تمر الفتيات عادة بتجارب عاطفية في سن المراهقة، ولا تختلف تجاربهن عن تجارب الشباب، ولكل مجتمع اطره، وضوابطه، التي إذا تعداها احد أفراده، دخل في المحظور.
والمجتمع الاسلامي، أو العربي، أو الشرقي، مجتمع مراقب، ومهما كانت الرقابة، فلا رقيب على المرء كاخلاقه، وتربيته، وسلوكه. ولكل شخص دقات قلبه، أو ما تعرف بخائنة الأعين، وحسبه من اسمها، واعظا، ومربيا.
ولعل من أسمى المشاعر، وأطهرها، ما تتكلل بالارتباط المقدس، ألا وهو الزواج. هذه الخطوة المهذبة للمسلم التي تستقر فيها نفسيته وترتاح روحه.
ولعل الكثير من أفراد المجتمع العراقي من يسعى إليها ولا يجدها، إما لضيق اليد وهو الفقر، وأما لفشل منظومة الأسرة التي تقع مسؤولية فشلها على الحكومات والدول.
ولعل الحروب إحدى تلك الأسباب التي تتجنب العقول الراجحة في خوض غمارها كونها تدمير وخطوة انتحارية لمستقبل الشعوب.
وفي المجازر التي شهدها العالم، ويشهدها كمجزرة سبايكر مثلا إحدى تجلياتها. ولعل التفكير الشامل لمشكلة ما، يعقدها ولا يحلها، وإذا حللنا ظاهرة بجزئيتها نقف على الأسباب، ونتجنب نتائجها.
كثيرا مانسمع ونقرأ، عن استحباب الزواج المبكر، ونشجع عليه، كما شجعت القيم والمبادئ الاسلامية.
لكننا نتناسى بشرطها وشروطها.. فمثلا صغر سن الزوجين سبب لدمار أسرة شابة تطمح لمستقبل واعد، لاسيما في غياب التجربة، اضافة لغياب كبار السن الذي يشكل عائقا لنموها الطبيعي نتيجة لغياب الادراك، والوعي الاجتماعي، الذي ينعكس على صحة أفرادها العقلية والجسدية والروحية، فالمعرفة إحدى أهم الركائز التي تدير حلقة الأسرة، وخلو الأسرة منها يعني تراجعا في الثقافة الاجتماعية والطبية، ولعل الفقر ما تعنيه هذه الكلمات بمجملها.
فالفقر المعرفي والمادي، في التدبير والادارة، سبب في تفكك الروابط والاجتماعات.
ولعل أهم مرحلة في حياة المراهقة والمراهق، هو ما يتعلمه من الفشل سواء أكان هو المسؤول عنه في أسرته، أو في شخصه، أو دولته. وبذلك فالمراهقة لا تقتصر تسميتها على الشباب في مقتبل العمر، فالمراهقة سياسية واجتماعية وتربوية.
وكم هو محظوظ ذلك المراهق الذي يخرج من تجربته، قويا متعلما مقبلا على الحياة، بما اكتسبه من العلوم والمعارف، جدير بحمل المسؤولية قادرا على العمل والعطاء في كافة المجالات، بعد أن صقلته الحياة بحلوها ومرها.
وكما الزواج المبكر سبب في انهيار منظومة الاسرة فتأخر الزواج، كذلك سبب في ظهور الكثير من الأمراض الاجتماعية والصحية وصناعة لظواهر اضطرارية، وسببا في دمار الفرد والأسرة والمجتمع، ولعل سلبيته لا يشعر بها إلا من اكتوى بنيرانه. فما أصعب تفكك الأسرة في غياب الأم والأب وتحول الأفراد إلى أغراب لا يجمعهم سوى المأكل والمشرب. ففي بعض الأمور التي يتخذها القادة سواء أكانوا قادة دنيا أو دين، قادة أسرة أو مجتمعا
ومذهب أو دول.. كانت سببا في ضياع الكثير من الثروات المادية والبشرية والمعرفية.
وهنا يوجه العتاب مريرا لأولئك الذين قادوا مجتمعا نحو الدمار الشامل، والابادة الجماعية، ولعل في آيات القرآن الكريم واعظا إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا. نسال الله أن لا نقف هذا الموقف في الآخرة إذا شهدناه كثيرا في الدنيا.
ولعل هذه إحدى التجارب، والدروس القرآنية الواقعية، في المجتمع الاسلامي عامة، والعراقي خاصة. وكم هو غال الوطن، ومواطنوه اغلى، هذه الكلمات التي غاب عنها الكثيرين يوم اتجه البعض لأطماع كانوا في غنى عنها.
ولو أن كل مراهق وضع نصب عينيه، أسرته، ومجتمعه، قبل وضع احتياجاته وطموحاته، لعاشت الأوطان والأسر في سلام ووئام. وحين نغذي أطفالنا فلنغذيهم على حب الوطن والاخلاص له، الذي حبه حب الأب والأم، بدل تغذيتهم على العداوات والضغائن والتفرقة، التي ترتد دائما على الشخص وعائلته ومجتمعه.
فالطفل صفحة بيضاء وما علينا سوى الحفاظ على بياضها ونقاءها، باعطاءه حقه في اللهو واللعب الذي لايكون إلا في حال الراحة والاطمئنان النفسي والعاطفي للأبوين.
وحين توجهنا لله سبحانه نكون ببراءة الأطفال، وما المراهقة سوى نزوة أو رغبة او شهوة وقتية والناجي السعيد من استمسك بحبله ورجع إليه إذا أصابه شيء من ذلك.
اضافةتعليق
التعليقات