عندما يتعب الجسم فالعلاج هو بالراحة، ولكن ما هو العلاج عندما تتعب الروح؟، لقد ثبت أن التعب النفسي يحطم الإنسان أكثر من التعب الجسمي، ومعالجته لا تكون بالراحة والسكون حتماً.
إن التعب النفسي واحد من المعوقات الرئيسية لنمو الإنسان في شخصيته الداخلية، وعلاقاته الاجتماعية. ولذلك كان لا بدّ من تسليط الضوء عليه ببعض التفصيل، فليس هناك ما يوهن العزيمة أكثر من القصور عن النجاح والتخلف حيال جدار يسد الطريق ويحول دون التقدم، فينتهي الأمر بالدوران في حلقة مفرغة، فالفشل يولّد التعب، والتعب يبعث على استصعاب العمل، واستصعاب العمل يفضي الى الإخفاق.
ويعاني المرء وطأة التعب في مجالين رئيسيين: تعب البداية، وتعب الاداء. ففي الحالة الأولى يستمر المرء في تأجيل الشروع في عمل هو ملزم على نحو ما بإنجازه، وذلك إما بسبب طبيعة العمل المملة، أو بسبب صعوبته، فيميل إلى التهرب منه. وكلما طالت مدة التأجيل تزايد شعور المرء بالتعب.
وتعب البداية تعب حقيقي بالفعل، وإن لم يكن في الواقع تعباً بدنياً ينتاب العضلات ويرهق العظام. ولهذا النوع من التعب، علاج جلي واضح، على الرغم أنه غير سهل التطبيق، عنيت به ممارسة الإرادة.
أما تعب الاداء فهو أمر تتطلب معالجته مزيداً من الصعوبة بحيث ان المرء في هذا الحال، لا يتقاعس عن الشروع في العمل، وإنما يبدو قاصراً عن إنجاز المهمة التي يقوم بها، لأسباب لا يمكنه التغلب عليها مهما بذل من الجهد، فينتابه الفشل تلو الفشل، وتتراكم صدماته عليه ويتفاقم لديه، من جراء ذلك، عبء الشعور بالإجهاد العضلي.
فإذا كان التعب هو من نوع تعب البداية، فإن هنالك أحد حلّين:
إمّا أن تبدأ من الأسهل فالأصعب، وتلك طريقة أغلب الناس الذين يبحثون عما يريحهم. وقد لا تكون تلك طريقة ناجحة، حيث يبقى التعب كما هو مصدر إزعاج في مكانه ويضغط على الأعصاب.
وإمّا أن تبدأ بالأصعب، فتفكّ مشكلته. وهذا ما يوصي به رئيس تحرير دائرة المعارف البريطانية "مورتيمر آدلر"، من خلال تجربته الشخصية، فيقول:
عندما أشعر بأنني أتأبى القيام فوراً بعمل معين، وأحاول أن اتنصل منه، فأدسه تحت كومة من الملفات الأخرى التي يتعين عليّ أداؤها، فسرعان ما أبادر إلى إخلاء مكتبي من كل الملفات، ما عدا ملف هذه المهمة بالذات، واتصدى لإنجازها قبل سواها على الإطلاق.
فإذا شئت أن تتجنب "تعب البداية"، فعليك دائماً بالتصدي أولاً لأصعب المهمات. وعلى كل حال فإن أهم خطوة يجب اتخاذها لمعالجة التعب النفسي، هو ان نحاول اكتشافه، وهذا يتطلب ان نتخذ من التعب الذي يتعذر تعليله، ولا يعود أمره إلى سبب بدني، نذيراً يحملنا على رد هذا التعب إلى مصدره الحقيقي، فنجد في البحث عن الهزيمة التي نحاول سترها، ولا نبغي الاعتراف بها.
اضافةتعليق
التعليقات