الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك، عبارة نرددها باستمرار تعبيراً عن أهمية الوقت وضرورة الاستفادة منه، وتدل على سرعة انقضاءه. عمر الإنسان المحدود جعل للوقت أهمية كبيرة في حياته، فاليوم الذي يمضي لا يعود أبدا، بل إن الدقيقة التي تمضي دون الاستفادة منها تعد خسارة كبيرة فالوقت يقدر بالذهب. الهدف من وجود الإنسان ونجاحه يتحدد من كيفية استغلاله للوقت.
الإسلام اهتم بالوقت اهتماماً بالغاً فالآية الكريمة (إن ّالصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً)
(سورة النساء ١٣١) تشير إلى ضرورة التزام الوقت في الصلوات اليومية والتعجيل في أداءها، وكذلك في الحديث الشريف للنبي (ص): (اغتنم خمساً قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك) (عيون الحكم والمواعظ ص١٩١)، وهذا يدل على حرص بالغ على استشعار نعمة الوقت وأداء شكرها باستغلاله أفضل استغلال فكل حالة تمر على الإنسان تتغير وتمضي ولا ترجع إلى سابق عهدها.
وفي رواية أخرى لأمير المؤمنين (ع) : (إنما أنت عدد أيام، فكل يوم يمضي عليك يمضي ببعضك)، (ميزان الحكمة ج٣ ص٢١١٢)، وغيرها وغيرها من الروايات والآيات التي تلفت نظر الإنسان إلى عمره القصير وضرورة استثمار وقته لمصلحته الدنيوية والأخروية قبل أن يخطفه الموت وتنتهي أيامه ولا يبقى إلا عمله.
ومن هنا تأتي أهمية إدارة الوقت وضرورة الاستفادة منه، ولا يخفى على القارئ أن سرعة انقضاء الوقت سمة من سمات هذا العصر، فكثرة الانشغالات والالتزامات والتطور التكنولوجي وكذلك التغيرات التي طرأت على نمط حياتنا مع التقدم ساهمت كثيراً في الإسراع في انقضاء الوقت، من منا لا يشتكي من ضيق الوقت ويشعر أن العمر يمضي دون أن يحسن استغلاله؟ من منا لا يخشى انقضاء عمره دون أن يحقق أهدافه ويعمل لآخرته؟ من منا لا يعاني من القلق بسبب كثرة المهام اليومية وضيق الوقت لإنجازها؟ كم شخص مر عليك يتمنى أن يكون اليوم أكثر من ٢٤ ساعة؟ وكل هذا بسبب سوء إدارة الوقت.
قبل عامين تقريباً حضرت دورة عن ثقافة جديدة تدعى (ثقافة المفكرة)، وهي ثقافة جديدة بدأت تتسع حلقة انتشارها في عالمنا العربي وهي منتشرة جدا عن الغرب منذ عقود من الزمن لادراكهم لأهمية الوقت وحرصهم على استغلاله، فابتكروا المفكرة أو الأجندة كوسيلة لتنظيم الوقت وزيادة انتاجيتهم.
المفكرة ليست مجرد أوراق تحمل تواريخ، هي ثقافة نظموا لها دورات وعلموا الناس كيفية استخدامها وصمموها بأشكال وأحجام وألوان مختلفة وابتكروا لها ملحقات وأدوات ليضيفوا عليها متعة أثناء التخطيط للوقت، تساعد المفكرة كثيرا في التنظيم ورسم خطة واضحة لحياة الشخص يسير عليها، ففي هذي المفكرة يدون أهدافه والخطوات اللازمة لانجازها ومهامه ورغباته وكيفية تحقيق ذاته، فيزيح عن عقله ضجيج الأفكار وما يصاحبها من قلق ويضعها على الورق أمامه فيشعر بخفة ويرى مهماته بوضوح وينجزها بأريحية، ينظمها حسب الأولويات والأهمية ويستمتع بإنجازها ويشعر بسعادة وفخر لإنهاء هذه المهمات.
المفكرة ليست سحراً يؤدي المهام عنك ولكنها برمجة للعقل تساعد الانسان على تنظيم أفكاره والبدأ بالعمل لتحقيقها، وعلى الرغم من تطور التكنولوجيا ووجود برامج مشابهة للمفكرات على الهاتف والحاسوب إلا أن الكتابة باليد مفيدة للجسم والعقل ولها تأثير على قوة التركيز، وشخصياً تعلمت أساسيات استخدام المفكرة وطبقتها ولاحظت الكثير من التغييرات التي طرأت على حياتي في العامين الماضيين وانجزت الكثير وغيرت أمور لطالما حلمت بتغييرها منذ زمن بعيد ولم أفعل شيء لتحقيق ذلك، وأصبحت المفكرة جزء مهم في حياتي ينظم وقتي ويشعرني بالقدرة على الانتاج.
يقال أن التخطيط ساعة يوفر ٤ ساعات أثناء التنفيذ، ونظراً لأهمية الوقت أصبح من المهم تعلم طرق وفنيات إدارة الوقت، نعم إنه فن يحتاج التدريب والممارسة والتطوير، عن طريق الدورات أو الكتب أو الانترنت وغيرها من الوسائل التي نحصل منها على معلومات تفيدنا في هذا المجال، الوقت من ذهب ويستحق أن تبذل مجهوداً في كيفية اسثماره.
اضافةتعليق
التعليقات