في كل مرّة أراهم كان هنالك فضول يثير الأسئلة داخلي بشغف ضعيف لا يتعدى ضعف جنين ولدته أمه وهو لم يكمل السبعة أشهر!.
الحياة الزوجية تكتمل بذرية لتصبح أسرة على نمط متكامل، لكن ماذا لو أن هذه الحياة كانت خاوية من مذاق طفل صغير يعم أرجاء المكان بصوته الناعم الذي ينقشع فيه كل هم وغم، بأي وسيلة سيحاولان فيها الزوجان مداراة رزقهم الغير مكتوب في أقدارهم؟.
كنت أتساءل عن المرأة التي تمارس مهنتها ألا وهي الطب البشري باختصاص النسائية والتوليد وهي عاقر لم تشم يوما رائحة ولدها على الرغم من أنها وَلَدت عدد كبير من النساء واحتضنت كل طفل حديث الولادة بعبق من الحنان والتبريكات والاعتناء على الرغم أنها تشتهي الانجاب ولو لمرة واحدة في حياتها لكن هذا لم يدعها تعترض على مشيئة سبحانه تعالى..
كنت في حيرة من أمري كيف لامرأة عاقر أن تعشق الأطفال كنهكة سكر في كوب شاي شديد السواد!.
أتذكرها جيدا في إحدى لياليها الشاحبة المتأرجحة على حافة ليل عتيق كيف كانت منزوية على نفسها بزاوية شجرة كبيرة تنظر للسماء كأنها تخبر الله بأنها راجية الذرية وأن ذاك الأمل المهشم في أعماقها لن يتلاشى حتى لو حاول كل من حولها أن يسايروها كي تقتنع بقتل ذلك الرجاء أو في الحقيقة قتل غريزة الأمومة داخلها!.
الهبة الإلهية لا تأتِ كون الأمر تعدى مرحلة كبيرة من الأيام أو السنين بل يأتي حين يتعدى الأمر كل معالم وملامح الصبر ليولد من رحم المعاناة حياة أخرى تضيئ الظلام الذي لا يراه سوى صاحبه..
وهكذا بعد مرور أكثر من 18 عشرة سنة من الدعاء والرجاء قدّر الله أن ينبت في أحشائها جنين أمنيتها ليعوض سبحانه صبر الزوجان سوية على أمر اختبارهما ورضائهما بما قُدر عليهما، وإلى الآن لم يغرب عن ذاكرتي تاريخ يوم معرفة الدكتورة أو لنزيل هذا اللقب ونقول يوم معرفة هذه المرأة بنبأ حملها كيف أن الأرض لم تسع حجم فرحتها وكيف اغتسلت وتوضأت بدموعها، لقد عانقت الجميع بحرارة وبكاء وفرحة وجبر خاطر كأنها عصفورة محلقة في سماء لا حدود لها.
أتساءل دوما عن الاختبارات التي نمر فيها نحن البشر وعن هيكلية الغاية منها حتى في أعماق صدري كنت أشكك بالصبر إن طال مداه لكنني فيما بعد وبعد أن أخذني العمر بالكُبر أدركت حقيقة واحدة أننا لن نعطي ما دمنا غير واثقين من أن عطائنا الذي نهبه للمقابل لن يكون في مأمن أو لن يُقدر من قبل الجهة المستلمة للعطاء، لذا فأن الله تعالى لا يعط الأمانة إلا للمؤتمن الذي إن أؤتمن صان ما اؤتمن عليه.
اضافةتعليق
التعليقات
يمج2019-03-02