يمر العراق اليوم بفترة سياسية مختلفة مقارنة بالسنين التي مضت خصوصا بعد التدهور الأمني الذي عاشه خلال الفترات السابقة من غزو داعش واستفحال الإرهاب، الاّ انه شاهد تكاتف عظيم من قبل أبناء شعبه وولادة الحشد الشعبي الذي مثل مصدر أمني مهم وقوة كبيرة للعراق بجانب الجيش.
ومع كل فترة انتخابية يمر به البلد نأمل فيها صعود وجوه جديدة الى الساحة السياسية تتحلى بالصفات الحقيقية للرجل السياسي الذي هدفه خدمة وطنه وشعبه، ليعلن ولادة جديدة لعراق جديد، الاّ ان امالنا لا زالت ترسو في ميناء الفشل، اذ ان الوجوه الكريمة التي تتسلم زمام أمور البلد قليلة جدا مقارنة بالوجوه التي لا تريد من المنصب الا المال والمصلحة!.
ولأن الشعب العراقي لازال يدور حول نفسه في مسألة اختيار المرشح المناسب بسبب قلة وجود الشخصيات التي تستحق القيادة، فأن غالبا ما تتم عملية الانتخاب بطريقة فردية ووفق ضوابط المواطن الشخصية دون أي توجيه حقيقي.
ولأن الوطن اليوم يحتاج الى شخصيات متكاملة تستحق الانتخاب واستلام المناصب السياسية ولأن الصفات الانسانية لا تتواجد في الشخص الاّ اذا ما صقلت روحه بتعاليم الإسلام السامية وعرف الشرائع التي وضعها الله وميز الحق من الباطل وعرف حقوق الشعب وما له وما عليه اذن من المنطقي ومن المهم جدا ان يتميز الشخص المرشح بالوعي السياسي والديني في الوقت ذاته وان يكون وليد المؤسسات الدينية والحوزة العلمية، عن طريق ربط الحوزة العلمية بالدراسة الاكاديمية او تعيين مدارس وجامعات اكاديمية خاصة بالحوزة العلمية تستقبل طلبتها وتعمل على تدريسهم علميا ودينيا ليتخرج منها سياسي متدين، كما ان الامر لا يقتصر على السياسة فقط بل يمكن تخريج طبيب متدين وقاضي إسلامي وموظف نزيه.. الخ اما بالنسبة للجانب السياسي فيتم ذلك بتبني الحوزة العلمية اشخاص قيد النضوج تعمل على تكوين شخصيتهم وتربيتهم وفق المشروع الإلهي في المدارس والجامعات.
وبعد تأهيلهم جيدا يتم استبدال الشخصيات التي تمثل الدين الموجودة في الساحة بشخصيات دينية حقيقية تربت في كنف الحوزة، وعرفت مسؤولية الفرد السياسي تجاه بلده وشعبه وتعمل الحوزة العلمية على تعليمهم أكاديميا ليخرجوا الى المجتمع كشخصيات سياسية تمتاز بالوعي الديني المتكامل وبعد ضمانهم أخلاقيا وعلميا ودينيا يطرحون الى ساحة الترشيح بتوجيه من الحوزة العلمية الى الشعب على ان هذا الشخص هو الشخص المناسب للقيادة السياسية، ومتابعته خطوة بخطوة قبل المرحلة وبعدها، والتكفل بكل القرارات والنجاحات والاخفاقات التي ستحصل.
وفي كل الأحوال صعود هذه الشخصيات التي كبرت في حضن الحوزة العلمية سيضمن استجابتهم للتوجيهات التي تصدر من مكتب المرجعية حول العملية السياسية وانصاف الشعب والخدمات وما الى ذلك.. عوضا عن الفشل الذي يحصل في مؤسسات الدولة وعدم الاصغاء للتعاليم الصادرة في خطب الجمعة، لكون الشخصيات الموجودة حاليا غير مدركة لأهمية التوجيهات التي تصدر اذ ان وعيها السياسي المعلب يمنعها من التحرك الذي يرضي الله ويعود بالفائدة على الشعب والوطن، فبذلك لو كان السياسي ملم بأمور الدين وعرف الحلال من الحرام وخاف الله بشعبه ووطنه وفي نفس الوقت متعلم وعلى دراية تامة بدهاليز العملية السياسية بالتأكيد سيعرف كيف يقود البلد نحو الازدهار والتميز.
فلو كنّا نملك قضاة تخرجوا من الحوزة العلمية وكانوا مضمونين هل كانت هنالك احكام باطلة تصدر من المحاكم؟ او لو كنا نملك مهندسين كان لهم ارتباط عميق بالدين وجوهرهم مصقول بتعاليم الإسلام الحنيف هل كانت هنالك مشاريع تسرق او تنفذ بطريقة خاطئة؟ وهل كان هنالك سياسيين يسرقون أموال الشعب؟.
بالتأكيد لا، لأن الدين يلعب دوره في تكوين شخصية الفرد ويبين سبب وجوده واهداف خلقه، فبذلك يعرف الانسان حقوقه وواجباته تجاه نفسه وبلده وشعبه ويضع الله نصب عينيه في كل خطوة يخطيها في عمله..
ولأن العراق يحوي على مكونات قومية ودينية كثيرة لا يفرض ذلك تبديل النظام انما استغلال المقاعد التي تعود الى الإسلاميين الى أناس يستحقونها بجدارة، وعندما يكون الشخص المناسب في المكان المناسب ويقوم السياسي الإسلامي بدوره كما يجب وكما يرضي الله سيعرف الناس وحتى غير المسلمين حقيقة الدين الإسلامي في تسيير حياتهم وكم هو قانون انساني حقيقي وضع ليرتب حياة البشرية وينظم امورهم وكم هو دين سمح وعادل، وسيتجهون اليه وينجذبون اليه بمحض ارادتهم لأنه سيلبي احتياجاتهم الفردية والجماعية.
ولكن حاليا ومع بالغ الأسف هنالك شخصيات عكست الإسلام بصورة خاطئة من خلال تصرفات ومصالح دنيوية، واقولها مع بالغ الأسف مرة أخرى انهم انحسبوا على الإسلام، الاّ انهم لا يمثلون الحقيقة الإلهية التي جاء بها الرسول، ولو تبنت الحوزة العلمية مشروع التداول السلمي وصنع الشخصيات السياسية في الساحة العراقية، وسترجع ثقة الناس بالسياسيين الذي يتبنون فكرة الإسلام لأنهم بكل بساطة سيرون وجه الإسلام الحقيقي.
اضافةتعليق
التعليقات