هدأت أرض المدينة فلا يوجد صوت يزعج اهلها بفقدان خير البشر.. ذهبت "ناحلة الجسم" التي كان يذوب جسمها يوماً بعد يوم حتى صارت كالخيال..
إنها كانت بعد أبيها معصبة الرأس ناحلة الجسم منهدة الركن باكية العين محترقة القلب يغشى عليها ساعة بعد ساعة فكيف لا تكون كذلك، فقد يروي العدو هجومه على الزهراء حيث يقول:
اخذت السوط من يد قنفذ وقلت لخالد انت ورجالنا هلموا في جمع الحطب فقلت اني مضرمها
فقالت: يا عدو الله وعدو رسوله وعدو أمير المؤمنين، فضربت فاطمة يديها من الباب تمنعني من فتحه فرمته فتصعب علي فضربت كفيها بالسوط فألمها، فسمعت لها زفيرا وبكاء، فكدت أن ألين وأنقلب عن الباب فذكرت أحقاد علي وولوعه في دماء صناديد العرب فركلت الباب وقد ألصقت أحشاءها بالباب تترسه، وسمعتها وقد صرخت صرخة حسبتها قد جعلت أعلى المدينة أسفلها، وقالت: يا أبتاه! يا رسول الله! هكذا كان يفعل بحبيبتك وابنتك، آه يا فضة! إليك فخذيني، فقد والله قتل ما في أحشائي من حمل.
وسمعتها تمخض وهي مستندة إلى الجدار، فدفعت الباب ودخلت فأقبلت إلي بوجه أغشى بصري، فصفقت صفقة على خديها من ظاهر الخمار فانقطع قرطها وتناثرت إلى الأرض، وخرج علي، فلما أحسست به أسرعت إلى خارج الدار، وقلت لخالد وقنفذ ومن معهما: نجوت من أمر عظيم.
فقد فعل ما فعل بقصد كي ينتقم من علي عليه السلام فيكون قتلاً بقتل...
وفي رواية أخرى: قد جنيت جناية عظيمة لا آمن على نفسي. وهذا علي قد برز من البيت وما لي ولكم جميعا به طاقة. فخرج علي وقد ضربت يديها إلى ناصيتها لتكشف عنها وتستغيث بالله العظيم ما نزل بها، فأسبل علي عليها ملاءتها وقال لها: يا بنت رسول الله! إن الله بعث أباك رحمة للعالمين، إلى أن قال: فكوني - يا سيدة النساء - رحمة على هذا الخلق المنكوس ولا تكوني عذابا. واشتد بها المخاض ودخلت البيت فأسقطت سقطا سماه علي: محسنا. وجمعت جمعا كثيرا، لا مكاثرة لعلي ولكن ليشد بهم قلبي، وجئت - وهو محاصر - فاستخرجته من داره.. إلى أن قال: وأبو بكر يقول: ويلك يا عمر، ما الذي صنعت بفاطمة...
ماالذي صنعوا ببنت رسول الله التي كان يوصي بها في كل لحظة ويأمر الناس ان يهتموا بها ويراعوا حقوقها ولكن بدل ان يراعوا حقوقها ويحترموها غصبوا حقها وأسقطوا جنينها...
فليهنأ المنزعجون فقد غادرت المظلومة المغصوبة حقها فالحساب يكون يوم القيامة حيث "يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَىٰ يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا".
اضافةتعليق
التعليقات