يُقال يا جدتي: أن الألم خير رفيق في طريق الحق؟.. بلى بُنيتي! إذا كان سالكه من طلاب الحقيقة.
- وهل يعني هذا أن طلاب الحق قلة، لأن القليل من الناس يحب الألم أو يمكن أن يتقبله كرفيق له؟!.
- نعم يا بُنيتي! لذا ترين دائماً طريق الحق قليلاً رواده. ثم مسحت على رأسها بحنان وقالت: اعلمي يا بَنيتي، إن ألم الجراحات التي ستلاقيها في هذا الطريق أهون بكثير من ألم الغفلة بسلوك غيره.! لذا عليكِ أن تشكري هذا الألم لأنه علامة حياة قلبك ويقظته.
ابتسمت الفتاة بوجه جدتها وقالت: _شكراً أيها الألم الموقظ لروحي.. شكراً.
- وما حقيقة الغربة في هذا الطريق يا جدتي؟
- الغربة يا عزيزتي أن تكوني غير معروفة عند أهل السماء، لا تعرفيهم، ولا يعرفونك..
أما أن تكوني غير معروفة عند أهل الأرض فهذه ليست بغربة! إنها "أنس العارفين" يا بُنيتي..
- وهل أبقى بلا رفقاء؟
- لا. بل أحبي الجميع، وتعايشي مع الجميع فهم عيال الله، ولكن لا تعولي على كل علاقة وتتخذين أهلها رفقاء هكذا تكوني قد حفظتِ قلبكِ طاهراً نقياً..
واعلمي أن القلب العاقل خير دليل ومرشد لذا اجعليه هو الرفيق متى ما تعلق بمن نناجيه في الخفاء بيا "رفيق من لا رفيق له".
- يالله، سأسعى لأكون كذلك.
- جدتي وماذا عن الحيرة في هذا الطريق؟
سمعت أحدهم يقول: "كن حائراً لتكن دليل" هل يمكن ذلك؟
- نعم، لأن الحيرة يا غاليتي مؤشر على أن الإنسان حيّ بوجدانه.. باحثاً عن ما يكمل كيانه فالحيرة بوابة لبلوغ اليقين، ورؤية الطريق بشكل سليم..
وهو بذلك يستدل على الطريق بتفاصيله ويبحث عنه بشكل دقيق لكي لا يخطئ في مسيره ولهذا يكون تارة دليل وتارة حائر.
فهو سيكون دليلاً لغيره بما وصل إليه بعد حيرته، فيكون مشعل نور بعد أن أوقد مشعل قلبه بنور المعرفة والبصيرة، وهو يكن في حيرة في غيرها من الأمور التي لم يتوصل إليها لأنه لا زال في الدنيا وإلى مصيره الأبدي سائر.
- نعم لقد فهمت الآن جدتي.
إنه طريق ذات شوكة- كما يقولون - ولكنه يستحق لأن نهايته ذات بهجة وسرور..
- بوركتِ بُنيتي، وثبتكِ الله تعالى ورزقك خاتمة الفلاح.
اضافةتعليق
التعليقات