عندما نتساءل عن وظيفة التذكيرات بخصوص ذاكرة الألفاظ أو ذاكرة الخطابات العرضية، فإننا نتوغل إلى ما وراء الوصف، نحو ما هو تكويني في خطاب الإخبار الإعلامي (بالمعنى الذي يعطيه إياه شارودو) ذلك أن وسائل الإعلام، وخاصة الصحافة المكتوبة، لا تقتصر على الإخبار، وعلى جعل الناس يعرفون وفي وسائل الإعلام "تتبنين المعرفة تبعا لاختيار النشاط الخطابي" الذي ننكب عليه من أجل رصد وقائع في العالم يمكن أن يقر قرارنا على أن "نصف"، أو "نحكى"، أو "نفسر" وخاصة في الأجناس التعليقية، عندما تساهم هذه الأخيرة في إفهام أسباب لماذا؟ كيف الأحداث: كيف وصلنا إلى هذا؟، تتساءل وسائل الإعلام أمام عدد ضحايا القيظ بفرنسا خلال صيف،2003، أو أمام الأحداث التي شهدتها "أحياء" بعض المدن الفرنسية في خريف سنة 2005. سنعالج هنا، إذن، طبيعة الذاكرة ودورها، مع إجمال مختلف أشكال التفسير الممثلة في عائلة الأحداث التي اتخذناها أمثلة، والتساؤل، بعد ذلك، عن طبيعة الترسّخ في الذاكرة والتذكيرات التي يلجأ إليها التفسير من التفسير التعليمي إلى التفسير العلمي، وحتى إلى هوامش التفسير، من تبرير وبناء استدلالي كل الأشكال المحصية من هذا الصنف تتوزع هنا بحسب مختلف الأجناس التي نعثر عليها على مساحة الصفحة.
تقودنا دراسة العلاقات بين الذاكرة والتفسير إلى التساؤل عن طبيعة ظواهر الترسّخ في الذاكرة والتذكير التي نعثر عليها في وسائل الإعلام: الذاكرة "المسجّلة"، الواعية أو غير الواعية، أم الذاكرة التي نلاحقها والتي نعيد بناءها؟ إن اشتغال الذاكرة أمر معقد بالفعل، وهو مكون، في الآن ذاته من تذكيرات قصدية أو غير قصدية، ومن نسيانات دلالية جزئية للمعاني، وللأوضاع، وللأحداث وما أن نتحدث عن وقائع العالم، حتى تُطرح كذلك مسألة معرفة ما هي الآثار التي بني عليها الترسّخ في الذاكرة: صور هي مدركة أم خطابات؟ ذلك أن الصحافة المكتوبة تنشر بدورها تمثيلات أم ألفاظ؟ أحاسيس أيقونية الصور الخطاطات الرسومات الصحفية، الوقائع المنقولة التي "تُرى" في الغالب"في التلفزة"، يمكنها أن تُستبطن متخذة شكلا مرئيا، وحتى على شكل ذكريات، تجربة عندما يتعلق الأمر بعاصفة أو زلزال أو مرحلة قيظ أو انفجار ويرتبط هذا بالطبع بالوقائع والأحداث المسرودة غير أننا قد نتساءل مهما كانت عائلة الأحداث التي نتخذها وسائل الإعلام تبنيها، في الذاكرات الجماعية غير أن الأصداء البين - خطابية التي تشكلها التلميحات المسجلة في الكلمات وفي استحضارات خطابات أخرى، لا تساهم فحسب في بناء بحالات ذاكرة على المدى القصير أو المتوسط أو الطويل، مسجلة بذلك الأحداث المنقولة في تاريخيتها.
فهي تبدو مشاركة أيضا في "معقولية" المعنى لأسر الأحداث هنا مثلا، المعنى الاجتماعي للخطر المرتبط بالحاجة إلى ضمان أمن المجتمعات الديموقراطية المتقدمة...
وهكذا، فالعلاقات عندما تقام بين الذاكرة والمعرفة والتاريخ، على الخيط الأفقي بواسطة الصيغة التفسيرية، الإعلامية، تساهم أيضا في التوجيه الاجتماعي للخطاب موضوعا للدراسة إن كانت الذاكرة دائما من عمل الخطاب، أم إن هناك أن أشكالا أخرى من الآثار التذكرية، أي من التمثيلات غير التمثيلات اللفظية التي تلجأ إليها وسائل الإعلام. وفي إطار سوسيولوجيا معينة للذاكرة، يمكننا أن تتساءل أيضا بأي طريقة تسهم الذاكرة البين-خطابية، التي يبدو الذريعي (وحتى في الحجاج) للأجناس التعليقية.
اضافةتعليق
التعليقات