تُرى لمَ لا نحب الوقوف عند اشارات المرور طويلاً؟ لمَ لا نحب تلك اللحظات؟ لحظات الانتظار والصمت، مع إنها قصيرة؟ في مفترق الطرق حيث المدن الكبيرة، وسط زحام الشوارع، هناك ضجيج واصوات تعلو تارة وتخفت من بني الانسان، بل البعض لا يقوى على البقاء جالساً في مقعده فسريعاً ما تراه يترجل ماشياً، وكأنه يُسابق الزمان؟ لعله لا يقوى على البقاء! أو يخشى اذا أحس بالصمت أن يسمع ضجيج الفؤاد، بلى! إنه انعكاس لذلك الضجيج في داخل كل إنسان.
فهناك تعلو التساؤلات: وماذا عن إشارات قلبك، هل تراقبها إذا سرت في طريق ما؟ هل تمتثل لها إن أمرتك بالوقوف والتريث أم لا تلتفت لها؟ كما في الحياة المادية حيث الضوضاء والسير السريع بلا تريث، فقد بتنا فقط نسير... فقط نسرع بكل شيء، فقط نريد الوصول بأي ثمن!!
فلله تعالى في كل حركة يتحركها الانسان رسالة عله يرجع الى ذالك الجانب الذي كثيراً ما يتناساه.
فوحده من تصالح مع ذاته، من له وقفات مع هذه النفس، من يرى بعين البصيرة إشارات قلبه، لا يمل ولا يضجر من تلك الوقفات.
وحده الذي يعلم وجهته الى اين لا يضجر إذا تأخر به المسير، فيستثمر تلك اللحظات، يتأمل في نفسه اين وصل بها وأين وصلت به، يستخرج كتاب يطالعه، يتأمل فكرة قد عصفت في ذهنه، يواصل قريبا تقربا لربه..
ففي محطات هذه الحياة لا يوجد شيء اسمه "لحظة عابرة" أو "شخص عابر" فنبرر لأنفسنا، أننا أجبرنا على تضييعها بتلك الوقفات! حتى ذلك الشخص العابر الذي قد يطرق نافذتك، قد ترى أنه شخص هامشي في حياتك، فلا تعير له أي أهتمام أو بما تتصرف معه، لأنك تراه شخص ليس ممن هم في سلم اولوياتك، ولا تربطك به الا هذه اللحظات.
إلا أن هكذا اشخاص هم من أهم الأشخاص الذين قد يمرون في حياتك لأنهم يكشفون لك عن حسن سيرتك وواقع روحك، من كل ردة فعل تصدر منك، كل تعامل لطيف كان أو عنيف، أذى أو تهميش، ففي دائرة هذه الحياة المغلقة لابد وأن تلتقيه، وقد تجد حاجتك وإحتياجك عنده لذا من الجيد احترام وأغتنام كل عابر ليس لأنك قد تحتاجه يوماً من الايام، بل لكي تبقى محافظاً على ما في داخلك من قيم كإنسان، لكي تبقى أشاره قلبك مضيئة، نعم مضيئة بنور الله سبحانه.
اضافةتعليق
التعليقات