هاهي المشاعر الإنسانية، يفوح عطرها في كل أرجاء العالم، مشاعر لايقف عندها الممنوع، فالأرواح فوق الأكف، والعمر فداء، ولا أحد يجرؤ أن يصد أو يقف بوجه ذلك التيار الذي يتجدد كل عام. إنه تيار جارف، ولأنه صادق جرف معه حتى الذي لا يعرف الحب وعلّمه كيف للعشق أن يجمع القلوب، ويوحد الكلمة، وينتصر على الأعداء ويثمر كل عقيم، والأرض في موسمها هذا تعطي كل خيراتها ويزداد العطاء...
فهل علمتم ماذا تفعل هذه الأيام؟ إنها تقوم بتقبيل أقدام السائرين.. ولقدسية المشهد أرسل الله لها عوناً، ملائكة رقيقة جميلة ترعاهم وتسجل أجورهم، وتحسب عدد خطواتهم ولكم أن تتخيلوا كم العدد وكم الأجر !؟
أما السير فبدأ من أقصى العراق شمالاً وجنوباً، هدفه الوصول إلى نقطة المركز، وكذلك من مختلف البلدان تريد المركز ذاته حتى جوانحنا وجوارحنا التقت مع جوانح الوطن، وجوارحه تريد هذه النقطة، وتتلاقح الأفكار من أجل صنع الإنسانية بعفويتها من غير معلم أو استخدام سلاح، أو تدريب بل تُصنع من خلال هذا السير دون خوف...
نعم، قد بدأت جموع الزاحفين تهفو قلوبها نحوك، وتجد السير باتجاه قبلة الأحرار كربلاء
والأرواح تخفق لهفة للالتحاق بركب العاشقين
وتلك الأنفس والجوارح تتسابق لنيل شرف الخدمة في طريق الماشين، كلٌ يقدم الغالي رخيصا في سبيلك فرحا، ومشاعره ذليلة بالتقصير مهما فَعَلت بحبك.
ماعساهم أن يفعلوا وانفاسهم تتصاعد اختناقا لقرب الرحيل اليك، القدمان ترتجفان، خوفا عُجِن بشوق، ونبضات القلب تتسارع ابتهاجا، وترقبا لتلك اللحظات حينما يلتقي العشاق
بحضرتك ياسيدي ياحسين.
فالمحب ودَّع الأهل وودع زينة الحياة الدنيا، وجاء بكرمه يجود،وهي روحه التي بين جنبيه التي لن تخشى الردى؛ فروح التضحية تتأجج بداخله ،حاملا معه لوحة فيها كل تعاليم الحياة الحرة الكريمة، والحكمة والإباء، هكذا هو طريق الشهادة يحمل ثورة الإصلاح للنفس ويحمل في ثنايا قلبه كل شيء جميل ، ويرقى إلى الاجمل.
ففي كل سنة وفي هذا الوقت وضمن هذه المسيرة المليونية يعيش الأعداء في خوف وقلق لأن الكل يتلقى العلوم والدروس، صغيرا كان ام كبيرا ، رجلاً ام امرأة غني كان أم فقير.
ها هي صُحفنا ، مجلاتنا، فضائياتنا ، إذاعاتنا كلها استنفرت طاقاتها من أجل خدمة هذا الحدث، ونقلة من قلب الحدث، من الشارع المؤدي الى جنة الأحرار..
الى كربلاء المقدسة، رباه ما السر في هذا كله ؟ويأتي الجواب : لأن الحسين بن علي (عليه السلام)؛ أعطى كل شيء لله فأعطاه الله كل شي، نعم إنه الوفاء، فما أجمل الوفاء حينما يكون عنوانًا للوفاء.
اضافةتعليق
التعليقات