واطبقت الزهور اوراقها وارتعشت قليلا ثم ماتت على وجهها، حزن عميق لاتفسير له، قبل ايام انتشر في مواقع التواصل الاجتماعي هاشتاك بعنوان: فضيحة!، كان يتمحور حول فتاة، وتلك الحكايات التي باتت ليست بغريبة فكل يوم تنحر فتاة بخطيئات كثيرة، وربما تجبر على نهاية لم تكن تتمناها .
ثم ان ذات الفضيحة نشرت في احدى مجموعات الجامعة اي الطبقة المثقفة التي كان يجب عليها ان تكون اول الرافضين لنشر هكذا فضائح، وهاشتاك فضيحة بحد ذاته كان هو العنوان الذي يبحث الكثيرون عنه للحصول على تفاعل في منشوراتهم او متابعة، لكن هل هناك من فكر ان لو كان كل شيء توقف عندي لكانت هذه العائلة تداركت الموضوع في ما بينها ولم تصبح حديث العالم واصبحت وصمة عار على جبينها.
بل العكس سرعان ماتفاعل الجميع مع الموضوع وبدأ بمشاركة الصور والفديوهات وكأنهم يفتخرون بهكذا نشر، حتى ان احدهم اردف قائلا: انا املك جميع الفديوهات والصور، ثم كان الرد من الشخص الاخر ان اريد الاطلاع عليهم ثم سأهم بحذفهم، لكن لو كان الفديو والصور تخص عائلته هل يقبل ان يقول هكذا!.
كل شيء يبدأ منا، التغيير يبدأ من ذات الشخص لربما هناك خطوات بسيطة لو قمنا بها ضمن مواقع التواصل لكانت توقفت هكذا فضائح، والفضيحة في أبسط تعريفاتها هي تجاوز يطعن المجتمع في أخلاقياته ومعتقداته، ولكن ذلك التجاوز الأخلاقي يظل مسألة نسبية لخضوعه لتغير الزمان والمكان.
فبعد انتشار أجهزة التصوير والتي أصبحت متداولة لدى الغالبية، سواء كانت كاميرات رقمية أو هواتف نقالة وبالرغم مما لها من فائدة في أخذ لقطات للذكرى، إلا أن سوء استخدامها بات يسبب المشاكل والإزعاج للناس، ولعل أهم نقطة إزعاج تتمثل في التقاط صور للغير بدون استئذان وخاصة في الأعراس والمناسبات العائلية والاماكن العامة وبسبب الفضائح التي تعرض لها البعض بسبب الصور والفديوهات الخاصة صارت الحيطة والحذر علامة مميزة في مجتمعنا، حيث عمدت أغلب العائلات إلى حظر التصوير العشوائي مخافة تسرب الصور العائلية والخاصة عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
فما يحدث الان انه لاتكاد تحدث فضيحة اجتماعية كانت ام اسرية ام اخلاقية في المجتمع إلا وترى التسابق المحموم بين أغلب فئات المجتمع على نشر الخبر والتحدث عن تفاصيل الفضيحة وكأنها بشرى سارة لاتلبث ساعات حتى اصبحت كعلكة في اضراس المجتمع والتعمد بشكل عجيب إلى الزيادة والافتراء والبهتان في كثير من الأحيان قبل انتهاء التحقيق ومعرفة ملابسات الحدث الحقيقي، فالبعض يلوك الفضيحة بين شفتيه ويتحدث عنها بلذة غريبة وكأنه يأكل قطعة من الشوكلاتة ويستطعم بها لابل يقدمها للجميع برحابة صدر منه متناسين ان تتبع أخبار الناس والتجسس عليهم محرم ، كما قال الله سبحانه:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ).(سورة الجحرات/ اية 12).
فإن كل سر يؤدي إفشاؤه الى الفساد سواء على المستوى الفردي أو الاسري او الاجتماعي فهذا السر يجب كتمانه من باب حرمة الإضرار بالنفس أو الآخرين أو إيذائهم فلا يعطى هذا السر إلى من يمكن أن تترتب على إعطائه له تلك ، ولاريب في كون هذا الامر انه سوف يؤدي الى المساعدة على نجاح المؤمنين في اعمالهم العامة الاجتماعية والدينية، مما يؤدي الى توفير الكثير من الاجواء والامكانيات والعوامل التي تساعد الكثيرين على الأخذ بسبيل التوجه نحو بناء النفس وتهذيبها والسير في طريق القرب الالهي ومايدعو اليه الله عز وجل.
وعن الامام علي (ع): "ليس كل مكتوم يسوغ إظهاره لك ولا كل معلوم يجوز ان تعلمه غيرك".
كما إن انتشار السر فيه مخاطر عديدة فقد جاء عن الامام الصادق (ع) في تفسير قوله تعالى: {و يقتلون الانبياء بغير الحق} انّه قال: "أما و الله ما قتلوهم بأسيافهم ولكن أذاعوا عليهم وأفشوا سرهم فقتلوا".
من هنا كان على الانسان المؤمن الذي يهتم بتربية نفسه وبناء شخصيته وعليه أن يراعي مسألة حفظ اللسان عن الحرمات والتي من ابوابها عدم مراعاة كتمان السر وقد اشار الامام الصادق (ع) الى بعض موارده حيث قال: "لا ترموا المؤمنين ولا تتبعوا عثراتهم فإن من يتبع عثرة مؤمن يتبع الله عز وجل عثرته ومن يتبع الله عز وجل عثرته يفضحه في بيته"، فمن يستره الله لا نكن نحن من يفضحه فقانون الكون يدور حول كما تدين تدان .
كيفية الحد من الفضيحة عبر مواقع التواصل:
1-عدم مشاركة هكذا مواضيع، فهي بحد ذاتها تحط من مقدار الشخص، والابتعاد عن نشر اي صور لفتيات لسنَ معروفات فربما تلك الصورة كانت تحت مخالب ثعلب مكار اكتفى من لعبته.
2- عمل بلاغ على الصفحات التي تقوم بنشر هكذا مواضيع ومنها سيتم الحد من هذه الظاهرة، كقول الشاعر:
واحفظ لسانك واحترز من لفظه * فالمرء يسلم باللسان ويعطب.
اضافةتعليق
التعليقات