قال تعالى: (وهو الذي جعل لكم الليل لباساً والنوم سباتاً وجعل النهار نشوراً).
إذن جعل الله الليل مظلماً لنسكن فيه واعطى للنوم سلطاناً حتى نرتاح به، ومنحنا في كل يوم فرصة ثماني ساعات على الأقل للراحة من الحياة بالنوم، لنستعد للعمل في النهار حيث تبقى لنا ست عشرة ساعة للعمل والاستمتاع بالحياة..
واذا كانت ساعات اليقظة هي ساعات التوتر والتمزق فان ساعات النوم تعيد الى ذواتنا التماسك المطلوب وتمنحنا طاقة إضافية لمواصلة اعباء العمل.
ولكي نعرف أهمية النوم في حياتنا لابد ان ننظر الى عواقب النقص فيه، فمن لا ينام بالمقدار الكافي يعيش مهزوز الشخصية خامل الفكر يعاني من النقص في التركيز.
حيث الناس الناعسون الذين لم يحصلوا على المقدار الكافي من النوم معرضون اكثر من غيرهم لارتكاب اخطاء في أعمالهم.
وكشفت احدى الدراسات الحكومية الامريكية ان مايراوح بين واحد وعشرين وثلاثين في المائة من حوادث السير يتعلق بالنوم، وان نحو عشرين في المائة من السائقين يغفون خلف المقود مرة على الأقل في حياتهم.
ان نقص النوم لليلة واحدة قد يضاعف فاعلية المرء العقلية، وأسوء من ذلك ان تأثيرات هذا النقص تراكمية فالشخص الذي ينام ساعة ونصف ساعة على اقل مما ينبغي كل ليلة وعلى نحو متواصل يشعر بوطأة هذا النقص في اخر ايام العمل الأسبوعية، اكثر مما في بداية الأسبوع، ثم ان هناك اناساً يخدعون أنفسهم، حينما يظنون ان الأمور تسير سيراً حسناً لأنهم ينامون اقل من اللازم على اعتباران النوم نقيض النشاط"، ويؤمنون بأنه "من طلب العلم سهر الليالي". "
ولكن في الحقيقة ان النوم هو منشّط من الدرجة الاولى، والذين يعانون من مشكلة قلة النشاط، إنما هم يعانون من ضعف في الإرادة، لا من كثرة النوم. فحتى في ساعات النهار تجدهم لايقومون بما يجب عليهم.
وعلى كل حال فان علينا ان نروّح عن نفوسنا ونزيل عنها التعب والهم، بالاخلاد الى النوم، وان نكون حذرين من عوائق النوم،وهي في الدرجة الاولى ثلاثة:
الاولى: المزاحمون في غير اوقاتهم.
فمن يأتيك في وقت راحتك إنما هو سارق لجزء مهم من حياتك.
الثانية: تعقيدات النهار.
عندما تتكاثر الضغوط من العمل والاصدقاء والمجتمع فان الكثيرين يَرَوْن النوم هو البند الذي يسهل التضحية به أولاً في جدول أعمالهم.
ثالثاً: نظام المناوبة في العمل.
حيث يعمل الناس مساءً او ليلاً او بمقتضى برامج متعاقبة وان ذلك يجعلهم يعانون من خسارة جوهرية في النوم.
هناك بعض الخطوات التي تساعدك على جعل النوم، نوم نشاط وراحة وطمأنينة..
أولاً: حدد ساعات النوم التي تحتاجها.
يقول الأخصائي في علم النوم وأستاذ علم النفس في جامعة فلوريدا في غينزفيل الاستاذ "ويب" ان فترة النوم الطبيعية التي يحتاجها الانسان الطبيعي تتراوح بين خمس ساعات وعشرة ساعات والمتوسط هو سبع ساعات ونصف ساعة لأغلب الناس.
ثانياً: اهتم بنوعية النوم.
حيث ان نوعية النوم اهم من عدد الساعات التي يقضيها الانسان في الفراش.
ثالثاً: اذهب الى سريرك فقط عندما يحين وقت النوم.
اذا كنت تستيقظ عادةً في السابعة صباحاً وأشار سجلك اليومي الى ان معدل فترات نومك هو خمس ساعات في الليلة فلا تأوي الى فراشك قبل الثانية بعد منتصف الليل.
رابعاً: ابدأ يومك بتمضية عشرين دقيقة على الأقل في الشمس.
يشرح الخبير "ريتشارد ألن" السبب بقوله:(يشير ضوء الشمس الى الوقت نهار ويساعد ذلك في تنشيط ساعة جسدك الطبيعية مما يجعلك منتبهاً).
خامساً: مارس الرياضة كل يوم.
ينصح الخبراء بالتمارين المعتدلة كالمشي البطيء، وركوب الدراجة الثابتة قبل ساعتين من النوم ويقولون "ان اسوء مايفعله المصاب بالأرق هو ان يكون خاملاً".
سادساً: تناول فطوراً وغداء خفيفاً لتزيد من يقظتك اثناء النهار واجعل عشائك قبل اربع او خمس ساعات، من ذهابك الى السرير.لانك تحتاج الى وقت لتهضم معدتك الطعام قبل النوم.
سابعاً: تجنب إغفاءات التعويض.
ثامناً: ابتعد عن المنبهات قبل الإيواء الى الفراش.
تاسعاً: ابتعد عن تناول العقاقير والحبوب المنوّمة.
عاشراً: الاهتمام بمتطلبات النوم الهادئ.
كيف تتجنب الأرق؟
ان الحديث عن النوم المريح، يجرنا الى الحديث عن الأرق كمشكلة يعاني منها كل شخص بين فترة واُخرى، فكل إنسان لابد من ان يعاني بين فتره واُخرى ليلة من الأرق "العابر"الذي يكون سببه الإرهاق او السفر.
وان عوامل الأرق كثيرة وتختلف من شخص لآخر فهناك من يصاب بالأرق نتيجة اضطرابات عصبية تمر به، وهناك من يصاب بالأرق بسبب دواء تناوله لمعالجة الغدة الدرقية، وثالث يصاب بالأرق لوجود بيته قرب المطار، او قرب محطة القطار.
ثم ان هناك تفاعلات جسدية ونفسية متنوعة ومعقدة تدرج في خانة "الأرق" حتى ان الباحثين باتوا يؤثرون ان يشيروا الى الأرق بعبارة "الاضطرابات المانعة للنوم" ومن العوامل اربع مجاميع تساهم في هذه الاضطرابات:
اولا: الاستعداد البيولوجي.
حيث ان المشاكل التي تتطلب معالجة طبية يمكن ان تسبب الأرق مثل الالم الناتج من التهاب المفاصل او القرحة، وكذلك الحمل وتشنجات الرجلين، وقد يسبب الأرق التقدم في العمر لتدني قدرة المسنين على النوم.
ثانياً: عادات النوم السيئة.
للبيئة الصاخبة والعادات السيئة تأثيراً سلبياً على النوم لدى الكثير من الناس. مثل الضوضاء، والانارة القوية، وشدة الحرارة والبرودة، وايضاً قرقرة البطن بسبب قلة المأكل او كثرته والتمرين الذي يسبق النوم.. فكل هذه العوامل تبقيك مستيقظاً.
ثالثاً: التكيّف السلبي.
الخوف من الأرق قد يتحول نبوءة تتحقق فبعد قضائك ليالي طويلة محّدقاً الى السقف في العتمة تجد ان الاستعدادات العادية للنوم كتنظيف الأسنان، وتصبح عوامل تزيد التوتر بدلاً من ان تكون عوامل استرخاء.
رابعاً: وجود أمراض جسدية معينة.
وذلك مثل أمراض الربو، والتهاب المفاصل، والذبحة الصدرية، وأنواع القرحة، والصداع ، واضطرابات الغدة الدرقية، وإدمان العقاقي المخدرة والكحول.
ويتفق معظم الباحثون في امر النوم على ان الأرق ليس مرضاٌ في ذاته لكنه علامة على ان هناك سبباً جسدياً او نفسياً او سلوكياً يحول دون سير دورة الجهاز البشري السوية في مسارها الطبيعي. وقد تتراوح هذه الأسباب بين التشوش في انتاج كيميائيات "النوم" الطبيعية الذي يحدث في المخ وزيادة تعاطي الكافيين، او الفراش غير الملائم، او الافتقار الى الرياضة.
ان اهم الأمور التي تعالج الأرق النفسي هو الاعتماد على الله تعالى والتوكل عليه، وهو الدواء الناجح في كل مايرتبط بالقلق والاضطرابات، والأرق وماشابه ذلك.
حيث ان كثيراً من حالات الأرق يمكن معالجتها معالجة فعالة عن طريق تعديل السلوك، او التدرب على اكتساب العادات او تغييرها. ويقدم الخبراء النصائح الآتية التي اثبتت التجربة جدواها:
اولا: ضع ساعة مضيئة قرب فراشك واحتفظ بسجل لنومك على مدى أسبوع، تدون فيه مواعيد نعاسك ومواعيد ذهابك الى السرير وكل مرة تستيقظ، قد تكون نتائج هذا السجل مطمئنة.
ثانياً: اجر فحصاً طبياً شاملاً وذلك للتأكد من أنك لاتعاني مشكلة صحية غير ظاهرة قد تكون وراء حرمانك من النوم.
ثالثاً: لاتجزع اذا مررت بفترة مؤقتة من الأرق فهناك الأرق الناتج عن الخوف وهو يحول دون النوم فينقلب معه الخوف من الأرق الى ارق فعلي.
رابعاً: اجعل لنفسك توقيتاً ليلياً منتظماً.
خامساً: تجنب الرياضة المرهقة ووجبات الطعام الكبيرة قبل ان تأوي الى فراشك،لان كليهما يبعث على تنشيط الهرمونات والتمثيل الغذائي والدورة الدموية.
سادساً: لاتطل نومك صباحاً او تغفو في النهار حتى وان لم يكن نومك هانئاً في الليله السابقة
سابعاً: اذا استيقظت في الليل فاسترخ في فراشك وحاول ان تعاود النوم.
ثامناً: لا تدخن ولاتتناول الكحول والشوكولاتة والقهوة والشاي والمرطبات التي تحوي الكافيين خصوصاً بعد الظهر وفي المساء.
تاسعاً: دوّن في المساء الباكر المشاكل التي تنتظرك والطريقة التي تنوي معالجتها بها في اليوم التالي.
عاشراً: عدّل مستوى الإضاءة، والحرارة في غرفتك حتى تقع على الانسب لك.
حادي عشر: لا تتناول وجبات ثقيلة قبل النوم مباشرة او تأكل في منتصف الليل، ولكن لابأس في تناول وجبة خفيفة كالحليب الساخن والبسكويت، لانها تساعد بعض الناس على النوم.
ثاني عشر: تابع تمارينك كالمعتاد للحفاظ على نشاطك، ولكن ليس قبل النوم مباشرة.
ثالث عشر: اذا شعرت بالتوتر حين يحين وقت نومك، فتعلم ان تطبق فنون الاسترخاء.
رابع عشر: لا تشغل نفسك بمعرفة الوقت، والساعة، لانه لن يهتم احد غداً بالاستماع الى بياناتك حول الساعات التي قضيتها في الفراش من غير ان يغمض لك جفن.
خامس عشر: لا تستعجل النوم، دعه يأتيك بنفسه، فان النوم يكره المراقبة، ويستعصي بالمطاردة.
فحاول ان لاتضيف القلق الى الأرق بل تذكر انه بمقدار ما للنوم من حسنات فان للأرق أيضاً حسناته، لانه يعطيك فرصة إضافية من اليقظة.. فسواء حاولت استغلالها بالتفكير، والاستذكار، او قمت من فراشك، وأنجزت بعض اعمالك، او صليت، او قرأت القران او اي شيء اخر، فان الأرق يكون نافعاً على كل حال.
اضافةتعليق
التعليقات