ما إن تتصفح مواقع التواصل الاجتماعي إلا ووجدت منشورات غدر الأصدقاء بازدياد هذه الأيام، فأحدهم يلعن اليوم الذي وثق بصديقه، وآخر يسطر أبيات الشعر التي تدل على خيانة صديقه..
ومايؤلم أكثر هي تلك الأخبار المتداولة حول قتل الصديق صديقه! أخبرني والدي في الأسابيع الماضية عن حادثة أولاد أحد الأطباء الذين تعاونوا مع احد اقاربهم لقتل صديقهم، انتشر الخبر في مواقع التواصل والقنوات الاخبارية، اطلعت على بعض التعليقات تحت منشور الخبر، أحدهم يقول بأن القتل كان بسبب سوء تفاهم فيما بينهم، والآخر يقول بأن القتل سببه منافسة في العمل وآخر يقول خلاف على بنت ووو..
كثيرة هي التحليلات التي اغلبها اشاعات وحب تضخيم للأمر، مهما كان السبب يبقى السؤال: هل إن الصداقة تخلت عن معناها، أم إن البشر تخلو عن انسانيتهم؟
الصداقة: منهل عذب يستمد منه الشخص طاقة السعادة والمؤازرة لمواجهة الحياة، هي الأخوة التي تكون خارج اطار الأسرة.
يرى أرسطو بأن الصداقة هي مشاعر عطفٍ متبادلة بين عدد من الأفراد في المجتمع، والتي تكون مبنية على وجود تشابه في الأذواق، وعلى العِشرة الحسنة والمشاركة الوجدانية.
السؤال: مشاعر العطف تلك كيف انتجت القتل؟
الصداقة في المنظور الاسلامي نعمة من نِعم الله تعالى على الإنسان، كيف تحولت نقمة في زماننا الحالي؟
-الجواب: عندما اُطلقت كلمة الصداقة على من لايستحقها:
روي عن الامام الصادق عليه السلام: (إن غضب عليك من إِخوانك ثلاث مرات فلم يقل فيكَ شَراً فاتخذهُ لنفسكَ صديقاً).
فبعد غضب ثلاث مواقف اذا لم يقل الفرد فيك السوء اتخذه صديق، هذه هي قاعدة الأئمة عليهم السلام في اختيار الصديق، فيا تُرى كم من اصدقاءنا اختبرناهم بهذا الاختبار؟
حدود الصداقة: قد يكون مصطلح غريب لأن الاغلبية تعتقد ان الصداقة هي علاقة بلا حدود،
والبعض الآخر يعتقد أن الصداقة تعني التدخل بكل حياة الصديق ومعرفة كل تفاصيل حياته الماضية والحاضرة، فلم يعد للصديق حياة شخصية إلا وتدخل صديقه بها، كسر الحدود مُسبب أساسي للكثير من الصراعات والأحقاد.
أخبر مولانا الصادق عليه السلام بحدود الصداقة: (لا تكون الصداقة إلا بحدودها فمن كانت فيه هذه الحدود أو شيء منها فانسبه إلى الصداقة ومن لم يكن فيه شيء منها فلا تنسبه إلى شيء من الصداقة فأولها: أن تكون سريرته وعلانيته لك واحدة، والثانية أن يرى زينك زينه وشينك شينه، والثالثة أن لا تغيره عليك ولاية ولا مال، والرابعة أن لا يمنعك شيئا تناله مقدرته، والخامسة وهي تجمع هذه الخصال أن لا يسلمك عند النكبات).
لأننا لم نعرف الصداقة بهذا المعنى لعنا الصداقة والأصدقاء، وإلا فكل علاقاتنا هي عبارة عن معرفة وليست صداقة.
وروي عن الصادق عليه السلام: (ألا كل خلة كانت في الدنيا في غير الله فإنها تصير عداوة يوم القيامة).
وهذا ما يحدث الآن، علاقات تحت مسمى الصداقة محورها الدُنيا والبعد عن الله تعالى بدأت تتحول إلى عداوة وإجرام في الدنيا فكيف ستكون في الآخرة.
ومازال هناك من يقول كفاكم إدخال الدين في كل تفاصيل الحياة، في حين أن ابتعادنا عن الدين هو سبب ما يحدث من مشاكل.
اضافةتعليق
التعليقات