ربما كثير منا لم يشاهد ذلك الشخص الذي يهتم بأدق تفاصيله، ينزعج من انزعاجه يهتم به بأفضل ما يمكن، يتأذى إن أصابه مكروه ويفرح من أعماق قلبه لفرحه، من منا لديه ذلك الشخص الحريص عليه الذي يهتم بأموره المادية والمعنوية؟
ربما كثير منا يقول لا يوجد ذلك الشخص الذي يستطيع أن يهتم بنا بهذه الصورة ويدقق في تفاصيلنا الصغيرة جدا ويكون معنا على الدوام !
لأننا نعيش في زمن الغدر ولم نلمس جمال تلك اللحظات الروحانية في زمن المعصومين ولم نلتق بامامنا العطوف والرحيم في هذا الزمن كي نفهم معنى العطف والرحمة جذرياً، لذلك المتمسك بدينه في هذا الزمن يعد كالقابض بالجمر كما جاء في الروايات.
هناك شخص عطوف رحيم يفكر بنا ويهتم بنا على الدوام فقد بعث رحمة وهذه الرحمة مستمرة للعالمين كما ورد في القرآن الكريم.
(لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ).
إنه لم يأتِ من كوكب آخر كي يكون غريباً ويُستغرب منه بل كان كما يقول الله عزوجل في كتابه (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ) وكان انساناً كباقي الناس ولكن مع جوهر مختلف.
فهو بعث من وسط المجتمع وكان فردا منهم كي يكون بعيداً عن الشبهات والحجج الواهية
حيث لا أحد باستطاعته أن يتكلم ضده ويأتِ بحجج واهية ويبرئ نفسه على عدم ايمانه وعدم استسلامه لهذا النبي الكريم صلى الله عليه وآله الذي كان رؤوفا بالمؤمنين ويتأذى من أذاهم، جروحهم ومعاناتهم.
وكان يسعى جاهداً ليغير تلك الموازين الخاطئة في المجتمع كي يقل من شدة معاناة الناس ويهيء لهم العيش الرغيد وبالفعل اخرج الناس من الظلمات إلى النور وغير المجتمع الجاهلي الذي يقتل ويدمر ويسفك الدماء إلى مجتمع واع متعلم مثقف يقول الأديب العالمي (ليف تولستوي): يكفي محمداً فخراً أنّه خلّص أمةً ذليلةً دمويةً من مخالب شياطين العادات الذميمة، وفتح على وجوههم طريقَ الرُّقي والتقدم، وأنّ شريعةَ محمدٍ، ستسودُ العالم لانسجامها مع العقل والحكمة.
حريص عليكم
ياترى كيف يكون حال الحريص؟
إنه يهتم بأدق التفاصيل لا يترك أي شيء يذهب هباء يكون مهتماً بمعنى الكلمة لأن هناك غاية يود الحصول عليها يقول البروفيسور (راما كريشنا راو) في كتابه محمد النبيّ (لا يمكن معرفة شخصية محمد بكل جوانبها. ولكن كل ما في استطاعتي أن أقدمه هو نبذة عن حياته من صور متتابعة جميلة.
فهناك محمد النبيّ، ومحمد المحارب، ومحمد رجل الأعمال، ومحمد رجل السياسة، ومحمد الخطيب، ومحمد المصلح، ومحمد ملاذ اليتامى، وحامي العبيد، ومحمد محرر النساء، ومحمد القاضي، كل هذه الأدوار الرائعة في كل دروب الحياة الإنسانية تؤهله لأن يكون بطلا).
فمن كان يعز عليه معاناة القوم كان يحرص على هدايتهم واخراجهم من الظلمات إلى النور ليس فقط في ذلك الزمن بل لا زال النهج قائم ولا زال نبينا الكريم صلى الله عليه وآله حريص على الجميع فقد ورد بأن الأعمال تعرض عليهم صلوات الله عليهم (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُون).
يقول الإمام الصادق (عليه السلام): إن أعمال العباد تعرض على رسول الله (صلى الله عليه وآله) كل صباح أبرارها وفجارها، فاحذروا فليستحي أحدكم أن يعرض على نبيه العمل القبيح *١ .
هكذا ندرك شدة رأفته ورحمته على الناس حيث يقول رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن أعمالكم تعرض علي كل يوم، فما كان من حسن استزدت الله لكم، وما كان من قبيح استغفرت الله لكم٢.
لماذا يعرض عليه الأعمال؟ هل هو جاسوس هل هو مدقق؟
هل يجب أن يفحص الأعمال؟ ما فائدة تفحص الأعمال؟
حسب الحديث المبارك إنه يدعو لنا وبواسطة دعائه نرتقي ونسمو، ماعلينا فعله هو الاهتمام بسجل أعمالنا هو تَحًمل كل شيء لأجل البشرية جاء دور البشرية ليرجع هذا الاحسان بأفضل صورة.
جاء دورنا لنرسم البسمة على شفتهه المبارك كي يفرح عندما يرى ذلك السجل و يبتسم هل جزاء الاحسان إلا الحسان؟
بالمؤمنين رؤوف رحيم
يقول (مايكل هارت) في كتابه مائة رجل في التاريخ: إن اختياري محمداً، ليكون الأول في أهم وأعظم رجال التاريخ، قد يدهش القراء، ولكنه الرجل الوحيد في التاريخ كله الذي نجح أعلى نجاح على المستويين: الديني والدنيوي.
من أشد المعاناة في المجتمع كثرة المجاملات وهذه الظاهرة تسبب عدم معرفة الشخص الخاطئ أو المذنب بل يتجرأ أن يكون أسوء من قبل بينما اذا الفرد المخطئ يعرف أخطائه يتراجع ويتوب لذلك النبي صلى الله عليه وآله كان يتعامل مع كل فئة معاملة لائقة كي لا يتمرد أحد ويعرف حدوده كان شديداً مع الأعداء ورؤوفا بالمؤمنين ويتعامل معهم برأفة ورحمة، إنه تحمل جميع أنواع المصائب كي نكون بأفضل حال، يا ترى كيف نجازيه؟.
اضافةتعليق
التعليقات