المقالة الفائزة بالمرتبة الاولى في مسابقة بشرى حياة للمقال
في بداية الكلام وقبل الغور في غور اللا قاع لهذا الموضوع، احببت ان ابين انه مهما كتبنا ومهما وصفنا ولو استنفذنا كل قطرة حبر في العالم، لن نوفي طلقة واحدة من مخاض أمي الكادحة.. فتحية لك يا أماه لأبد الابدين..
قبل القبل فلنفرق بين الأنثى والمتأنثة ولنضع تعريف مبسط لهذه القارورة الزمردية.. يوجد لدينا في كل كيان على الاقل وجهين.. ووجها جنسنا الاخر وانصافنا هما المرأة او الأنثى وشبيهتها، أما عند قولنا امرأة أو أنثى لاحداهن.. فأنا أصف جبل من الصبر، ومحيط من الحنان، وألمُ كوناً من العواطف النبيلة في ذلك الانسان.. بينما عند قولي متأنثة.. فباختصار أصف جنساً آخر فقط.. أصف مخلوق مادي ذا فراغ معنوي.. أصف كائن أقصى غايته اشباع شهوات جسم بالي.. ولا ولم ولن يفكر بروحه المسكينة أبداً. وملاحظة (كل ما مضى وتلى ينطبق تماماً على الرجال والذكور لكن بتعابير مختلفة)..
وبعد معرفتنا للمرأة الأنثى وسمو مكانتها كإنسان قبل كل شيء، يجب أن نتطرق لمخادع الحياة التي تملأها تلك الثُلة من القديسات.. وكمقدمة لحياتنا فلنرى كيف قَدِمنا للعالم ومِنْ مَنْ تكونّا وعلى من اقتتنا لنُصبح بشر.. ومن ضرع من كبرنا وتصلبت عظامنا ولنستشعر التسع الثلاثينيات تلك ولو لبرهة!!..
أنه منهن كل ذلك منهن!! فخلايا الانسان أنشئت نتيجة تجمع مجموعة من العناصر الطبيعية.. التي كانت تأتيك مع دمها.. دم أمك الطاهر..
وحتى بعد أنبلاج نبتتنا من ذلك المتاع الطاهر.. لم تنتهِ من عطائها اللامنضب.. فكانت تدر لك جزءاً من عصير روحها مع اللبن.. وكنت عاجزاً عن كل شيء.. عاجزاً حتى عن مناداتها ب أمي.. فكانت هي قريبة منك كحبل الوريد.. أطعمتك، نظفتك، داوتك بفقد نظرها نتيجة السهر المتتالي لراحتك و و و.. ما لايُعد من مكارمها عليك.. كبرت وصرت تمشي وتنطق.. وقلت أول كلمة لها.. قلت ماما.. ولم تتركك.. بل ازدادت اهتماماً حين شعرت أن ثمارها أينعت بأول خطواتك وأول زقزقة لك بنغم أسمها.. وتوالت ايام عمرك وهي بجانبك وكانت دعمك وسندك وأول مُشجعيك وناصحيك وأكثر صديق صدوق لك.. كانت ادفأ حضن لترميَ بك فيه وآمنْ ملاذ لك وكانت ما لن يكون..
كل ذلك في بداية حياتك وكل ذلك أمك فقط.. أما عندما يمنّ عليك الله بأخت او أكثر فستعيش المعنى الحقيقي لنبع العاطفة الهامل.. ستكون اُماً أخرى ببساطة.. ستكون سندك في كل لاسند.. ستكون وردةً تكبر على زمزم حُبك لها.. ستكون ملجأك عند اشتداد صواريخ غرابة التصرفات من كل متأنثة.. ستكون منطقك في تفسير كل مُبهم من لامنطقية تصرفات ذلك الجنس.. ستُزيل الضباب من أمام عينيك أمامهن.. ستعيد ترتيب الالوان في مقلتيك بخصوص كل أنسية، وتشفيك من عمى الألوان الناتج من قلة فقه التصرفات.. باختصار "ستكون المثل الاعلى لاختيارك نصفك الأخر".. وأكثر من ذلك بكثير.. كل ذلك في جانب تربيتكَ أنت.. أما عند تربية أبنائك فأوسع، ولا اُجيد وصفه حتى الآن لأنني للآن نصف فقط، في كياني وايماني..
تمضي بك الحياة في قافلتها فتختار بقلبك رفيقةً لرحلتك.. وهنا لا أريد الوصف فيها شيئاً لأنني مهما وصفتها فسأظلمها.. سأكتفي بقول نصفُك واكتمال ايمانك.. إذاً فلها فضل عليك بقدر الذي لك عليها.. لانها اكتمال انتصافك وأنت اكتمالها أيضاً..
وتأتي هنا بعد تلك المرحلة أقحوانة حياتك "ابنتك".. أن مَنَّ عليك الله.. فهي سلوة الحياة وروح أبوها.. وستكون كنفسك تخاف عليك.. ستشعر بك أكثر منك بنفسك.. ستلبي رغباتك قبل التفكير بها اصلاً.. فللبنت وأباها رابطة لن تفهم يوماً أبداً.. ستكون سجادة صلاتك ونفحة ايمانك.. ستكون رداء بردك ونسيم حَرِكّ.. ستكون نظرة من عين الله لك.. ستكون زهريتك الصغيرة.. وستثمر ورودها بسيل من عواطفك الحنونة.. وستبقى بجانبك ولو تركك الكل..
كل ذاك في اطار العائلة.. أما فإن اجتزنا ذلك الحد.. فستجد لاحدّ لعطائها وإِثمارها.. فهي الكادحة المثابرة، المفكرة المثقَفة والمثقِفة.. فهي طوب المجتمع الأساس.. فعند بحثنا في أي مشروع ناجح أو أي نجاح في أي شيء.. فلابدّ للمرأة من دور فيه.. فبحكمتها وحنكتها تبني وبعاطفتها وحبها تُئاصر المجتمع.. ولصبرها وسياستها أهمية كبيرة في كل جانب..
وكل هذا لا ينفي دور الرجال في المجتمعات فكليهما عوامل نجاح "فإن كان المجتمع كجدار فهي الطوب وهو المادة الرابطة (الاسمنت) والعكس صحيح تماماً" وفي سالف الحديث أوردنا إنهم أنصاف لبعضهم في الكيان والإيمان..
ولدينا من الامثال والصور الواقعية الكثير والكثير.. ومن أفضلهم (المهندسة العراقية زها حديد) ولا أعتقد ان احداً للآن في العالم ولو كان صاحب اهتمام بسيط في الاطلاع على الجديد من كل شيء لا يعرف زها حديد.. فلا داعي لأُحجم مسيرتها البراقة العظيمة ببعض كلمات مني..
وأما من الأمثال التاريخية التي استقرت فوق عرش الرفعة والمنزلة عند رب العالمين في الأولين والآخرين.. فلدينا ابْنَة مَنْ كلامه كلام الله، وزوجة الاسلام كله، وأم سيدَيّ الجنان، وأم جبل الصبر "فاطمة الزهراء" روحي لحبة رمل من موطِئها فداء..
هذه التي وضع الله سره فيها.. هذه العظيمة التي لاتلُمها كلمة عظيمة.. هذه التي لا تَحمِلُ ذكرها أوراق.. ولا تسطرها أقلام ويصبح الحبر شفافاً اجلالاً لقدسيتها..
هذان مثالين من مئات الأمثال على مر التاريخ.. من آلاف النساء العظيمات... من ملايين الوورود على وجه البسيطة.. فالمرأة عبارة عن زجاجة عطر متنقلة تُخدش بأي كلام جارح وتهشم بالتعصب.. عبارة عن وردة ذات شذى رحمة مقطوفة من فناء الحنان الرباني، وتذبل لتروينا.. فلا تظلموا أنفسكم بظلم نسائكم، فإن لهن مكانة عند الله لا يعلمها إلا هو.. وإن لدعاء مظلومة عند الله مالا تتصوره من العذاب.. فانهن هدايا فاضت من عبق الرحمن لنا.. فهن سراج حب كبير ليضيء لنا أيام العتمة في الحياة ولتؤازرنا على كل هم وغم.. لكل خيانة تقتل أحلامنا.. لكل ألم يؤلم أرواحنا..
فهن دواء لكل آهات الحياة .. لكن فقط اهتموا بهدية ربكم.
كل ما سطرته وسردته عبارة عن وصف للمرأة الأنثى من النساء فقط.. أما المتأنثات فأنا لا استطيع جرح كلماتي بوصفهن وصفاً تاماً.. فصونوا تلك النفائس من زمردات الجنة التي لديكم..
اضافةتعليق
التعليقات