الدين تلك الكلمة التي أصبح المجتمع يرفض سماعها أو بمجرد سماعها تسبب له حالة من الاختناق والتقييد، وتجعله متخلف وغير متطلع ولا يتمتع بالحرية الكافية لممارسة رغباته، وهو السكين التي توضع على رقبته.
وعندما تفتح سيرته ستنهال عليك الشكاوى حول رجال الدين _حسب ما يطلقون عليهم من تسمية_ كون فلان منهم مارس هذا الفعل وذاك قد سرق، وتُعرض أمامك العديد من صور الولائم الضخمة للمعممين وعزف بعضهم وغيرها من المقارنات التي يتبجح بها الأفراد للتخلص من هذه الكلمة.
سابقا كان المجتمع ينصت لكلمة المعمم الواحد الذي يقود ويوجه هذه الأمة والتعطش لتعلم الدين كونهم عاشوا في منع لممارسة طقوس وشعائر دينهم، بعد أن زال العائق وبدأت أبواب العلم والدين مترعة شرع الجميع ليدخلوا فيها كونها محط ثقة ومن هنا بدأت قضية الفهم الخاطئ للدين واستغلاله.
لنعرّف هذه الكلمة في مفهوم المجتمع فالدين هو فروع الدين وأصولها ومنهم من تسأله يجيب هو الحلال والحرام والجائز والمكروه. هذا التعريف القاصر لا يسمن ولا يغني من جوع.
لنرى تعريف الدين من وجهة أهل الدين وأصحابه فيعرّف مؤسس المذهب الإمام جعفر الصادق عليه السلام الدين قائلا: (الدين هو الحب) وقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) ويمكن اختصار هذه المقولة بعبارة (الدين معاملة)،
ومن هؤلاء أساس الدين يمكن اشتقاق التعريف الحقيقي للدين المبني على أساس السماحة والإنسانية والحب وما يشتمل عليه من لطف وتعاطف وغيرها مما يدخل في مفهوم تلك المفردة.
خلطُ المفهوم وجدتُه متجسدا في قضية مهمة في التاريخ ألا وهي ما حدث مع مسلم ابن عقيل، فالمجتمع ظاهرا يعيش في خلافة اسلامية ويعتلي عبيد الله بن زياد المنبر ويخطب بالناس بإسم الإسلام وغيره ممن اعتلوا منابر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولو نتأمل بما فعلته امرأة مثل طوعة بعد أن تخلى عنه كلُّ من يدعي الدين والثورة، حيث آوته وأطعمته لتكون هي موقف خالد واسم لامع في تاريخ النساء، ماذا فعلتْ، كل ما فعلته هو معاملة انسانية تفردت بها فلم يخلد من هرب وهو يحمل اسم الدين.
ومن أجمل الحلول للمفهوم الخاطئ للدين هو ما قاله أمير المؤمنين علي ابن ابي طالب عليه السلام مصرحا: (إن الحق لا يعرف بالرجال، اعرف الحق تعرف أهله) *.
هذا الحديث اختصر طول الشرح وافهام الناس بأن ليس كل ما يلمع ذهبا ولا كل عمامة هي لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، هناك رجال دين ارتدوها استحقاقا وهم أهلٌ لها وهناك من لا يشملهم الكلام السابق، فالدين لا يتحمل أعباء تصرفات أحد ممن تحدثوا بإسمه ومن غير المنطقي أن نتجاوز على مبادئ الدين ونهين جذوره من أجل شخصين أو أكثر كمن يحكم على عائلة بالإعدام لأن ابنهم قتل شخص.
فلا بد من مراعاة المقاييس العقلية والمنطقية قبل اعقاد المقارنات وإطلاق الأحكام حتى لا ننتمي إلى القسم الثالث من تقسيم الإمام علي عليه السلام حينما قال الناس ثلاثة: فعالم ربـّاني، ومتعلـّم على سبيل نجاة، وهمج رعاع أتباع كلّ ناعق، يميلون مع كلّ ريح.
اضافةتعليق
التعليقات