قد يعنى النجاح لشخص ما الحصول على الوجبة التالية، أما بالنسبة لآخر فهو يعني وظيفة آمنة، أما لغيرهما فالنجاح هو التحرر من القلق.
والنجاح بصفة عامة، وبالنسبة لغالبيتنا، هو الوصول إلى أهدافنا وتحقيقها، والعيش في حالة من السعادة مع الحصول على احترام من حولنا .
لذا يجب أن تكون أنت القاضي والمحلفين عندما يتعلق الأمر بمعنى النجاح بالنسبة لك.
والنجاح بالنسبة لشخص ما قد يكون مختلفا بشكل كلي عن معناه بالنسبة لآخر، وقد اتضحت لي هذه النقطة تماماً بالمثال التالي، على الرغم من كونه مثالا محزناً.
كان "نيكولاس دارفاس" البالغ من العمر ٦٠ عاما فردا من ثنائي يرقصان معا ، وحققا نجاحا عالميا. كدس دارفاس ثروة شخصية تخطت المليون إسترليني ثم استثمر ماله بذكاء في سوق الأسهم الأمريكي فجمع مليونا آخر بعد ذلك ألف كتابا بعنوان How to make و
a Million on the Stock Exchange( كيف تجمع مليون جنيه من سوق الأسهم ) وهو ما أضاف عدة ملايين أخرى إلى ثروته المتزايدة.
عندما قابلته كان عزبا، ويتنقل للعيش ما بين فندق دورشيستر في لندن وفندق جورج في باريس، ووالدورف في نيويورك. لقد وجدته يشعر بالمرارة والحزن، كما أنه وحيد بشكل مأساوي. وعندما أشرت إلى ثروته الضخمة وتحقيقه لما يسمونه بـ"النجاح" في عصرنا الحالي وتناقض هذا مع شعوره بالحزن أشار إلى أنه مقارنة بـ "بيل جيتس" والإخوة "باركلي" وسلطان بروناي ودوق "وستمينيستر" فهو ليس ناجحاً فقيمته لا تساوي سوى مبلغ زهيد مقارنة بقيمة هؤلاء، والتى تقدر ببلايين الدولارات.
قد يبدو هذا المثال سلبيا، لكنني ألجأ إليه لأنه كان ذا عون كبير وأرشدني للوصول إلى مدى اختلاف اعتقاد الناس وفهمهم للنجاح.
إن النجاح والثروة والسعادة جميعها مضمون، هل ترى أن هذه العبارة أجمل من أن تكون حقيقة؟ نحن جميعا نولد بهذه الآمال العظيمة، وفي طفولتنا المبكرة لا يمكن التشكيك فى هذه الآمال أو تحديها، وبمرور السنوات وبعد تلك البداية الإيجابية يتم تكييفنا لنصبح سلبيين ومن ثم تتضاءل آمالنا.
وهذه الكلمات الثلاث ذات التأثير القوي (النجاح والثروة والسعادة) أصبح العديد من الناس يرفضونها بسخرية وتشكك، ويتم التعامل معها على أنها غير متاحة ولا يمكن تحقيقها أو الوصول إليها من قبل الجميع، ويرون أنها مقتصرة على الخاصة فحسب.
أما السعادة لنقوم بفحص الأسباب التي تجعل الناس سعداء بشكل أساسي، يتم الوصول إلى السعادة بطريقة من ثلاث:
الأولى: وجود شيء تتطلع إليه أو تترقبه.
الثانية: بالمشاركة.
الثالثة: جعل شخص آخر سعيدا.
التطلع إلى شيء ما
وجود شيء تتطلع إليه أو تترقبه، هل مررت من قبل بتجربة شراء سيارة؟ قد تكون السيارة جديدة أو مستعملة، وستصل سيارتك خلال ثلاثة أيام، وأنت تنتظر وتشعر بإثارة. يمضي يوم ولا يزال هناك يومان، فيزداد شعورك بالإثارة. أما اليوم السابق لاستلام السيارة فقد ترتفع درجة الإثارة إلى درجة تمنعك من النوم.
تصل السيارة الجديدة فى أول يوم تشعر بالطبع بالبهجة والاستمتاع والسعادة، وهناك الكثير من اللعب بملحقات وأدوات السيارة، وتعتني بالسيارة إلى أقصى حد للعمل على الحفاظ عليها نظيفة دائماً، ففي كل مرة تركنها وتمشي بعيدا عنها تنظر خلفك لتتأكد من أنها لم تتحرك !! بعد مرور أسبوعين كيف تشعر تجاه سيارتك ؟ بالطبع، لقد تغير أسلوبك تجاهها، فقد أصبحت الآن مجرد سيارة، إن الشعور بالبهجة نادرا ما ينبع من الامتلاك، بل هو ينبع من ترقب امتلاك شيء ما وينطبق هذا تقريبا على كل شيء، بدءًا من الإجازات ومشاهدة البرامج التليفزيونية، إلى مقابلة شخص نحبه، إلى انتظار ترقية.
اجعل شخصا آخر سعيدا
ان إسعاد شخص ما تقريبا يعتبر من المستحيل ألا تشعر بالسعادة عندما تتسبب فيها لشخص آخر، ومن المستحيل ألا تكون ناجحا بينما أنت تساعد شخصا آخر على النجاح، ولقد أثبت العديد من رجال الأعمال الناجحين سواء عن عمد أم لا أنهم بمساعدتهم للآخرين على تحقيق النجاح المالي، تزداد ثرواتهم بدورها.
وأنت طفل تظل تنتظر عيد ميلادك وأعياد رأس السنة لأن هذه هي أوقات المفاجآت والهدايا، وبنضوجك يأتى الشعور بالإثارة من إعطاء تلك المفاجآت والهدايا للآخرين.
امش فى الشارع وابتسم، ستكتشف الحقيقة الطريفة بأن الناس يبتسمون لك في المقابل لاحظ كيف يشعرك هذا.
كوالد أو كمدير ستجد أنه من الرائع أن تخبر شخصا آخر بأخبار جيدة يمكنك الشعور بسعادة كبيرة من هذا التمرين البسيط.
أيها الساخرون والمتشائمون لا ترفضوا هذه الأفكار احذروا، فالتخلص من هذه المبادئ الثلاثة أو التغاضى عنها سيضعكم فى موقف خطير للغاية قد يكون رد فعلكم الأول تجاهها هو التشكيك فيها، لكن عليكم أن تدركوا أن الفهم الكامل للسعادة هو واحدة من تلك المناطق الرئيسية التي يجب أن تركز فيها والمحزن أن هذه المبادئ لا يتم تدريسها في مدارسنا أو جامعاتنا، والأكثر من ذلك أن حتى الوالدين، حتى لا يمرران هذه المعرفة إلى نسلهما.
لذا، من الطبيعى جدا ومن غير المدهش أن تجد العديد ممن يرغبون في تحقيق النجاح يتحركون في اتجاه خاطئ تماما .
ساعد الآخرين وساعد نفسك
إن واحدة من أكثر الحقائق إدهاشا عن الأشخاص الناجحين هي أنهم نادرا ما يحققون النجاح بمفردهم فعادة ما يتم الوصول إلى النجاح بدعم وتشجيع وحماس ونصح الآخرين، إن العامل الأساسي للوصول إلى ما تبغى هو مساعدتك أولا لعدد كاف من الناس على تحقيق ما يريدون وهنا تكون لديك ضمانة مؤكدة بأنك لن تفشل أبدا في الوصول إلى النجاح.
المدير الناجح يدرك أن الإدارة تعني مساعدة الأشخاص على النمو والتقدم، وأنا عن نفسي أعترف بالبهجة والفخر اللذين أشعر بهما عندما يخبرني أحدهم بأن نجاحه وإنجازاته كان أحد أسبابها مساعدة بسيطة قدمتها له في إحدى المراحل. والطريق إلى النجاح بشكل تصاعدي هو أهداف، تخطيط إدارة الذات ( اللجوء إلى التصور - تجنب السلبيات - تحفيز الذات، التحكم فى الرفض - تخطى الانتكاسات) سلوكيات النجاح، بالاستمرار عليها ستكون محظوظا .
من أجل الوصول إلى النجاح الحقيقي (ربما يكون هذا النجاح هو الاستقلال المادي، أو الشعور بالأمان، أو النجاح في مهنتك، أو تحقيق إنجاز مذهل في رياضة ما عليك التأكد من أن أهدافك التي تود تحقيقها هي ما ستجعلك سعيدا بالفعل، وإلا سيكون العائد من تحقيقها ضئيلاً . عندما يتم ذكر النجاح على مدار هذا الكتاب ستجد أنه مرتبط بشكل جوهري بالسعادة فالنجاح بدون سعادة ليس نجاحاً على الإطلاق.
دعني أسألك، ما الذي تعتبره أكثر أصولك قيمة؟ هل يمكن أن يكون منزلك أو سيارتك، أو مدخراتك، أو ربما مكافأة التقاعد؟ الحقيقة هي أنه لا شيء من هذه الأشياء يمثل قيمة حقيقية.
أكثر أصولك قيمة هو "أنت"، وعقلك، والجميع يرغبون في أن تظل ممتلكاتهم وأشياؤهم الثمينة فى أمان.
لقد نشأت وأنا مؤمن بأن تحقيق الأمان ينبع من الحصول على وظيفة جيدة في شركة كبيرة. وطوال الثلاثة أرباع الأولى من القرن العشرين كان هذا المعتقد صحيحاً بالفعل، لكن فرص العمل أصبحت مختلفة إلى حد ما هذه الأيام الآن هناك القليل جدا من الوظائف التي يمكنك الاستمرار فيها حتى تبلغ سن التقاعد، والكثير من الأشخاص يدركون أنهم لا يمكنهم الاعتماد على أي وظيفة حالية أو مستقبلية لتوفير الأمان الذى ينشدونه على المدى الطويل.
إذا تقبلنا واقع أننا لم يعد بمقدورنا الاعتماد على الوظيفة طويلة الأمد لتحقيق الأمان، فسنتمكن من التركيز على حماية أغلى ممتلكاتنا، أنفسنا بفعالية وجدية، وعند العمل على هذه النقطة ستصبح حياتنا أكثر أمنا وأمانا ومتعة.
والمنطق السليم يقول لنا (إذا استغللنا ممتلكاتنا لأقصى إمكاناتها، فسيكون لهذا تأثير وتحول جذري في حياتنا).
منذ فترة سمعت قصة كان لها تأثير قوي على طريقة تفكيري، وسأحكيها لكم هنا: خلال فترة البحث عن الألماس في جنوب أفريقيا سمع فلاح ما عن الثروة الضخمة التى يمكنه الحصول عليها من وراء الالماس، لذا قام المزارع ببيع مزرعته ليذهب هو الآخر في رحلة البحث عن الالماس، وبعد عدة سنوات بدون تحقيق أي نجاح، أصبح المزارع يشعر بخيبة الأمل والإحباط وفي أحد الأيام وهو قمة في اليأس، رمى بنفسه من فوق أحد الوديان ليموت غريقا، وفي نفس الوقت كان الرجل الذى اشترى المزرعة منه يمشي فى قاع نهر جاف فتعثر في صخرة ذات شكل وحجم غير مألوفين، أخذ المالك الجديد الصخرة ليتم تحليلها فوجد أنها ماسة ذات قيمة عظيمة. بعد هذا بفترة قصيرة، تم اكتشاف أن المزرعة بأكملها مغطاة بصخور من نفس النوعية، وفى النهاية تحولت هذه المزرعة لتصبح واحدة من أغنى مناجم الالماس فى العالم كله.
نجد في هذه القصة حكمتين وهي :
كان على المالك الأول للمزرعة أن يقوم بخطوتين ضروريتين ليصل إلى الثروة التي كان يبغاها.
أولا: أن يعرف شكل وحجم الماس في حالته الأولية.
وثانيا: استغلال ما كان يملكه بالفعل.
يفشل العديد من الأشخاص في إعداد أنفسهم للتحديات والفرص الجديدة للوصول إلى الثروة والسعادة أما هؤلاء الذين يصلون لهما فتجدهم باستمرار يتعلمون ويتغيرون ويتطورون ويتدربون ويبحثون عن أفكار جديدة.
اضافةتعليق
التعليقات