الكوابيس والأحلام السيئة ليست مجرد ترجمة لما نعيشه من ضغوطات، بل قد تكون مؤشرا على مرض خطير يصيب الدماغ. هذا ما كشفته دراسة جديدة.
لطالما شكلت الأحلام مجالا خصبا للدراسات والأبحاث، وعلاقة ذلك باللا شعور وبالأحداث التي تقع لنا وكذلك بتطلعاتنا. وهناك من يزعم أنه يرى أمورا في أحلامه تتحقق في المستقبل، بينما ننسى بسرعة أحلاما كثيرة ومنها ما لا يتذكره الواحد منا عند استيقاظه.
دراسة جديدة كشفت أن الأحلام يمكنها كشف الكثير من المعلومات عن صحة الدماغ، خصوصا عندما يتعلق الأمر بالكوابيس التي تدفعك إلى الاستيقاظ فزعا، أو حتى الأحلام السيئة التي لا تمنعك من الاستمرار نائما.
الدراسة نُشرت على منصة eClinicalMedicine journal وأعدها الباحث في قسم الأعصاب بجامعة بيرمينغهام البريطانية، أبيدمي أوتايكو، الذي ذكر أن هذه الكوابيس أو الأحلام السيئة التي تتكرر في منتصف العمر أو في العمر المتقدم، من الممكن أن يكون لديها ارتباط بارتفاع خطر تطوّر مرض الخرف الذي يعد الزهايمر أحد أكثر أنواعه انتشارا.
وتشير الدراسة إلى أن الكوابيس من الممكن أولا أن تكون مؤشرا على الأعراض الأولى لمرض الخرف، ومن ذلك المشاكل المتعلقة بضعف الذاكرة، كما أن كثرة الكوابيس والأحلام السيئة قد تكون سببا لمرض الخرف وليس مجرد مؤشر له.
وذكر الباحث، في خلاصة نشرها بنفسه على موقع the conversation، أنه قام بتحليل بيانات صحية لـ600 شخص ما بين 35 و64 عاما، و2600 شخص يبلغون 79 عاما أو أكثر، وكل المشاركين لم تكن لديهم أعراض مرض الخرف خلال بداية الدراسة التي شرع الباحث في تجميع معطياتها منذ عام 2002.
ووجد الباحث أن المشاركين في منتصف العمر الذين تراودهم أحلام سيئة بشكل أسبوعي، لديهم قابلية كبيرة أربع مرات أكثر للمعاناة مستقبلاً من تراجع قدراتهم المعرفية، وهو من أكبر الأعراض الممهدة لمرض الخرف.
في المقابل تبين ان المشاركين المتقدمين في السن الذين يعانون في نومهم من الظاهرة نفسها لديهم القابلية مرتين أكثر (من الأشخاص الذين لا تراودهم هذه الأحلام) للإصابة بمرض الخرف.
وبيّنت الدراسة، حسب الباحث، أن الرجال لديهم القابلية للإصابة بمرض الخرف أكثر من النساء، إذ تزيد النسبة عن أربعة مرات للرجال الذين يتعرضون للكوابيس مقارنة بمن لا يتعرضون لها، بينما النسبة عند النساء لا تزيد عن 41 بالمئة، وذلك سواء لدى المتقدمين في السن أو من يوجدون في منتصف العمر.
لكن الأمر ليس حتميا حسب الباحث، وهناك طرق متعددة لتجاوز الكوابيس وتجنب تكرارها ما يؤدي إلى بطء تدهور القدرات المعرفية وتوقف تطور مرض الخرف. ولا يحيل الباحث على هذه الطرق لكن خبراء سابقين ينصحون بروتين رياضي في اليوم وتنظيم ساعات النوم والابتعاد عن المشروبات المنبهة والاسترخاء وتجنب الأكل مباشرة قبل النوم.
وسبق لدراسة أنجزها باحثون من جامعة أوبسالا السويدية، تم نشر نتائجها في مجلة "نيرولوغي" (علم الأعصاب)، أن توصلت إلى أن قلة النوم لليلة واحدة قد يكون له تأثير خطير في الإصابة بالزهايمر. وذكرت أن الرجال الأصحاء، إذا لم يتمكنوا من النوم بشكل صحيح في ليلة واحدة فقط، يصبح لديهم مستوى أعلى من بروتين "تاو" الذي ينتشر لدى المصابين بالزهايمر. حسب dw
أسباب الكوابيس
تنشأ هذه الكوابيس نتيجة للعديد من الأسباب، نذكر أهمها:
1. القلق والتوتر: يرتبط اختبار الكوابيس بحضور مستويات عالية من القلق والتوتر. في دراسة حديثة أُجريت في الولايات المتحدة بهدف استطلاع تأثير جائحة كوفيد-19 على النوم والأحلام، لاحظ الباحثون أن من كانوا يشعرون بمستويات قلق عالية نتيجة التغيرات التي فرضتها الجائحة، كانوا أيضًا أكثر مَن اختبر كوابيسَ (مقارنة بباقي عينة الدراسة)، وكانت تتمحور حول مواضيع تبدأ من العجز والحرب والموت والمرض وحتى نهاية العالم.
2. الصدمات: تُشير الدراسات إلى أن من يعانون من اضطرابات كرب ما بعد الصدمة (Post-traumatic Stress Disorder) مُعرضون بشكل أكبر للكوابيس، وهو ما نجده بشكل كبير في حالات الأشخاص الذين شهدوا حروبًا أو صراعات. في دراسة أُجريت على 300 طالب في مدينة غزّة المُحاصرة، والتي تعاقبت عليها الحروب المستمرة التي كان آخرها العام الماضي (2021)، وجدت الدراسة أن أكثر من نصف عينة الطلاب وصفوا معاناتهم المستمرة مع الكوابيس الليلية.
3. تناول الأدوية: قد يُحفز تناول بعض أنواع الأدوية اختبار الكوابيس بوصفها عرضًا جانبيًّا، مثل مضادات الاكتئاب وأدوية ضغط الدم، لكن حدة هذه الكوابيس تحديدًا تعتمد على عوامل أُخرى، مثل وجود الدعم النفسي والاجتماعي، ووجود نمط نوم صحي ومنّظم، وغيرها. من الجدير بالذكر هنا أيضًا أن العديد من الأشخاص يختبرون كوابيسَ نتيجة تناولهم الميلاتونين (Melatonin)، والذي لا يُصنف على أنه مادة دوائية، بل نوع من المكملات الغذائية التي تُسهم في تحسين جودة النوم، ولا يُسبب اختبار الكوابيس بشكل مباشر، بل يعمل على إطالة مدة النوم العميق التي ذكرناها سابقًا، والتي نختبر فيها أكثر الأحلام وضوحًا؛ ما يُفسر ملاحظة البعض اختبارهم الكوابيس عند تناوله. حسب الجزيرة
اضافةتعليق
التعليقات