حتى من قبل أطفالك للحصول على الشيء المراد لتحقيق مطلبهم ويمكن تعريف الابتزاز العاطفي هو أحد أشكال التلاعب النفسي - ويحدث خلاله استخدام منظومة من التهديدات وأنواع مختلفة من العقاب يوقعها شخص ما على آخر قريب منه في محاولة للسيطرة على سلوكه "يتضمن الابتزاز العاطفي عادة شخصين تجمع بينهما علاقة شخصية قوية، أو علاقة حميمية (الأم والابنة، والزوج والزوجة، والشقيقتين، الأصدقاء المقربين)".
وعند التعرض للابتزاز العاطفي "يصبح الشخص رهينة عاطفية للآخر". وفقًا لما ذكرته الطبيبة النفسية سوزان فوروارد، التي ساهمت بالكثير في دراسة هذا التعبير، فإن "الابتزاز العاطفي" هو أحد أشكال التلاعب القوية يقوم خلالها المبتز الذي تربطه صلة قوية بالضحية بتهديده، بطريق مباشر أو غير مباشر، بالعقاب إذا لم يحصل على ما يرغب.
حيث يكون على علم بنقاط ضعف ضحاياه وأدق أسرارهم. "فالأشخاص الذين يلجأون للابتزاز العاطفي هم من الأصدقاء، والزملاء وأفراد العائلة الذين تربطنا بهم علاقات قوية ونرغب نحن في تعزيزها وإنقاذها" مثل الآباء، أو الشركاء، أو الرؤساء أو الأزواج. فمهما بلغ مقدار اهتمام المبتز بضحيته، فإنه يستفيد من معرفته القوية به للفوز بإذعانه له.
ومع علمه أن الضحية يرغب في الحب، أو الدعم، أو تأكيد الهوية، قد يهدد المبتز بالتوقف عن قيامه ذلك أو سلبه إياها، أو قد يجعله يشعر بأن عليه أن يثبت استحقاقه لها: "كما تشير قوة الابتزاز العاطفي، يتأثر المفهوم الذاتي حتمًا... بردة فعل الطرف الآخر"، وأيضًا التقدير الذاتي. وإذا صدق الضحية المبتز، فإنه قد يسقط في نمط يجعل المبتز يتحكم في قرارته وسلوكه ويصبح أسيرًا للضباب النفسي".
وقد يمارس الكثير من المبتزين سلوكياتهم عن غير قصد. وأحيانا يستخدمون تقنيات مختلف تُسبب إرباكك، مثل جعل مطالبهم تبدو معقولة، أو جعلك تشعر بأنك أناني، أو غير مسؤول. هنا يجب معرفة أن الشعور بالذنب جزء أساسي من كونك شخصا مسؤولا، لكن يمكن للمبتزين استغلال هذه الحساسية لجعلنا نتساءل عن تأثير أفعالنا على حياتهم. عادة ما يلومنا المبتزون، حتى وإن كانوا غير واعين لهذا، بشكل مباشر أو غير مباشر على مشكلاتهم وبؤسهم. المبتزون ليسوا دوما أشخاصا سيئين ولا أشرارا يتضح بشكل جلي شرهم من أعينهم، عادة ما يكونون أقرب الناس إليك وأكثر من يحبك في الحياة على الإطلاق، لكنه يريد السيطرة عليك باستخدام تقنيات مختلفة، قد لا يكون واعيا لمدى سوئها، قد يمارس المبتزون الابتزاز العاطفي حتى دون وعي منهم بأنهم يتلاعبون بمشاعرك ويستخدمونها لأجل قيادتك والسيطرة عليك.
لكن أيّا ما كانت النية التي تحرك المبتز، هناك أنواع للمبتزين بشكل عام حيث حدد فوروارد وفرايزر أربعة أنواع من الابتزاز يتميز كل منه بأسلوب تلاعب عقلي خاص:
1- العقاب - شعاره "أنا وليكن من بعدي الطوفان". وبصرف النظر عما تشعر به أو تحتاجه، يتجاهله المعاقب.
2- العقاب الذاتي - "يلعب الذين يقومون بالعقاب الذاتي دور "الناضج" - البالغ الوحيد في العلاقة... فيفترض بأن عليه أن يسرع عندما يكونون في حاجته".
3- المعاناة - يتخذ المعانون موقفًا "إذا لم تفعل ما أريده منك فسوف أعاني، وأنت من يتحمل مسؤولية ذلك" (انظر لعب دور الضحية).
4- التعذيب - المعذبون هم أكثر المبتزين مكرًا، فهم لا يقدمون شيئًا عن طيب خاطر
وقدّمت سوزان فوروارد أيضا في كتابها عن الابتزاز 6 مراحل يمر بها الابتزاز العاطفي، نستعرضها معك فيما يلي:
المرحلة الأولى: الطلب
تتضمن هذه المرحلة -ببساطة- طلبا قد يقول الشخص طلبه بمنتهى الوضوح، أو قد يعالج الأمر بطريقة خفية، فمثلا إذا ذكرتِ أصدقاءك الذين يرفضهم الشخص المُبتز فقد يعبث أو يتحدث بسخرية أو حتى يصمت، وحينما تسأل عمّا به، يرد بأنه لا يحب هؤلاء الأشخاص، ويرى أن عدم التعامل معهم أكثر فائدة.
المرحلة الثانية: المقاومة
ما لم تدركه الضحية بسبب خوفها من تنفيذ التهديد أنها لو قاومت فلربما اكتشفت أن هذا التهديد ما كان ليحدث قط. إذا قاومت ما يريده المُبتز، فمن المحتمل أن يتراجع ويُعيد المحاولة بعد فترة، ولكن من المحتمل أيضا أن يبدأ في التصعيد واستخدام المزيد من العنف، يختلف رد الفعل وفقا للاختلافات الشخصية للمبتزين.
المرحلة الثالثة: الضغط
حينما يتراجع المُبتز لا يعني هذا أن باب الإبتزاز قد أُغلق إلى الأبد، إنه فقط يدخل في مرحلة جديدة، وهي مرحلة الضغط.
سيضغط عليك المبتز لتلبية مطالبه، قد يحدث هذا بعدّة طرق مختلفة، منها: تكرار مطالبهم بطريقة تجعلهم يبدون جيدين، قد يقولون مثلا: "أنا لا أفكر إلا في مستقبلنا وفي جعل حياتنا أفضل"، أو "إذا كنت تحبني حقا، فستفعل هذا".
المرحلة الرابعة: التهديد
إذا لم تستجب للضغط، فسيدخل المُبتز في المرحلة التالية، وهي التهديدات المباشرة أو غير المباشرة. خلال هذه المرحلة قد يستخدم المُبتز التهديد المباشر، فقد تقول لك زوجتك: "إذا خرجت مع أصدقائك الليلة فلن أكون هنا عندما تعود"، أو ربما تهديدا غير مباشر: "إذا كنت غير مستعد للبقاء معي فهذا يجعلني أفكر في إعادة تقييم علاقتنا".
المرحلة الخامسة: الامتثال
حينما تخشى أن يفي المُبتز بتهديده، فكل ما تقوم به هو الاستسلام والامتثال، وهذه هي الخطوة الأخيرة التي تتم بها عملية الابتزاز العاطفي. خلال هذه المرحلة قد يكون الشخص الذي يُمارَس عليه الابتزاز العاطفي قد وصل إلى مرحلة الإنهاك والإرهاق بسبب ما تعرّض له من ضغوط وتهديدات. بمجرد الاستسلام، يفتح الطرف الآخر الطريق للسلام. سيبدو في غاية اللطف وسيُقدّم الكثير من المحبة الخالصة، فقط إلى أن يحين وقت المرحلة التالية.
المرحلة السادسة: التكرار
بمجرد أن استسلمت وامتثلت، فأنت بهذا عرّفت المُبتز كيف يحصل منك على ما يريده في مواقف مماثلة في المستقبل. سيتكرر كل شيء بالمراحل نفسها من جديد، فقط مع اختلاف الطلب، ربما سيكون التهديد أيضا ثابتا ولا يتغير بتغير الطلب. قد تعلمك عملية الابتزاز العاطفي أنه من الأسهل الامتثال بدلا من مواجهة الضغوط والتهديدات المستمرة، لكن هذا غير صحيح، فهذا قد يقودك إلى تدمير حياتك والعيش في خوف لا ينتهي.
نصائح تساعد في صد الإبتزاز
في بعض الظروف يكون من الصعب التفطن إلى أن الطرف الآخر يمارس الابتزاز العاطفي ضدنا ونواجه صعوبة في الابتعاد عنه، لذلك فإنه من الضروري اتباع بعض النصائح للتعامل مع هذه الوضعيات.
1- التعرف على الابتزاز العاطفي، والتعامل معه بوعي، والانتباه إليه وتسمية الأمور بمسمياتها، كخطوة أولى للنجاح في صده.
2- قبول جزء من المسؤولية في كل علاقة بين طرفين والتعامل بواقعية.
3- فرض حدود وخطوط لا يمكن تجاوزها، وهذا سيمكنك من الابتعاد عن أي علاقة غير صحية أو غير متوازنة.
4- توقف عن ترك المجال للآخرين ليقرروا بدلا عنك، وعزز ثقتك بنفسك وقوة حضورك.
5- تعلم إستراتيجيات إدارة الخلافات والتفاوض من أجل إيجاد حلول صحية ومعقولة.
6- انتبه إلى احتياجاتك الشخصية التي قد تكون تجاهلتها بسبب تعرضك الدائم للابتزاز والضغط من الآخرين.
اضافةتعليق
التعليقات