تعتبر فترة المراهقة أهم وأصعب مرحلة بالنسبة للأبناء وللأهل على حد سواء، وقد يكون الحديث عن موضوع المراهقين متكرر سواء في الصحف والمجلات والتواصل الاجتماعي، وقد يمر عليه القارىء مرور الكرام ولايتمعن في قراءته للوقوف على تلك الأسباب التي تفتك بحياة المراهق وتدمر العائلة بل وحتى المجتمع.
ومن المؤكد أن هذه المرحلة صعبة.. وتحتاج إلى تعامل خاص مع المراهق وهناك ثقافة نفتقدها من سلوكيات وحاجات المراهق وعدم تعامل الأهل معها بصورة صحيحة وهي التي تؤدي إلى تدهور مزاجية المراهق، وتزيد من تلك الفترة تعقيدا وتؤدي إلى تنافر وتباعد بين الطرفين.
حيث يعيش المراهقون فترة يعتقدون خلالها أن ذويهم لا يفهمونهم، ويشعر الأهل بأن أولادهم يتحررون من سيطرتهم - إلا إن من واجب كل ولي أمر أن يعرف أن المراهقة ستنتهي، وعندما تنتهي فترة المراهقة، سوف تعود علاقة الأهل والأبناء لسابق عهدها، وستصبح جيدة فكل الذي يحتاجونه هو معرفة احتياجاتهم، والتغيرات التي تطرأ عليهم خلال تلك المرحلة.
هل الآباء مؤهلون لمرحلة المراهقة؟
كثير من الآباء والأمهات يعرف المرحلة التي يمر بها الأبناء والتي يطلق عليها فترة المراهقة حيث تنقسم مراحل المراهقة إلى: مرحلة المراهقة المبكرة من عُمر 10 - 14 سنة تقريبًا، والمراهقة غالباً من عُمْر 15 - 17عامًا، أما المراهقة المتأخرة فهي تمتد من عُمْر 18 - 22 عامًا، ولكن الكثير منا لا يستطيع التعامل وادارة تلك الفترة، ولا يعرف المراحل والتغيرات التي تطرأ على المراهق ومنها:
- التغيرات الجسمية والنفسية
ترافق المصاعب التي تواجه المراهقين والوالدين في سن المراهقة، سلسلة من الأحداث التي يعيشها المراهقون في هذه الفترة:
- كتقلبات المزاج والانشغال المفرط بمظهرهم الخارجي، ففي هذه الفترة: يبدأ الفتيان بالاهتمام بممارسات النشاطات الرياضية، بينما تبدأ الكثير من الفتيات بالمعاناة من عدة اضطرابات في الأكل، وخلال هذه الفترة أيضا، يصبح ٳدراكهم للواقع خارقا، فيتعاملون ب ٳزدراء مع كل ما هو ليس حقيقيًا، وينظرون إلى كل ما هو قديم على أنه ليس ضروريًا.
- هذه الفترة، هي فترة البلوغ الجنسي أيضاً، بكل ما تحمله من تغييرات فيزيولوجية واجتماعية. بل إن الكثير من الأسئلة حول الهوية الجنسية، تبدأ فجأة باجتياح أفكار المراهقين، فيبدأ الاهتمام بالمظهر، قد تقف الفتاة لساعات طويلة أمام المرآة دون أن تشعر حتى بألم قدميها، وأخرى تنتعل الحذاء ذا الكعب العالي وتضع أحمر الشفاه على فمها وتقلد المرأة الناضجة.
- لا يريد المراهق أن يُعامل معاملةُ الأطفال أو أن يطلب إليه القيام بأعمال يقوم بها الأطفال عادة، ومن أسباب كره الطلاب لمعلمهم مثلاً، هي أن يعاملهم معاملة الأطفال ولا ينظر إليهم نظرة الشباب الناضجين من الجنسين معاً.
- الحاجة إلى الاستقلال:
إن استقلالية المراهق مظهر هام من مظاهر حياته، فهو يصر على أن يؤدي أعمالاً مستقلة عن الآخرين وحتى عن أبويه ليؤكد بذلك استقلاليته.
والمراهق شديد الرغبة في التحرر من سيطرة الأهل ليصبح مسؤولاً عن نفسه وعن أعماله فمثلاً يريد أن يستقل بغرفة خاصة به بعيداً عن إخوته الصغار، كما أنه يكره كراهية شديدة زيارات أهله المتكررة للمدرسة وإظهار الاهتمام الزائد به وبحاجاته، إذ يرى في هذه الزيارات دليلاً على عدم نضجه وعدم استقلاليته معاً.
- الحاجة إلى الطمأنينة والأمان:
يشعر المراهق بحاجة ملحة إلى الأمان والطمأنينة. وغالباً ما نجد أن كثيراً من المراهقين يعانون من أزمة الثقة بالنفس؛ بسبب إخفاقهم المبكر وعدم قدرتهم على التوقع الصحيح لما يجري في محيطهم.
ومشاعر المراهقين المتعارضة تجعلهم عاجزين عن اتخاذ القرارات الصحيحة والمناسبة.
- اهتمامات المراهقين بالجنس الآخر، وتغزيه مشاعر وعواطف وأحاسيس مرهفة، ويشعر أنه انفصل عن مرحلة الطفولة، وقد يقع في أوهام العلاقات العاطفية.
ماهي مخاوف الطرفين في هذه المرحلة:
تختلف الآراء بين الأهل وعلماء النفس حول ردود فعل الأهل على تصرفات أولادهم، ويتمحور أحد الجدالات حول درجة الحرية التي يمكن منحها للمراهقين عند بلوغهم سن المراهقة:
في حين يذكر الأهل مرورهم بمثل هذه الفترة، وكم كانوا يرغبون بمثل هذه الحرية، نراهم يعون جيداً، بناءً على تجربتهم الشخصية أن أولادهم قد يقومون باستغلال هذه الحرية بصورة سلبية إلى حد إلحاق الضرر بأنفسهم وبغيرهم.
وعلى الرغم من رغبة الأهل بمنح أولادهم شيئا من الاستقلالية ورغبتهم بتحميلهم مسؤولية أفعالهم، إلا أنهم لا يثقون دائمًا بقدرة الأبناء على اتخاذ القرارات السليمة.
لذلك لا يمكن اعتبار سن المراهقة بالنسبة للأهل فترة سهلة، كما أوردنا سابقًا، فهي حبلى بالكثير من المعضلات.
من جهة، يشعر الأهل بالإهانة والغضب إزاء تصرفات أولادهم، ومن جهة أخرى، يخشون أن يقوم أولادهم بإيذاء أنفسهم أو ارتكاب أعمال قد يندمون عليها في المستقبل، أما المراهقون يواجهون معضلات صعبة، فمن جهة يريدون الحرية لأنهم يشعرون بأنهم يحتاجونها لبناء هويتهم المستقلة، وقد يتصرفون بما لا يتلائم مع آراء ذويهم والمجتمع للحصول على هذه الحرية.
بينما من الجهة الأخرى، نراهم ما زالوا يشعرون بالحاجة لوالديهم من أجل التغلب على المصاعب التي ليس بمقدورهم تخطيها بأنفسهم.
وقد لا يتجرأ المراهقون أحيانًا على طلب المساعدة من والديهم حتى لا يظهروا فشلهم بالتصرف لوحدهم، وفي أحيان أخرى قد يطلبون المساعدة فقط.
كيف يمكننا تخطي هذه المرحلة بأمان:
-يجب أن يعرف الآباء أن مرحلة المراهقة هي نهاية لمرحلة الطفولة حيث تصبح شخصية الولد والبنت في طور نمو لسلوكيات وتغيرات جديدة ومن الضروري الانتباه لتلك المرحلة وحل المشاكل التي يمر فيها المراهق والاقتراب منه واعطاءه الفرصة والوقت للبوح بمشاكله وعدم الاستعجال في التأنيب واللوم فكثرته تؤدي إلى عواقب وخيمة حتى تصل بعض الأحيان إلى قطع العلاقات بين الوالدين.
-إذا كان الآباء متأكدين من خطأ ابنهم أو ابنتهم، عليهم مع علمهم بأنهم كاذبين، ألا يشرعوا في التحقيق مع المراهق بشكل صارم يشعره بأنه متهم ووالده محقق شرطة.
- إذا كذب المراهق ليبرّئ نفسه من ذنب أو خطأ ارتكبه، على الأهل ألا يصرّوا على كذبه ومحاولة إثبات أنهم محقّون، أي أنه كاذب، بل عليهم توضيح القيم والمبادئ الصحيحة التي يجب أن يسير عليها الفرد؛ وما رأيه في أفعاله، لكي يضع نفسه في محل مُقارنة بين الخطأ والصواب.
- الابتعاد عن الأفكار السوداوية وعن بعض الأحداث السيئة في المجتمع والتشاؤم من الحياة أمام الأولاد، بل استغلال الأوقات المناسبة لحثهم على العادات والسلوكيات الجيدة للفرد وذكر بعض النصوص القرآنية التي تحث على البر والتقوى.
- قتل وقت فراغهم من خلال إشراكهم ببعض النشاطات أو زجهم في ميدان العمل وخاصة في العطل الصيفية بالنسبة للشاب، أما البنت تحرص والدتها على تعليمها بعض المهارات مثل فنون الطبخ، تعليم الخياطة بالاضافة إلى تشجيعها على القراءة.
- دور المدرسة في عملية بناء الشاب فكثير من المراهقين يحرص على تقليد المعلم القدوة وله تأثير كبير على شخصيته بل يكتسب منه العادات الصحيحة، فيجب تفعيل دور الإرشاد المدرسي الذي أُهمل خلال السنوات الأخيرة.
- دور الأصدقاء الجيدين وتأثيرهم على الأبناء، دائما ما يميل الشاب أو الفتاة إلى الصديق الذي يعكس شخصيته، وتوجيه الأهل في اختيار الصديق الجيد ومتابعتهم مع الحرص عدم الشعور بمراقبتهم.
- التشجيع على الحضور في المجالس الدينية ودروس القرآن.
وأخيراً يمكننا القول أن المراهقة بلاد غريبة يجب اكتشافها بحذر وتوقع مطلق للخطر وليس المراهق سوى رائد في أرض جديدة وواعدة ومفعمة بالمخاطر في الوقت نفسه، وعليه اكتشاف أرضه من طرف ونفسه المشحونة بالصراع من طرف آخر، يجب على الأب لايكون منغلقاً.. يقرأ ويسأل ذوي الأختصاص إن لزمَ الأمر عن المراحل التي يمر بها الأبناء، وأن يتقرب منهم ولا يدع العمل يأخذ كل وقته.
فالأبناء لا يحتاجون للمأكل والملبس فقط بل إنهم يحتاجون الأب الروحي، الذي يجدونه أقرب إليهم من أي شخص عندما يقعون في أزمة، فالحياة مدرسة وأول مرحلة يبدأ الشاب فيها هي مرحلة المراهقة ثم ينطلق منها لإكمال مسيرة حياته، فمتى ما كانت المنصة سليمة والقائد كفوءاً كان التحليق آمناً.
اضافةتعليق
التعليقات