الأطفال غرقوا في اللعب، صوت صراخهم كان يعلو تارة وصوت الركض تارة أخرى، ملابسهم كانت تحكي عن مشاكساتهم، عندما حان وقت الغروب لجأ كل واحد إلى بيته، الولد المشاكس أيضاً رجع إلى البيت وبدأ يدق الباب ولكن صوت الوالدة كان يعلو من وراء الباب كانت تقول: لا أفتح لك الباب لأنني تعبت من أفعالك، يا ترى متى تعرف أنني لا أستطيع أن أغسل لك الملابس كل يوم وأهتم بك هكذا، كم تريد أن تتعبني بأفعالك المشاكسة؟
ولكن تقدمت إلى الأمام وطلبت من تلك الوالدة الغاضبة أن تسامح ابنها وتفتح له الباب بشرط أن لا يكرر الولد أفعاله مرة أخرى ودخل الولد الى البيت..
ولكن ما أثار دهشتي رؤيته في اليوم التالي في نفس المكان و كان يكرر أفعاله وملابسه مملوءة بالبقع الداكنة عندما حان وقت الذهاب تذكر ما حدث له البارحة !
قال لصديقه سوف أرجع معك إلى بيتكم فأجابه مستحيل أبي لا يقبل أبدا ثم توسل بصديقه الثاني والثالث و.... ولكن لم يجبه أحد، رجع مطأطئ الرأس إلى بيته ولكن كلما دق الباب لم يسمع أي صوت بدأ يبكي بحرقة وجلس ينحب وراء الباب ومن الجهة الأخرى الوالدة كانت تبكي لأجله ولكن كانت صامتة حتى تؤدبه.
عندما خيم الظلام فتحت الباب وعانقت ابنها ولكن هذه المرة قد تعلم الدرس قال لوالدته: اضربيني، اصرخي علي ماذا تريدين افعلي ولكن لا تغلقي الباب في وجهي لا أملك سواكِ ولايوجد مكان التجأ إليه.
تذكرت نفسي.. كم مرة أعتذر عن أفعالي ولكن في اليوم التالي أنسى بكائي ليلة أمس، كم مرة أتوب إلى الله ولكن أرجع إلى ارتكاب المعاصي وأنسى اعترافاتي، كم وكم ...
مالي كُلَّما قُلْتُ قَدْ صَلَحَتْ سَريرَتي، وَقَرُبَ مِنْ مَجالِسِ التَّوّابينَ مَجْلِسي عَرَضَتْ لي بَلِيَّةٌ اَزالَتْ قَدَمي، وَحالَتْ بَيْني وَبَيْنَ خِدْمَتِكَ سَيِّدي لَعَلَّكَ عَنْ بابِكَ طَرَدْتَني..
وَعَنْ خِدْمَتِكَ نَحَّيْتَني اَوْ لَعَلَّكَ رَاَيْتَني مُسْتَخِفّاً بِحَقِّكَ فَاَقْصَيْتَني،ا َوْ لَعَلَّكَ وَجَدْتَني في مَقامِ الْكاذِبينَ فَرَفَضْتَني، اَوْ لَعَلَّكَ رَاَيْتَني غَيْرَ شاكِر لِنَعْمائِكَ فَحَرَمْتَني، اَوْ لَعَلَّكَ بِقِلَّةِ حَيائي مِنْكَ جازَيْتَني، فَاِنْ عَفَوْتَ يا رَبِّ فَطالما عَفَوْتَ عَنِ الْمُذْنِبينَ قَبْلي، لاَنَّ كَرَمَكَ اَيْ رَبِّ يَجِلُّ عَنْ مُكافاتِ الْمُقَصِّرينَ، وَاَنَا عائِذٌ بِفَضْلِكَ، هارِبٌ مِنْكَ اِلَيْكَ ..
سَيِّدِي لَوْ نَهَرْتَنِي [انْتَهَرْتَنِي] مَا بَرِحْتُ مِنْ بَابِكَ وَ لا كَفَفْتُ عَنْ تَمَلُّقِكَ لِمَا انْتَهَى إِلَيَّ مِنَ الْمَعْرِفَةِ بِجُودِكَ ...*١
ورد في أحوال كريم أهل البيت عليهم السلام في لحظاته الأخيرة كان يبكى فقيل له يابن رسول الله صلى الله عليه وآله أتبكي ومكانك من رسول الله صلى الله عليه وآله الذي أنت به؟
وقد قال فيك رسول الله صلى الله عليه وآله ماقال وقد حججت عشرين حجة ماشياً وقد قاسمت ربك مالك ثلاث مرات حتى النعل والنعل؟
فقال عليه السلام: إنما أبكي لخصلتين لهول المطلع وفراق الأحبة *٢
لقد صلى حتى تورمت قدماه وبكى من خوف الله حتى تقيحت مقلتاه وكلما وقف للصلاة اصفر لونه وارتعدت فرائصه وكلما ذكر الله تفجر بالبكاء خشية من الله.
كريم أهل البيت عليه السلام مع مكانته الرفيعة وكرمه ومساعدته للآخرين وحياته المليئة بالتضحيات والجهاد في سبيل الله يبكي على هول المطلع، يا ترى كيف سيكون حالي وقَدْ اَفْنَيْتُ بِالتَّسْويفِ وَالاْمالِ عُمْري؟
في تلك الأثناء التي كنت خائفة وأشعر بأنني أغوص في محيط اليأس تراءت لي بوصلة النور رأيت اللافتة التي مكتوب عليها حديث مبارك عن كريم أهل البيت الحسن المجتبى عليه السلام، "إن حبنا ليساقط الذنوب من بني آدم كما يساقط الريح الورق من الشجر" *٣.
وكيف لا يكون كذلك وقد روى حذيفة بن اليمان قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله آخذ بيد الحسن بن علي وهو يقول: أيها الناس هذا ابن علي فاعرفوه، فوالذي نفس محمد بيده إنه لفي الجنة ومحبه في الجنة، ومحب محبيه في الجنة *٤.
التمسك بهم نجاة فهم الهداة المهديين والصراط الأقوم ومن يصلحون خراب دواخلنا وهم وجهاء عند الله في رفع الأثقال عن كاهلنا ولكن يجب أن نتذكر لا يُسمح لنا فعل المحرمات متكئين على حبهم فقط لأن المحب لمن يحب مطيع..
اضافةتعليق
التعليقات