الحب كلمة لها وقعها في المجتمع بشكل عام، فالرابطة بين اغلب الناس هي الحب، حيث تحب الأم اطفالها، ويحب الاب ابنائه، وتحب الزوجة زوجها، ويحب الزوج زوجته، واينما وجد الحب وجد التسامح والطمأنينة والتآلف والتراحم والانجذاب.
ومن مصطلحات الحب هو العشق ومعناه الافراط في الحب لدرجة كبيرة، وايضاً الود مصطلح كثير التداول ويعني الحب في ارقى درجاته، والوجد فهو الحب الذي لا يخلو من العذاب، والغرام هو الحب الذي وصل لاعلى درجات الشعور بالتعلق وملازمة المحبوب، واما الوصب فهو يعني ألم الحب او الحب المؤلم الذي يمنح صاحبه المشقة والحزن وشدة التعلق واصل هذا اللفظ هو المشقة.
قرأت ذات مرة في كتاب احد الدكاترة كلمة وهي "نموت حينما نزداد كثافة"، كيف لنا ان نزداد كثافة ونعيش بخفة في هذه الدنيا؟
ليس المعنى من (نزداد كثافة) ان نملك المال الكثير او اولاد اكثر، نزداد كثافة عندما يزداد تعلقنا بالمال ويزداد تعلقنا بأجسامنا ويزداد التعلق بالدنيا، يزداد همّ الانسان عندما يزداد تعلقه بهذه الاشياء، لا مانع من حب الذرية والاستمتاع بالمال ولكن الحب يجب ان يكون بشكل اعتيادي وطبيعي حتى تصبح روح الانسان خفيفة، مثال الشخص الذي يقف على جليد كم يحتاج الى الخفة حتى يكون ماهرا في حركاته؟
فلو تأملنا حياة بعض الناس نجد ان حياتهم ثقيلة فيما تملك من مال، ثقيلة فيما تملك من ذرية، ارواحهم دائما في خوف من فقدان هذه الاشياء، فتتحول النعم التي انعم بها الله الى نقم.
كيف أقلل تعلقي بما املك من ممتلكات؟
لا اقصد بتقليل التعلق هو ان تصبحين غير مبالية مع اسرتكِ، ولكن اقصد التعلق المرضي الذي يصبح مرضا وهمّا على قلوبنا، الذي يصل بالانسان الى الارق، التعلق الذي لا يجعل الفرد يمارس حياته بشكل اعتيادي.
يقول أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام: "لاتأسف على الدنيا وزينتها وارح فؤادك من همٍّ ومن حزنِ، وانظر لمن حوى الدنيا باجمها هل منها بغير القطن والكفنِ".
كأنما يقول الامام ان من صفات الدنيا انها سريعة الفناء، تعِد بالبقاء ثم تخالف في الوفاء، ننظر اليها نتخيلها ساكنة وهي سائرة سيراً عنيفاً، ومرتحلة ارتحالاً سريعاً، فالناظر اليها لا يحس بحركتها فيطمئن اليها وانما يحس عند انقضائها، فاللبيب لا ينخدع بالدنيا لأنها مزينة الظواهر قبيحة السرائر، وهي شبه عجوز متزينة تخدع الناس بظاهرها، فإذا وقفوا على باطنها وكشفوا القناع عن وجهها تمثل لهم قبائحها، فندموا على اتباعها، وخجلوا من ضعف عقولهم في الاغترار بظاهرها.
وهناك شخص ياحبذا لو اتخذناه قدوة في ازالة حب الدنيا والتعلق بها، هو الصحابي الجليل حجر بن عدي رضوان الله، لما قدم ليُقتل، قيل له مد عنقك فقال: ما كنت لأعين الظالمين، ثم مشى اليه هدبه الاعور بالسيف واراد ان يقتله فقال له تبرأ من علي وقد اعد لك معاوية جميع ما تريد ان فعلت، فقال له حجر ان كنت امرت بقتلي فقدم ولدي قبلي، فتقدموا وضربوا عنق ولده امامه حتى قيل له تعجلن الثكل، فرد عليهم خفت أن يرى ولدي هول السيف على عنقي فيرجع عن ولاية امير المومنين.
هذا الرجل وصل الى اعلى مراتب التخلي عن الدنيا وعدم التعلق بها، ولكن كان تعلقه اقوى بإمامه حيث قدم فلذة كبده فداءا له، فكل منا لو وضع هذا النموذج امام عينه وتيقن بهذا الكلمة:
"أحبِب ما شئت فإنك مفارقه" لهانت علينا الدنيا.
اضافةتعليق
التعليقات
الكويت2018-02-08
الكويت2018-02-08