كانت قصة رائعة تلك التي قرأتها ليلة البارحة قبل ان اخلد الى النوم ولكنني بعد ان قرأتها خلدت لأرق طويل حتى مطلع الفجر فصياد السمك عندما عاد الى منزله وفي سلته سمكة كمثيلاتها من الاسماك التي يصطادها بشكل يومي تقريباً، رأت زوجته امراً عجباً في بطن تلك السمكة، رأت لؤلؤة فبدل ان يأكلوا تلك السمكة عمدوا لأن يبيعوا تلك اللؤلؤة التي بداخلها ليقتاتوا من المال الذي سيحصلوا عليه، فكانت تلك اللؤلؤة لؤلؤة نادرة لم يقوَ على شرائها خلا والي المدينة الذي اقترح على الصياد ان يبقى في خزنته الخاصة ست ساعات ليأخذ من الخزنة ما يشاء مقابل تلك اللؤلؤة..
فدخل الصياد ووجد منظراً عجيباً غرفة كبيرة مقسمة الى ثلاثة اقسام، قسم مليء بالجواهر والذهب وقسم به فراش وثير لو نظر اليه نام من الراحة وقسم به جميع ماتشتهي من الاكل والشرب.
فحدث نفسه قائلاً ست ساعات كثيرة فبدأ بالطعام واكل حتى امتلأت بطنه ولما انتهى ذهب الى قسم الفراش الوثير قال شبعت فمالي لا اتزود بالنوم الذي يمنحني الطاقة التي تمكنني من جمع اكبر قدر من الاموال، فذهب الى الفراش استلقى وغط في نوم عميق وبعد برهة من الزمن سمع هاتفاً يقول قم ايها الصياد لقد انتهت المهلة، صرخ ما اخذت الفرصة الكافية!.
ولكنهم قاموا بإخراجه خالي اليدين لعدم استغلاله ما وُهب بشكل صحيح.
إن الحكمة في هذه القصة تكمن في تشبيه الصياد بكل انسان في هذه الحياة الذي يبيع نفسه وعمره وهي اللؤلؤة الثمينة، مقابل ان يغط بالغفلة وهو النوم العميق الذي غط به الصياد ولايتزود من الاعمال الصالحة وهي الجواهر بعد ان افرط بالغرق بالملذات والشهوات وهو الطعام.
نحن في الواقع اعتدنا سماع النصيحة والانصات لها ونسيانها بأقل من الثانية فكثير ما نسمع ان الفرص تمر مر السحاب، الفرص لاتعود ولا ننفك ان نضيع الواحدة بعد الاخرى فنضيع فرصة الشباب والصحة والغنى والوقت والحياة حتى نجد اننا على حافة الموت ولم نقدم اي شيء في هذه الحياة، ولم نقدم حتى لما بعد الموت، الكل يشكي من سرعة الزمن وكيف ينقضي اليوم والاسبوع والشهر بل وحتى السنة بسرعة فائقة وهو يجهل أنه ليس الخلل بالوقت بل بالمشاغل الكثيرة والاهواء التي صارت تسرق منا ساعات وساعات وتهدينا للغفلة فينصرم الشهر بعد الآخر ونحن نراوح بلا انجاز يذكر، ولكن يبقى هناك امل، فإذا كنت في اخر الشباب ولديك بعض من صحتك تدارك نفس فإن تصل متأخراً خيراً من ان لا تصل.
اليوم نعيش شهر رجب ويليه تباعاً شعبان وشهر رمضان وهن حقيقة من اقدس واروع الفرص التي فيها تدعى لمائدة الرحمن وعطاياه وفيها فرصة لتطهير نفسك وتنقيتها من الذنوب وفرصة للتأمل والتدبر والانجاز والتفرغ للمشاريع التي ارجأتها من فرط ضغوط الحياة عد الى نفسك واعمالك وتعلق ولو بأذيال الفرصة التي تأتي اليك ولا تدعها تذهب.
فلقد جاء رجل الى الامام الصادق (ع) في اواخر شهر رجب وعندما سمع فضل الصيام في رجب، قال للامام الصادق هل انال ذاك الفضل ان صمت الآن فأجابه الامام نعم.
هكذا لنتعلق بالفرص ولا نجعلها تمر كالسحاب بل لنتعلق بها ونطير معها في سماء استغلالها.
اضافةتعليق
التعليقات