في بلورة العين هناك الكثير من الدموع المتحجرة منذ سنوات، تقف في منتصف الطريق حيث هناك الكثير من الأحلام والأمنيات متعلقة في ذاكرتها، لبنى تردد كلمات تشبه طلاسم العاشقين فلا يفهم تراتيل العاشقين غيرهم، تسابيح القلوب تسبح الحمد والشكر لهذه النعمة.
سرقت انتباهي وهي تخلع قلادتها الذهبية المطرزة بالنقوش الهندية ذات الألوان، وتخلع معها الدموع من محجرها، وفي الغمضة تلك اقتربت منها متسائلة أي غرام هذا يجعلكِ تخلعين كل ما تملكين من مجوهرات ولمن هذه الدموع التي منحت طولاً.
لا تجيد اللغة العربية فكان هناك رجل متوسط في العمر يترجم كلماتها، جسد لا يضاهيه عود القَصب في نحافته، افنت عشرون عاما من عمرها خلف ماكينة التطريز وهي ترسم على لوحة القماش طريق الصبر، اجمعت اجور جهدها وعرق جبينها لمدة عشرين عاما حتى تتمكن من الذهاب الى الحج، فهذه الأمنية التي تراود خاطرها.
فـي هذه السنة شاء الله أن يكون اسمها في قائمة الحجيج نحو كربلاء أو تغير مجرى حجها وتسير نحو الحجاز، في قارة النفس من الصعب أن تختار أحدهما على الآخر فكلاهما حلم الصبا، في بلادها تكلفة الذهاب إلى بيت الله تحتاج إلى سنوات من العمل وتوفير المال.
بيبي رباب تجلس خلف الماكينة لساعات طويلة وهي ترسم بتلك الشذرات الملونة طريق الحج الحسيني، أهدرت تلك السنوات جمال عينيها فأصبحت باهتة لا تجيد رؤية الشيء من بعيد، لكنها تجيد رؤية القلب اقوى من البصر، لذلك ترى القباب الذهبية وهي على أطراف طريق العشق، كان كل شيء يحتم عليها الانتظار ودفع الكثير من العمر والمال لتصل إلى بوصلة القلب.
كانت تترجم كلماته البسيطة وهي تخلع أساورها وقرطها الملون بالأزرق والأحمر وتجعله في كف الميزان لتهديه لصاحب المكان، ومعها صندوق مزخرف كانت تحمله بثقل وخوف دفعت ثمنه العشرون عاما من عمرها وهي تجمع ثمن ما في الصندوق، فتح الأمين الصندوق وأخرج تلك القلادة المرصعة بالذهب الملون قدر ثمنها "خمسة ملايين دينارعراقي"، وأهدتها لصاحب المكان حتى يكون مصداق لحبها.
بيبي رباب قدمت جهدها الذي صاغته بتلك القلادة حتى تشكر المولى على حسن الضيافة والدعوة لحج كربلاء وبعدها تلبي حج الحجاز ، عندما ترى هذا الاخلاص في تقديم اغلى ما تملك في سبيل الغاية كانت غايتها الوصول الى كربلاء وتلبية الحج فكل هواجسها تلبي لبيك سيدي لبيك يا حسين . .
خلدت بيبي رباب قصتها بهذه السطور حتى يعرف العالم مدى شوق الغائبين عن حضرة سيد الشهداء وتضحياتهم للوصول إلى جنة الدنيا كربلاء.
اضافةتعليق
التعليقات