يعد استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لساعات طويلة سلوكا مرضيا، وفقا لرأي بعض الباحثين، فما الفارق بين استخدامها بشكل آمن والإدمان المرضي لها؟
في العادة، لا يشعر مَن حولنا بالقلق عندما نصف أنفسنا بأننا "مدمنين لمواقع التواصل الاجتماعي". فهذا وصف يرد بشكل متكرر في التعريف الشخصي الذي يكتبه بعضنا عن نفسه على مواقع مثل تويتر وإنستغرام.
وإذا أضفت هذا الوصف للتعريف بشخصيتك على موقع لينكد إن، فربما تجد اهتماماً بك من وسائل الإعلام وشركات النشر التي تبحث عن مولعين بالمعرفة الرقمية. لكن تخيل لو أن هذا الوصف أصبح ذات يوم تشخيصا لمرض نفسي؟
فهناك أبحاث تدرس بشكل جدي ما إذا كان الاستخدام المفرط لوسائل التواصل الاجتماعي قد يعد مرضا، وبالتالي يُشخص بأنه اضطراب في الصحة العقلية.
هناك مؤسستان تحظيان بالاحترام تعرفان ما هو الاضطراب العقلي، وهما منظمة الصحة العالمية، والجمعية الأمريكية للأطباء النفسيين.
وأي إدعاء بالإدمان يحتاج إلى توافر معايير محددة قبل أن يمكن اعتباره مرضا، وهناك حاجة إلى أبحاث كثيرة تؤكد ذلك. وفي يناير/كانون الثاني هذا العام، أعلن رسمياً أن إدمان ألعاب الفيديو - وهي مشكلة قديمة قدم شبكة الإنترنت ذاتها - سوف تُصنفه منظمة الصحة العالمية كنوع من الاضطراب العقلي.
المثير أيضا في هذا التصنيف للإدمان هو أن مارك غريفيث، الباحث بجامعة نوتنغهام ترينت وأحد الخبراء الذين يبحثون في هذه المسألة منذ عقود، يبحث أيضاً إدمان القمار والإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، مثل فيسبوك، وتويتر، وإنستغرام.
ويعتقد غريفيث أن البعض قد ينهمك في استخدام مواقع التواصل الاجتماعي لدرجة أنهم يهملون أي شيء آخر في حياتهم، وهو ما قد يؤدي إلى إدمانهم مثل هذه المواقع.
وقد توصل غريفيث من خلال أبحاثه إلى أن إدمان مواقع التواصل الاجتماعي، يحمل جميع المؤشرات السلوكية التي نربطها عادة بأنواع أخرى من الإدمان، مثل إدمان التدخين والكحوليات. وتتضمن هذه المؤشرات التقلب المزاجي، والعزلة الاجتماعية، والتناقض، والانطواء.
والمهم هنا هو ما إذا كان الشخص باستطاعته التفريق بين الاستخدام الصحي لوسائل التواصل الاجتماعي، وبين التعلق بها بطريقة تؤثر سلبياً على حياته.
يقول غريفيث: "يمكننا أن نضرب مثلا بألعاب الفيديو، فقد التقيت بكثير من الأشخاص الذين يستخدمون ألعاب الفيديو بشكل مبالغ فيه".
ويضيف غريفيث أنه لم تظهر سلبيات أو مشاكل ذهنية معروفة في حياتهم. فإذا كانوا يمارسون ذلك منذ عامين مثلا، فربما كانت ظهرت عليهم أعراض مثل السمنة، أو ربما كانوا أصيبوا ببعض المشاكل الصحية بسبب كونهم خاملين ولا يتحركون من مقاعدهم.
فالحماس في ممارسة لعبة ما قد يطيل العمر، أما الإدمان فينقص العمر بسبب أعراضه المرضية.
لذا، طالما أن اللعب المتحمس لا يؤثر على عمل الشخص وعلاقته الشخصية بالآخرين، فلا داعي للقلق.
كما إن وضع حدود زمنية لاستعمال وسائل التواصل الاجتماعي يعتبر بالنسبة لغريفيث "مسألة غير مهمة. فيمكن أن يكون لديك شخصان يفعلان أشياء متطابقة، وظروف كل منهما تجعل هناك فرقاً كبيراً في نتائج ما يقومان به، فمثلاً لو كان لدى أحدهما وظيفة وشريك حياة وطفلان، فتأثير الوقت الذي يقضيه في استخدام الإنترنت يختلف عن شخص ليست لديه وظيفة أو أسرة".
هذا يعني أن الوقت الذي يقضيه أحدنا أمام الشاشة ليس بالضرورة معياراً دقيقاً لقياس ما إذا كنا نستخدم منصتنا المفضلة بطريقة صحية وصحيحة. وعندما أجرينا استطلاعاً لمستخدمي موقع "بي بي سي" على تويتر حول ما يمكن أن نعتبره "وقتا مبالغا فيه" نقضيه في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، فلم يكن هناك إجماع كبير حول وقت معين.
وبالطبع كانت نتائجنا معتمدة على عينة مختارة بشكل شخصي، ولذلك لا تمثل الجمهور العريض من الناس، لكنها كانت مثيرة للانتباه رغم ذلك. حسب بي بي سي.
اضافةتعليق
التعليقات