نعيش اليوم في مجتمع استهلاكي، وأطفالنا يشاركوننا في ذلك منذ سنوات حياتهم الأولى، وهنا تمكن أهمية التحدث مع الطفل حول هذا الجانب من الحياة، وتعليمه كيفية إدارة مصروف الجيب، بحيث نربيه على ألا يكون مسرفاً أو جشعاً، وهنا يقدم موقع Psychologies الروسي بعض النصائح في هذا الصدد.
تحدَّث عن المال أمام طفلك دون حرج
قد يبدو التحدث عن المال أمام الأطفال أمراً محرجاً وغير لائقٍ للكثير منا، لكن أطفالنا اليوم أصبحوا يفكرون في المال كوسيلة لجلب السعادة لهم. بالإضافة إلى ذلك، فإن المال عادة ما يعد عنواناً للجدل ومصدراً للقلق في الكثير من العائلات، وطريقة للثواب والعقاب.
كل هذا الخليط الصعب يظهر في العديد من الأفكار المبلوَرة، التي ننقلها إلى أطفالنا دون وعي، مثل القول: "كل شيء في العالم يمكن أن يُشترى، وكل شيء هو قابل للبيع"، أو القول: "نحن نكسب المال بالعمل الكثير والعرق".
فيما تقول إخصائية الطب النفسي أنَّا فينكو، إن الأطفال عادة ما يفهمون هذه الكلمات على نحو أو آخر، إنها في الحقيقة كلمات معقدة ومتناقضة، وغير متسقة، وتترك أثراً سلبياً في نفوسهم، ويظهر في حياة كل منهم وشخصيته لاحقاً.
لذا لا يجب إظهار المال كشيءٍ يُخجَل من الحديث حوله. الشفافية والوضوح عند التحدث عن المال أمام الطفل يساعدانه فيما بعد في التعامل مع الأمور التي تتعلق بالمال بهدوء.
توضيح قيمة الأشياء
ولأنه من المهم تعريف الطفل بالنظام المجتمعي في سنٍ صغيرة، لذا يجب علينا أن نشرح له بوضوح أهمية المال في حياتنا ومن أين نأتي به، وكيف نكسبه.
المال يساعد طفلك على النضوج
المال من أهم الوسائل التي تساعد الطفل في أن يصبح مستقل الشخصية، ومعتمداً على نفسه وأن يخطو خطواته الأولى نحو النضوج.
هل من الأفضل عدم التحدث مع الطفل عن المال؛ من أجل أن نحافظ على براءته؟
ليس في وسعنا وضع الأطفال في عالم معقم، حيث لا وجود للمال.
في العالم الذي نعيش فيه، أصبح الأطفال من أهم الفئات التي يركز عليها أصحاب الصناعات؛ من أجل جذب أنظارهم وأسماعهم نحو المنتجات المختلفة التي تلائم فئاتهم العمرية، فنجد الطفل يبدأ في إنفاق المال حتى قبل أن تنمو أسنانه اللبنية.
هذا، وتقول أنَّا فينكو إن الأبحاث التي قام بها علماء النفس والاجتماع أظهرت أن قدرة الشباب على إدارة أموالهم تعتمد مباشرةً على امتلاكهم تجارب مماثلة في طفولتهم من عدمها، وإذا ما كان آباؤهم قد عودوهم في طفولتهم الاعتماد على أنفسهم في إنفاق المال، وكذلك على مدى معرفتهم بحقيقة وضع أُسرهم المالي في فترة الطفولة.
وتضيف إيرينا خامينكا، إخصائية علم النفس الأسري، أنه من أجل أن نتعلم شيئاً جديداً، ليكن مثلاً ركوب الدراجات، أو العمل على الحاسوب، فإنه يجب علينا أن نفعل هذا الأمر كلما كان ذلك ممكناً؛ ذلك أن المهارة في إنجاز عمل معين تُكتسب بالعمل المتكرر والتدريب.
5-4 أعوام: الحديث عن المال سهلاً
كل شيء له ثمن، قد تسأل متى يُمكنني أن أبدأ ذلك مع صغيري؟، وهنا يجب أن تعلم أن اهتمام الطفل بالمال وسؤاله عن ماهيته وأهميته، يبدأ عند معظم الأطفال في سن 4-5 أعوام.
وهنا قصة توضح أكثر هذا المفهوم، الطفل سينيا، ذو الخمسة أعوام، يجلس مع أمه في المقهى، يطلب المثلجات للمرة الثالثة، ترفض الأم طلب ابنها قائلةً إنه لم يعد لديها المزيد من المال. لكن، يبدو أن الأمر أسهل عند الطفل، إذ يرد سينيا على أمه قائلاً: "يمكنك الدفع ببطاقة الائتمان". وهذا يعني أنه قد شاهد والديه وهما يستخدمان ماكينات الصراف الآلي من قبلُ عدة مرات.
في نظر طفل صغيرٍ، فإن المال موجود دائماً وبكميات غير محدودة، فيرى أنه موجود في أماكن عديدة، مثل مكان عمل أبيه أو أمه، وفي المصرف، وبالمحل. وبالطبع، موجود دائماً في ماكينات الصراف الآلي حيث لا ينفد المال.
ربما تكون هذه الماكينات هي من يصنع المال، فقط على الوالدين أن يجدا مكاناً به ماكينة صراف آلي، ومن ثم الحصول على المال، ثم شراء كل ما يعجب الطفل.
من جانبه، يقول إخصائي علم النفس الأميركي جوليان غودفيري، إن توضيح أمور مثل: من أين نأتي بالمال؟ ولماذا هو ضروري؟ يساعد الطفل على فهم كيفية سير الأمور في المجتمع.
وإجابةً عن سؤال: كيف نعلم الطفل التعامل مع المال؟ يقول: "عندما نتحدث بوضوح وببساطة، يتعلم الطفل أن هناك أشياء ضرورية كالسكن والطعام والطاقة، وأن هناك أشياء أخرى ليست ضرورية للعيش لكنها تعطينا الإحساس بالسعادة؛ مثل: الإجازات والألعاب وكذلك الحلوى، وأن هذه الأشياء أو تلك لها ثمنها، وأنه لكي تحصل على أحدها فإنه لابد لك أن تدفع المال في مقابل ذلك، وأن المال لا يظهر من العدم".
ويتابع غودفيري قائلًا: "اشرحوا لطفلكم لِمَ تذهبون إلى العمل، وأنه صحيح أنكم تحبون وظيفتكم، لكن في الوقت نفسه تعملون من أجل الحصول على المال حتى تشتروا ما تحتاجه الأسرة من طعام وكساء وكتب وألعاب، في الوقت ذاته سيكون من النافع أن تنظموا لطفلكم جولة في مكان عملكم، فعادة ما يحب الأطفال تلك الأمور".
اضافةتعليق
التعليقات