مع شعار الطائر الأصفر والحد الأقصى لـ 400 حرف، لم تكن شركة Koo الهندية الناشئة خفية أبداً بشأن شركة التواصل الاجتماعي الأميركية التي تريد محاكاتها.
تم إطلاق Koo في العام 2020، وحصلت على فرصتها في وقت من التوتر المفتوح بين حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم بزعامة ناريندرا مودي وتويتر، الذي تحدتى طلبات الحكومة بالإزالة خلال احتجاجات المزارعين الكبيرة في العام 2021، مما دفع الوزراء والمؤيدين إلى التحول إلى الشركة الناشئة.
لكن شركة Koo ، التي جمعت الأموال من شركة تايغر غلوبال وأصبحت معروفة باسم "تويتر القومي" في الهند بفضل قاعدة مستخدميها المؤيدة لحزب بهاراتيا جاناتا، لم تتمكن قط من إعادة خلق تأثيرات الشبكة التي أحدثتها منافستها من شركات التكنولوجيا الكبرى وسرعان ما فقدت زخمها.
ولم يكن الارتفاع القصير في الشعبية في البرازيل مرتبطا بمشاعر مناهضة للاحتكار بقدر ما كان مرتبطا بالنكات الفيروسية التي تسخر من تشابه الاسم مع كلمة برتغالية غير مهذبة (..). وأخيراً انهارت شركة Koo هذا الشهر بعد فشل خطة الإنقاذ.
انهيار Koo يؤكد فشل الجهود المبذولة لاستبدال شركات التواصل الاجتماعي الأميركية في الهند. لكن حكومة مودي لديها الآن استراتيجية أكثر فعالية، وهي استراتيجية السيطرة، بحسب تقرير لصحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية، ذكر أن تغييرات القواعد منذ العام 2021 تجبر مجموعات التكنولوجيا الأجنبية على الانصياع. وبعد إعادة انتخابه لفترة ولاية ثالثة الشهر الماضي، يخطط مودي لمزيد من ذلك.
في وقت قريب من الصراع مع تويتر بشأن احتجاجات المزارعين، شددت الهند قواعدها لتشمل المسؤولية الجنائية للمسؤولين التنفيذيين في وسائل التواصل الاجتماعي، وقد نجح هذا.
حتى أن إيلون ماسك، الذي اشترى تويتر في العام 2022 وأعاد تسميته بـ X، اعترف علناً بأنه ليس لديه خيار سوى الامتثال لطلبات الإزالة الهندية.
مودي جعل من وقف الاحتكارات التكنولوجية قضية سياسية، حيث قال في قمة مجموعة السبع التي عقدها زعماء العالم الشهر الماضي إنهم يجب أن "يجعلوا التكنولوجيا إبداعية، وليست مدمرة".
وذكرت فايننشال تايمز أن حكومة مودي تستعد لإصدار عدد من القوانين الجديدة، بما في ذلك قانون الهند الرقمية، المصمم لإصلاح قوانين تكنولوجيا المعلومات الحالية في البلاد، ومشروع قانون مكافحة الاحتكار الرقمي.
اتجاهات عالمية
يعكس تحرك الهند لكبح جماح التكنولوجيا الأجنبية الاتجاهات العالمية في كثير من النواحي، فأوضحت الصحيفة:
إن مشروع قانون المنافسة الرقمية في الهند من شأنه أن يسمح للسلطات باتخاذ إجراءات صارمة استباقية ضد الشركات قبل أن تشكل احتكارات بدلاً من معاقبتها أو تفكيكها بعد ذلك.
يبرز نهج الهند لمحاولة إنشاء مسار جديد لتنظيم الإنترنت، وفقًا لمدير سياسة المنتجات العالمية في موزيلا، أودبهاف تيواري.
تسعى الهند إلى أن تكون أكثر مرونة من أوروبا وتأخذ حماية المستهلك على محمل الجد أكثر من الولايات المتحدة، ولكنها تخلق أيضاً سلطات واسعة للدولة لمراقبة التعبير عبر الإنترنت بطرق يقول المنتقدون إنها تشبه الصين المجاورة أكثر من الديمقراطيات الأخرى.
على سبيل المثال، أدخل قانون خصوصية البيانات الذي صدر العام الماضي بعض معايير حماية المستهلك القوية للشركات حتى مع ترسيخه لإعفاءات للسلطات على أسس واسعة النطاق بما في ذلك "الحفاظ على النظام العام" و"العلاقات الودية مع الدول الأجنبية".
ويشير براتيك واجري من مؤسسة حرية الإنترنت، إلى الغموض في مثل هذه الأحكام (..)، وبما يؤدي إلى تآكل الضوابط والتوازنات مما يخلق مجالاً واسعاً للإساءة. مشيراً إلى أنه مع فترة ولاية مودي الثالثة، فإن "الإشارات التي خرجت كانت أكثر عدوانية".
ولم تبذل شركات التكنولوجيا الأجنبية سوى محاولات محدودة للرد، حيث ورد أن مجموعة ضغط أميركية في مايو طلبت من السلطات إعادة النظر في قانون المنافسة، لكنها استنتجت أن تفويت السوق الهندية سريعة النمو ليس خياراً، خاصة بعد استبعادها من الصين.
ويبلغ عدد مستخدمي فيسبوك ويوتيوب في الهند أكثر من أي مكان آخر - أكثر من 375 مليونًا و475 مليونًا على التوالي، وقد يقرر رجل أعمال مثل ماسك، الذي يريد إنشاء مصنع لشركة تسلا في الهند، أنه لا يستحق إزعاج حكومة مودي بشأن كيفية تعامله مع المنشورات على إكس.
الذكاء الاصطناعي
وأكدت فايننشال تايمز أن الذكاء الاصطناعي سوف يكون الاختبار الكبير القادم للسياسة التكنولوجية الهندية، فرغم أن الشركات الأميركية مثل ميتا وأوبن إيه آي هي التي تقود حاليا الأبحاث المتطورة وتطوير النماذج اللغوية الكبيرة، فإن هناك حاجة إلى قدر هائل من العمل الإضافي لتدريب الذكاء الاصطناعي للغات الهندية وتجميعه في منتجات للمستهلكين والشركات الهندية.
وذكر مدير سياسة المنتجات العالمية في موزيلا، أودبهاف تيواري، أن هذه فرصة للهند لإنشاء أدوات الذكاء الاصطناعي الخاصة بها، بدلا من استيراد التكنولوجيا الأميركية ببساطة، ونظراً لطموحات الهند العالية، فهل تستطيع الآن أن تبتكر بدلا من السعي إلى النسخ أو السيطرة؟
عوامل ساعدت الهند على المنافسة
في السياق، أكد أخصائي التطوير التكنولوجي، هشام الناطور، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، أن الهند لديها إمكانات كبرى من أجل أن تكون منافساً حقيقياً لعمالقة التكنولوجيا بالعالم، مرجعاً ذلك إلى عديد من الأسباب، منها:
الهند لديها سوق ضخمة، وتزاحم الصين على لقب أكبر دولة من حيث عدد السكان بالعالم، بنحو 4 مليار نسمة، وهو ما يوفر سوقاً ضخمة وقاعدة عملاء هائلة لشركات التكنولوجيا الهندية.
توافر القوى العاملة الماهرة، إضافة إلى حصول تلك العمالة على معاشات منخفضة عن التي تحصل عليها العمالة بالشرق الأوسط.
الاهتمام بدعم التعليم في مجال التكنولوجيا وخاصة بمجالات الهندسة والعلوم.
الدعم الذي تقدمه الحكومة الهندية لقطاع التكنولوجيا من خلال مبادرات مثل صنع في الهند.
الهند تتوافر لديها بيئة كبيرة لريادة الأعمال، مع تواجد الكثير من الشركات الناشئة التي يتم تأسيسها كل عام.
وشدد على أن هناك عديداً من العوامل التي يتعين أن تهتم بشأنها الحكومة الهندية حتى تستطيع البلاد أن تصبح منافساً قوياً بقطاع التكنولوجيا، من بينها:
زيادة الاستثمار بالبحث والتطوير؛ بهدف تطوير تقنيات جديدة مبتكرة.
تحسين البنية التحتية الرقمية.
علاج البيروقراطية وتسهيل الأعمال التجارية لشركات التكنولوجيا.
تعزيز التعليم بمجالات التعليم والتكنولوجيا وهندسة الرياضيات من أجل خلق مزيد القوى العاملة.
تحديات
وأشار إلى أن الهند تواجه عديداً من التحديات التي من الممكن أن تعيق تقدمها في المنافسة، وعلى رأسها أنها تواجه عمالقة التكنولوجيا العالميين والذين لديهم موارد أكبر وعلامات تجارية أقوى مثل الولايات المتحدة والصين وكوريا الجنوبية واليابان.
وأضاف أن الهند –رغم توافر القوى العاملة- فإن لديها نقصاً بنوعية العمالة التي يحتاجها قطاع التكنولوجيا، خاصة وأنها دولة حرفية أكثر من كونها دولة تكنولوجيا. كما شدد على ضرورة القضاء على البيروقراطية المعقدة والبطيئة التي تعيق شركات التكنولوجيا، كما أن البنية التحتية الرقمية في حاجة للتحسين خاصة بالمناطق الريفية.
المنافسة مع الصين
فيما قال خبير تكنولوجيا المعلومات، محمد الحارثي، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن الهند منافس قوي في قطاع البرمجيات وخدمات البرمجيات وبناء الأنظمة لصالح الغير، موضحاً أنها أصبحت مصنعاً للبرمجيات يقدم خدمات تكنولوجية وبناء أنظمة عن بُعد.
وأوضح أن المجتمع بالهند يتحول تدريجياً بأكمله إلى مجتمع قادر على صناعة تكنولوجيا المعلومات وخاصة بناء الأنظمة، مع اهتمام الدولة بتشجيع ذلك التحول، وهو ما عظم من العوائد الخاصة بالهند من ذلك القطاع الذي أصبح يمثل جزءاً كبيراً من الدخل القومي.
وأشار إلى أن الصين تعد نموذجاً منافساً بشكل كبير للهند، موضحاً أن:
الهند أصبح لها وجود في عديد من المناطق، بما في ذلك في المنطقة العربية، في بناء الأنظمة والبرمجيات لصالح الغير.
إتقان الكثير من الهنود اللغة الإنجليزية وخروجهم عن عزلتهم، جعل فرصهم أقوى بالسوق، بينما مازالت بكين تعاني من بعض المشكلات المرتبطة باللغة والتعامل مع المجتمعات الخارجية.
على الجانب الآخر، ثمة منافسة كبيرة مع الصين التي لديها قدرات تصنيع كبيرة تجعلها تسبق في المنافسة في التكنولوجيا والأنظمة.. ومازالت بكين بالصدارة في هذا السياق.
الهند تتميز بالاهتمام بظهور نشئ جديد قادر على الانخراط في البرمجيات بسرعة كبيرة ولديهم نموذج بالتعليم بإنه ينشيء مبرمجاً. حسب سكاي نيوز
اضافةتعليق
التعليقات