التقيت بصديقتي منذ أيام الإعدادية وتذكرنا تلك الأيام الجميلة الهادئة وقد مرت سنوات على لقائنا وقد شارفت هي على التخرج من كلية التقنيات الطبية وراح الحديث إلى أن وصلنا إلى الزواج والخطبة وهذه التفاصيل فقالت إن عدة أشخاص خطبوني كانت موصفاتهم عادية خريج معهد أو اعدادية لكن الغريب هو طلب الأمهات متكرر وغريب (اريدج تسويلة واهس حتى يدرس) عندما تكررت العبارة تساءلت كثيراً فيما إذا كانت تريدني زوجة لابنها أم مُدرسة له؟ كي أحثه على الدخول في السلك الأكاديمي الجامعي، وهل هذا هو المغزى من الزواج نفسه؟
استمر الحوار ضمن سياق الاستغراب من وضع المجتمع والتغييرات الطارئة على مفهوم الزواج بحد ذاته فالرجل أو الشاب يبحث عن المرأة القوية المستقلة كي يتكل عليها مادياً ويفضل الزواج من الموظفة أكثر من غيرها كي تحمل جزء من واجبه الأساسي وهو توفير المصدر المادي للبيت وبقينا نتحدث حول هذا الموضوع إلى أن انتهت الجلسة.
عدتُ للبيت أتأمل الموضوع بكامل مفاصله من مسبباته وصولاً الى النتائج النهائية له، لو نظرنا إلى العمق فإنها مجوعة من الأسباب تبدأ منذ جذور التربية ونعومة أظافر الطفل الذكر بأنه رجل البيت يبجلوه فيما إذا كان الذكر الوحيد بين مجموعة من البنات، فأمه تعد له الطعام وأخته تجهز ملابسهُ وكل احتياجاته حتى لو كان شخص عديم الفائدة باللغة العامة عطال بطال.
ثم يكبر قليلا ليصبح مراهقاً كسولاً اتكالياً مغرور يتعامل مع أخواته البنات بنظرة دونية أو نظرة على أنها أضعف منه، لينج من المتوسطة بالدفعات والحث والدعم الكبير إضافة إلى الاغراءات من الأب ثم يصل إلى السادس الاعدادي ينام فيه عدة سنوات لينجح بعدها بمعدل بائس عند هذه اللحظة يخلقون الأهل له عملاً بالواسطة بعيداً عن فقدانه لكل المؤهلات ويصنعون له بيتاً ليزوجوه خريجة جامعية ويفضلون اختيارها من أقسام ذات التعيين أو يمكن أن تتوظف ولها راتب.
وهذه الزوجة المباركة مطلوب منها أن تعيد صياغة حياته لتصنع شخصاً مفيداً من ابنهم المبجل ذو الخمس والعشرين عاماً أو أكثر، كأنه طبق رئيسي في مطعم قابل للتغيير ببساطة وسهولة وترمي الأم مسؤوليتها الكبيرة التي قصرت فيها بصناعة شخص مفيد صالح لأن يكون أباً أو زوجاً قادراً على أن يفتح بيتاً ويتحمل مسؤولية الأطفال.
وهذا التقصير من الأم يؤدي إلى تحميل الزوجة أكبر من طاقتها ومسؤوليتها بالتالي يتم استنزافها من كل الجهات فتكون هي صاحبة مصدر الدخل والأم تلبي متطلبات البيت من التنظيف والطبخ وغيرها من المسؤوليات الإضافية على حساب أن تكون متزوجة غير عانس، هذا الضغط الكبير يؤدي إلى هرم مبكر للأم وانهيار صحتها واصابتها بالكثير من الأمراض ليقوم الزوج بالتزوج عليها لأنها باتت نافذة الصلاحية وغير ملبية لمتطلباته، حتماً هذا الكلام لا يشمل الكل لكنه واقع في نسبة كبيرة من العوائل التي تعيش ضمن هذا النطاق فالأب هو ديكور والأم هي كل شيء حتى ينتجوا أطفالاً معقدين نفسياً لم يفهموا معنى العائلة بجماليتها وهذا يعود لسبب رئيسي سوء التربية وعدم تعريف الذكر بمعنى الرجولة وجعله رجلاً حقيقياً.
اضافةتعليق
التعليقات