تعتبر صفة الكرم والسخاء من أبرز الصفات التي تميَّز بها الإمام الحسن (عليه السلام)، فكان المال عنده غاية يسعى من خلالها إلى كسوة عريان، أو إغاثة ملهوف، أو وفاء دين، أو إشباع جوع جائع، وإلخ.
هذا وعرف الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام) بكريم أهل البيت، فهو الذي قاسم الله أمواله ثلاث مرّات، نصف يدفعه في سبيل الله ونصف يبقيه له، بل وصل إلى أبعد من ذلك، فقد أخرج ماله كلّه مرتين في سبيل الله ولم يبقي لنفسه شيء، فهو كجدّه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يعطي عطاء من لا يخاف الفقر، وهو سليل الأسرة التي قال فيها ربّنا تعالى: "ويأثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون"، (الحشر: آية٩)
وآية أخرى تحكي لسان حالهم: "ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكوراً"، (الإنسان: آية ٨-٩).
فهذا هو الأصل الكريم لإمامنا الحسن (عليه السلام) الزكي من الشجرة الطيّبة التي تؤتي أكلها كل حين، فمن كريم طبعه (عليه السلام) أنه لا ينتظر السائل حتى يسأله، ويرى أن ذل المسألة في وجهه، بل يبادر إليه قبل المسألة فيعطيه.
لقد عبَّر الإمام الحسن (عليه السلام) من خلال سلوكه هذا، لا عن صفة خاصة به، بل عن القيمة التي أراد الله أن تبنى الحياة على أساسها، فالله يريد للناس أن يطبعوا حياتهم بالعطاء، وأن يتمثلوا بعطاءته التي لا تعرف حدوداً في كل هذا الكون الذي سخَّره.
والعطاء هو تعبير أمثل عن إنسانية الإنسان، فالإنسان لا يمكن أن يكون إنساناً وهو أناني، يتحكم به الاستئثار والجشع والبخل.
وهو ضمان لسلام المجتمع وأمنه، فلا يمكن لمجتمع أن ينعم بالطمأنينة والسلام، أو أن يحظى بالاستقرار، إلا عندما يشعر أفراده بروح التعاطف والتراحم، ويمد كل واحد يده إلى الآخر، فالفقر هو مشروع تنازع وفتنة، هو سبب لخراب المجتمع، ودخول شياطين الإنس والجن إليه.
إننا أحوج ما نكون في هذه المرحلة إلى تعزيز هذه القيمة في نفوسنا وفي داخل مجتمعنا، حتى لا يطغى، كما يطغى في واقعنا، منطق الشيطان الذي قال الله سبحانه عنه: "الشيطان يعدكم الفقر" ومنطق الأنانيات والمصالح، منطق أن أعيش أنا ولا مشكلة ماذا يحصل للآخرين.
فلنتعلم الكرم والسخاء من سبط رسول الله الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام).
اضافةتعليق
التعليقات