تمر الأعوام كمر السحب وعلى عجالة تنتهي ليبدأ عاماً آخر وما نزال نعاني من اللامبالاة والأعذار الواهية التي لم تزد الفرد إلا ضياعاً وبعداً عن الله سبحانه وتعالى وعن ذاته التي جهل طريق الوصول إليها، ليبقى ضائعاً لا يرى أي وجهة هي الأصح وأيها الخطأ فيتخبط في تفكيره، وبعد أن تتراكم على عاتقه الأسئلة والاستفسارات يحاول الهرولة بما أوتي من قوة ليخرج من متاهة التفكير بأنه غير قادر على المحاولة ولن يستطيع وانتهى الأمر.
لكن عندما يأتي شهر رمضان نصبح طلابا في حضرته لأنه يبين لنا تلك الأمور التي هربنا منها في أعذار واهية لم تمت لحقيقة أنفسنا بصلة، فنرى بعد الافطار أن الصيام ليس بهذه الصعوبة التي كنا نتصورها وبعد أيامٍ منه نكتشف أننا بإمكاننا الصوم كل إثنين وخميس في أشهر السنة وليس في الأمر سوى النية والاقدام، وكذلك الحال للمدخن أيضاً يكتشف أنه يستطيع أن يصبر نهاراً كاملاً لكنه لم يحاول قط، أراح تفكيره بقول لا أستطيع واكتفى.
وعند ذكر القرآن الكل يراه معجزة ويحتاج إلى وقت فراغ وأنه يجب أن يكون ذا علم بمعاني القرآن وغيرها، لكن في رمضان نستطيع أن نقرأ ثلاثين جزءاً في ثلاثين يوم، ونتم كل جزء منه في يوم فلا نرى تلك الصعوبة والمعجزة التي كان يوهمنا الشيطان بها في الأيام الاعتيادية!.
ونكتشف أنه باستطاعتنا النهوض قبل صلاة الفجر للسحور، وكذلك أداء الصلاة في وقتها، بينما في أيامنا الاعتيادية نراها جداً صعبة ويتملكنا الكسل وتأخذنا العزة بالنوم في هذا الوقت تحديداً لاطمئناننا بأنه سيتم قضائها حين الاستيقاظ.
ويتضح لنا أنَّ الفقير موجود طوال العام لكننا لا نراه إلا في رمضان ونحاول أن نسد رمقه بزاد علنا نؤجر في ذلك، فماذا لو جعلنا أيامنا كلها رمضان وطبقنا القواعد الاستثنائية التي نسير عليها خلال الشهر الفضيل ونخرج من الروتين الغير مربح في تجارة الله إلا من أتقن عمله وطلب قرب الله..
لو تمعنا قليلا لوجدنا أن رمضان دورة تدريبية شاملة ومليئة بالأخلاق والفضائل وإنها فرصة ذهبية لمن استغلها لأنها تكشف لنا القدرات المخبوءة تحت مسمى لا أستطيع وهذا درس عظيم، فهنيئاً لمن اجتاز الاختبار بتفوق وأحرز القرب الإلهي الدائم..
اضافةتعليق
التعليقات