عندما خلق الله الإنسان جعل فيه غرائز طبيعية تساعده على العيش، ومن أهم تلك الغرائز حب التعارف بين البشر وتآلف بعضهم ببعض، وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) (1)، فالتعارف بين الناس ضرورة حتمية يسعى إليها البشر مثل الأكل والشرب، ولا ينكر أحد في عالمنا الحالي أهمية وجود شبكات التواصل الإجتماعي التي أصبحت تقرب بين القاصي والداني وتجعلنا نشاهد أشخاصاً في بلاد بعيدة بالصوتِ والصورةِ بالإضافةِ إلى تتبع جميع الأخبار التي تدور من حولنا حيث أصبحت المعلومة تصل إلى الشخص من خلال هاتفه المحمول أسرع من قراءته لها بالصحفِ أو مشاهدته لها عبر التلفاز ولم تعد تلك الهواتف مقصورة على أعمار معينة، فنلاحظ إستخدام برنامج التواصل الإجتماعي من قِبل الأطفال والناشئة والمراهقين والشباب، ونظرا لإستخدام جميع أفراد المجتمع لوسائل التواصل الإجتماعي نلاحظ تأثيرها على الصحة النفسية والجسدية والسلوك الإجتماعي لدى جميع أفراد المجتمع.
التأثير الإيجابي لوسائل التواصل الإجتماعي:
اولا: وسيلة تسويق ممتازة، حيث تساعد رجال الأعمال بالتواصل مع عملائهم بحيث تصل لأرباحها مجانا من خلال فيسبوك، انستقرام، تويتر، ومواقع تواصل الإجتماعي الأخرى.
ثانيا: تنمي المهارات الفردية، نظرا لوجود شعبية كبيرة في وسائل التواصل الإجتماعي لكثير من الكتاب والشعراء مما يعطي حافز كبير للناس بالإبداع في كتابة المقالات والمشاركة بالخبرات مما يزيد من متابعيهم، ونجد البعض قد طور من مهاراته في الكتابة بتحفيز من متابعي التويتر مثلا وذلك بدوره يساعد على تطوير اللغة لإظهار قدراتهم اللغوية كجزء من التميز عن الآخرين، وتطور في مهارات التصوير بسبب تشجيع ومساندة أصدقاء انستقرام او تطور في مهارات الانتاج والاخراج من تشجيع مشاهدي اليوتيوب، وذلك بدوره يساعد على بناء الثقة بالنفس وخاصه بين الشباب الأكثر خجلا، "استبيان شارك فيه اكثر من 1000 من الشباب، قال 28ان شبكات التواصل الاجتماعي جعلتهم اكثر ثقة في أنفسهم مقابل 5 قالوا انها جعلتهم يشعرون بمزيد من الخجل. ويعزى ذلك الى ان استخدام معرفات مجهولة داخل شبكات التواصل يكسر حاجز الخوف من الفشل وجعل الانسان اكثر اقداماً، وعند تحقيق نتائج ايجابية يسعى لاستخدام المعرف الحقيقي وذلك لاكتسابه الثقة بنفسه"(2).
ثالثا: رفع مستوى الثقافي، نظرا لدخول الأطباء والمختصين في جميع المجالات العلمية والأدبية وطرحهم للمعلومات وخبراتهم بجرعات خفيفة وقصيرة ومركزه أدى إلى رفع مستوى الثقافي لعامة الناس.
رابعا: تقوية العلاقات الإجتماعية، التحفيز الذي تصنعه شبكات التواصل الاجتماعي لرغبة الشباب وقدراتهم على التواصل مع الاخرين أثر وبشكل كبير وإيجابي على حياتهم الواقعية.
"اثبتت الدراسات ان 54 من الشباب المستخدمين لشبكات التواصل الاجتماعي قالوا انها اثرت ايجابيا، وزادت من تفاعلهم في الحياة الواقعية مقابل 7 قالوا خلاف ذلك". (3)، ولشبكات التواصل الاجتماعي فضل في تقوية أواصر العلاقات الأسرية والاجتماعية سواء تباعد افرادها أو تقاربوا، فالمجموعات في برامج المراسلات السريعة، كتلجرام وواتساب أدت الى ردم القطيعة بين افراد الاسر والاصدقاء، مما يعد من اكبر فوائد شبكات التواصل.
التأثير السلبي لوسائل التواصل الإجتماعي:
الادمان على مواقع التواصل الإجتماعي والقضاء لساعات طويلة مما يسبب تحويل التركيز والانتباه إلى موضوع محدد، وقد تسبب في تسرب المعلومات الشخصية، ونظرا لسهولة استخدام وسائل التواصل الإجتماعي قد نجد افراد يعانون من مشاكل نفسية، ليس بالضرورة مرَضية تعوقهم عن التعبير بالكلام والمواجهة اللفظية، ومواقع التواصل الاجتماعي وسيلة مثالية وسهلة للتعبير عن آرائهم بحرية حيث وجدوا ضالّتهم بالكتابة لإيصال وجهات نظرهم بطلاقة، وليس بالضرورة أن تكون وجهات نظر منطقية أو مقبولة اجتماعيّاً، فهذه المواقع وفّرت إمكانية التنفيس عن المشاعر المكبوتة بصرف النظر عن ماهيتها، ولكن من جهة ثانية أدى اللجوء إلى هذه الوسائل إلى الانعزالية والتوقّف عن المشاركة في الأنشطة الاجتماعية والرياضية والتلاقي مع أفراد الأسرة، خاصة مع توافر هذه المواقع الآن في أجهزة الهواتف المحمولة، إلى درجة أنه أصبحت هناك حالة من الإدمان، "ويمكن القول إنّ من يتابع هذه المواقع لأكثر من 5 ساعات يوميّاً متواصلة فهو مدمن." (4)، وللأجهزة تأثيراً في صحة الأطفال كأمراض التشنُّج في عضلات العنق والسمنة والعزلة والكسل والخمول الجسدي والفكري فضلاً عن مشاكل في العين، كما أن معظم الألعاب المستخدمة من قبل الأطفال والمراهقين لها آثار سلبية جدّاً، والآثار السلوكية فتكمن في الميول إلى العنف والعدوان وتقمّصهم لشخصيات الألعاب التي في أغلبها شخصيات سيّئة كسارق أو قاتل.
الحلول لمشكلة إدمان الأفراد على وسائل التواصل الإجتماعي
استخدام وسائل التواصل لإجتماعي مع التقنين، لا يخفى أن دور الأهل في التخفيف من سلبيات التواصل الاجتماعي والحد من آثاره الخطرة دور بارز وأساسي، بل لعلّه اليوم أولى من أي دور آخر لأن التواصل الخاطئ غالباً ما يتمّ بين جدران المنزل، وأهمية أن يقوم الوالدان بتنظيم وقت أبنائهم في استعمال هذه الأجهزة والتحكم في نوعية البرامج أو الألعاب التي يتفاعلون معها، والتوعية والتنمية والوازع الديني تساعدان في بناء سور واق للأبناء من مشكلات العصر من خلال تفعيل الأنشطة الدينية واللقاءات الهادفة والمطالعات الجاذبة، والرقابة أفضل طريقة لحماية الأبناء من شبكات التواصل الاجتماعي.
وتوجيه الأبناء وتقديم النصيحة وتقبّل الأبناء لها من خلال التقارب العاطفي في الأسرة الذي يساهم في تقبّل التوجيه والنصيحة، ثم تحذيرهم من جميع الأخطار المحيطة بهم وتبصيرهم بما تحويه المواقع من ممارسات منافية للدين والأخلاق وقد يساعد التركيز على القراءة والنوادي الرياضية التخلص من الإدمان برامج التواصل الإجتماعي.
اضافةتعليق
التعليقات