في شهر رمضان نجلس على مائدة الغفران الإلهي التي ننتفع من مناهلها إلى الأبد، الموائد الرحمانية التي تعطيك مقابل صلاة أربع ركع في الليلة الأولى منه أجر الصديقين وسيد الصديقين رسول الله صلى الله عليه وآله.
أجور هذا الشهر تختلف عن باقي الشهور كأن كرم الله يتجلى في هذا الشهر. وهل تعتقدون أن ولادة كريم أهل البيت في هذا الشهر الكريم محض صدفة؟ نحن على يقين أن ولادته في هذا الشهر هو تخطيط إلهي من رب كريم أن يولد سيدٌ كريم في هذا الشهر الكريم فيُضيف للكرم هيئة تتجلى بهِ.
يقول الإمام علي عليه السلام عن ابنه الحسن عليه السلام: (وجدتك بعضي بل وجدتك كلي حتى كأن شيئا لو اصابك أصابني وحتى كأن الموت لو أتاك أتاني فعناني من أمرك مايعنيني عن أمر نفسي).
إنها قضية عقائدية وليست قضية حب فقط، فعن النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم (الحسن والحسين امامان إن قاما وإن قعدا) إنها ليست قصة حب الجد لأحفاده فعندما نسمع أحاديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن الامام الحسن عليه السلام نرى أن عمره الشريف كان في الثالثة أو الرابعه أو حتى السابعة من عمره فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى.
إنها قضية عقائدية أراد نبينا أن يؤسسها فينا، وقول الامام الحسين عليه السلام لأخته زينب عليها السلام في عاشوراء: (واعلمي أن أهل الأرض يموتون، وأهل السماء لايبقون، وأنّ كل شيء هالك إلاَّ وجه الله تعالى، الذي خلق الخلق بقدرته، ويبعث الخلق ويعودون إليه، وهو فرد وحده، وأبي خير منّي، وأمِّي خير منّي، وأخي خير منّي، ولي ولكلِّ مسلم برسول الله صلى الله عليه وآله أسوة).
عندما قال الإمام أخي خيرا مني فالإمام معصوم في كل حركاته وسكونه هي حجة وهو يعرف مقام أخوه عليه السلام.
كان الإمام الحسن عليه السلام في علمهِ أعلم أهل زمانه بعد جده وأبيه، في أخلاقه أفضل أخلاق أهل زمانه وليست صيغة مبالغة لأن من يعينه الله هو معجزة بحد ذاته وكان الإمام عليه السلام شديد التواضع ففي ذات يوم مر من طريق ووجد بعض الأطفال يلعبون قد افترشو الأرض وعليه بعض الخبز فدعوا الامام للجلوس معهم، فانظروا إلى تواضعه رغم مشاغله ورغم مسؤولياته ورغم أن الأطفال لا يعرفون حقا من يكون الإمام الحسن لكن الامام يعرف نفسه، يعرف أنه سليل النبوة فقبل دعوتهم ودعاهم أيضا إلى منزله هذه صورة من صور تواضعه.
هو الإمام الصبور، هو الكريم، كريم أهل البيت فعل شيئا لم يفعله أحد فقد خرج من ماله مرتين أنفق كل ماعنده في سبيل الله وقاسم أمواله ثلاث مرات والكثير من عطائه، كرم الإمام لا تستطيع عقولنا إدراكه، هو الإمام الشجاع منذ صغره شجاعة ذرية بعضها من بعض في بداية خلافه ابي بكر كان يخطب وهو جالس على منبر رسول الله فدخل الامام الحسن فلم يجد أباه علي ابن أبي طالب على المنبر فجاء إليه وقال انزل، انزل من منبر أبي واذهب إلى منبر أبيك.
فما أعلمك وأكرمك وأشجعك وأصبرك وأجمل وجودك سيدي ياحسن بن علي.
إن أحسن الحسن الخلق الحسن
هذا شهر التغيير، هذا الشهر الذي نطلب من الله في أدعيتنا؛ ربِ طهر قلبي من النفاق والشك والسمعة والحسد، هذا شهر العطاء، هذا شهر الله وهو واسع كريم، فلنطلب من الكريم بحق الشهر الكريم والسيد الكريم أن يكون انطلاقة لتغيير دواخلنا، تغيير قلوبنا، تغيير نفوسنا.
اضافةتعليق
التعليقات