و. س سيدة عراقية تبلغ من العمر 38 عاما وهي موظفة وتمتلك شهادة ولكن تربيتها كانت بالصورة الفطرية للدين وليس بالمعلومات والدلائل، فهي تصلي لأنها وجدت أهلها يصلون وتحب أهل البيت لأنهم هم أهل بيت النبوة كما أغلب نساءنا هكذا، وفي إحدى الأيام التقت بصديقة قديمة وأثناء الكلام وسرد الأحاديث بدت صديقتها تدخل في حديثها إلى الدين الاسلامي والتشكيك بوجود الله والكلام كان صداه كبيرا عليها، وعندما حاولت أن تدافع عن دينها لم تجد الكلام الذي تتحاور به معها فكانت صديقتها تمتلك من الحنكة في الكلام والطريقة ماجعلها فقط تستمع.
تقول السيدة و. س: عندما انتهى اللقاء مع صديقتي خرجت مذهولة أمشي وأفكر في كلامها لست مقتنعة به ولكن لأني لم أعرف الدفاع عن معتقدي فإنني ما زلت على يقين أن ديني هو الصحيح ولكن لم أستطع الدفاع عنه، أحسست أنني خنت ديني بمجرد سكوتي لها، كنت أفكر تارة لماذا لم أصرخ بوجهها ولكن سرعان ما أجيب على نفسي: الصراخ أداة الجاهل، وتارة أخرى أقول هل هي على حق وأجيب في نفسي وأقول: لا أنا على يقين في ديني، إذن ما هذا الضعف الذي انتابني ولا أمتلك أي تفسير للذي يحصل لي، وكنت عندما أنظر إلى أطفالي أشعر برعب أكبر، أنا أمهم قد تأثرت بهذا فكيف بصغاري الذين لم يخرجوا إلى بوابة الحياة المتعبة. كان الندم الكبير الذي يملأ قلبي، لماذا بقيت ساكتة ولم أدافع عن معتقدي الصحيح..
من هنا قررت مع قرارة نفسي أن أبحث عن كتب حتى أستطيع الرد وردع هذه الأفكار وكنت كلما قرأت معلومة وبحثت عن معنى كانت دموعي تنهمر وقلبي يطير فرحا لما امتلكه من هذا الكنز الكبير وهو ديننا الحنيف.. وأتألم كثيرا لسطحيتنا بمعلوماتنا الدينية..
إن هذه القصة هي اختصار لسبب انتشار ظاهرة الالحاد أو (اللاربوبية) بصورة كبيرة في مجتمعاتنا العربية وخاصة العراق الذي باتت هذه الظاهرة ترسم لها خطوط لطريق مخيف في مجتمعنا العراقي وبالتأكيد المستهدف الأول هم الشباب لكونهم الورقة البيضاء التي يرتسم عليها خطة كل مشروع خبيث، وفعلا بدت تُبث أفكار هذه الظاهرة كالسم المعسول في عقول شبابنا. وخير نموذج هذه المرأة البسيطة.
وبوجود التكنلوجيا الحديثة ومواقع التواصل الاجتماعي التي تعتبر العامل المساعد والأساسي في انتشار كل معلومة وبالذات المعلومات أو الظواهر الشاذة لكون مجتمعنا مجتمع هش الأفكار ومريض النفوس يلتقط جميع الأفكار الغريبة والشاذة وبمقابلها يتخلى عن القيم والأعراف الحقيقية.
إن السبب الأساسي في انتشار هذه الظاهرة القصور الكبير من قبل الأهل في البيت من خلال عدم تربية أبناءهم على الثقافة الدينية الحقيقية بسبب ابتعاد الأولاد عن أهلهم والتجائهم إلى القنوات التلفزيونية ومواقع التواصل الاجتماعي التي أصبحت السوق التي يروج لهذه الظواهر وممارستها، مما أدى إلى خلو العقول من الثقافة الصحيحة وعدم انتماء أفكارهم إلى ثقافتهم العربية التي باتت مغيبة عن ناظرهم بعكس الثقافة الغربية المتوفرة في جميع ما ذكر مما أدى إلى التشبه بالغرب ومحاولة مجاراتهم في تفاصيل حياتهم ولبسهم وطريقة كلامهم وأغانيهم بل حتى أكلهم ومشروباتهم. وبالتالي طريقة تفكيرهم السطحية للأديان. وبذلك انجرف من كان أساسه الديني ضعيفا أو معدوما.
إضافة إلى ذلك إن الخطاب الديني مع الأسف اختار أن ينزل للعقول لا العقول ترتفع إليه، فالحوار الديني لم يواكب تطور الحياة الجديدة وبقى في دائرة الماضي، إضافة إلى ذلك القصور الواضح الذي تؤديه المنابر الحسينية حيث نرى الكثير من الشباب وخاصة أيام عاشوراء يتهافتون للالتفاف حول المنابر الحسينية للاستماع إلى خطابها ولكن التركيز يكون على مواضيع وعبر مكررة وبطريقة لا تواكب عقلية الشباب المتطورة، إن هذا كان سبباً في عزوف الشباب عن سماعه، مما تسبب في انتشار ظاهرة الإلحاد.
في حين يرى بعض المراقبين أن ظاهرة الالحاد غير حقيقية ودخيلة على المجتمع العراقي، وإنها مؤقتة بسبب الجهل واللاوعي والفقر والفساد والقتل والتهجير والسلطة الحاكمة غير العادلة، لذلك تنامت هذه الظاهرة كرد فعل على فساد الأحزاب الاسلامية.
وهنالك العديد من الأسباب التي جعلت من شبابنا هش العقيدة والدين.. ولكن ما الجدوى من ذكر السبب إن لم يكن حل، فبعض الحلول التي ربما نستطيع من خلالها تقوية أطفالنا أمام هذه الهزة الأرضية وجعلهم البنيان المرصوص ويكون ذلك بدءاً من البيت والأسرة والتربية الصحيحة، يجب أن تكون تربيتنا لأطفالنا على الثقافة الاسلامية بصورتها الصحيحة وبشكلها السهل الجميل، وأن نحذرهم من هؤلاء الذين يحاولون تشويه الدين الاسلامي، وأن يكون الجو الأسري جو جميل مطابق للتربية الاسلامية الصحيحة، ولاضير من حثهم على قراءة قصص الأنبياء والكتب الاسلامية الرصينة كل حسب عمره ومناقشتهم حول هذه الكتب حتى نبني جيل هم دعاة خير، وعند خروج ابنك أو ابنتك تكونين مطمئنة عليه من تسوسات البشر الخارجية.
كوني عزيزتي على يقين، التربية الصحيحة هي أساس بنيانك الرصين لأفكار أولادك بالصورة الصحيحة.
اضافةتعليق
التعليقات