على ناصية الحزن تشخص قلوب الموالين في ليلة العاشر من محرم الحرام حيث يعتلي وجوههم الأسى لما تحمله هذه الليلة الأليمة من أثر في نفوسهم بذكرى فاجعة عاشوراء..
(بشرى حياة) أجرت هذا الاستطلاع لتنقل لكم جانبا من استعدادات ليلة العاشر..
عادة سنوية
أم رواء من أهالي مدينة كربلاء في عقدها الخمسين حدثتنا قائلة: لا يخفى على الجميع ما تمر به البلاد والعالم أجمع من جائحة الوباء اللعين حفظنا الله منه إلا أن هذا لم يوقفنا عن طقوسنا المعتادة في ليلة العاشر من محرم الحرام بتجهيز بيتي لإستقبال المعزين من أهالي المحلة التي نسكنها والأقرباء مع أخذ الحيطة والإلتزام بإجراءات الوقاية فالأمر الآن أصبح أكثر إدراكا فاذا شعر أحدهم بوعكة صحية يلتزم بالرقود في بيته خشية أن يكون مصابا.
وأضافت: إن استقبال المعزين في ليلة العاشر من عاشوراء هي عادة سنوية أقيمها منذ سنين خلت، حيث كنت أستقبل المعزين في هذه الليلة بالخفاء خوفا من جلاوزة النظام السابق أما الآن قد تسنى لنا أن نرفع أصواتنا بحب أبا عبد الله الحسين (عليه السلام) معزين مولانا صاحب العصر والزمان بمصاب جده وسيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (عليها السلام) بمصاب ولدها، أسأل الله أن يتقبل منا هذا القربان ويجعله في ميزان حسناتنا.
من جانبها قالت أم طفوف قارئة حسينية: يستذكر المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها مطلع شهر محرم الحرام من كل عام الفاجعة الأليمة لواقعة الطف، حيث تمتلئ الشوارع بمكبرات الصوت بقصائد الرثاء وتوضع على أسطح البيوت رايات ترمز عن الحزن، كما لا يخلو الأمر من إقامة مآتم العزاء النسائية والرجالية ونصب التكايا في الأزقة والأحياء وافتتاح الحسينيات للمباشرة في تحضير وجبات الطعام للزائرين الوافدين من خارج وداخل العراق والمدن الأخرى.
وأضافت: كل هذا استعدادا لليلة العاشر وهي ليلة الوداع التي كتب عنها الشعراء قصائد رثاء تفجع القلوب ثم يليها يوم الشهادة حيث مصرع أهل بيت النبوة في العاشر من شهر محرم فتكون ساعة الظهيرة هي الساعة التي تراق بها آخر الدماء الزكية وهي دماء سيدي ومولاي أبا عبد الله الحسين (عليه السلام) لتختم تلك الدماء الرسالة المحمدية، وبدوري أنا أنقل مضامين تلك الفاجعة من خلال منبري الحسيني المتواضع للمعزين.
عظم الله لكم ولنا الأجر بهذا المصاب الأليم.
ليالي الحزن
وكانت لنا هذه الوقفة مع الشيخ حيدر الساعدي حدثنا قائلا: تمر علينا في هذه الأوقات ليالي حزن تحمل في طياتها ريح زكية تعيدنا إلى ليلة التاسع من عاشوراء.
حيث تستنفر مدينة كربلاء المقدسة جميع كوادرها الخدمية لتهيئة كل متطلبات الزيارة وتسهيلها للزائرين، والاعلامية لنقل مراسيم الزيارة الحسينية عبر المحطات الفضائية والوسائل الأخرى ليتسنى مشاهدة مواكب العزاء وغيرها لمن ليس بمقدوره الحضور والمشاركة الوجدانية أو الخدمية في الزيارة.
وأضاف: لكل فرد دور مهم في إحياء هذه الليلة، ولا ننسى بالذكر أصحاب المواكب والحسينيات ومدن الزائرين والعوائل الكربلائية التي تفتتح أبوابها للزائرين.
حيث تتنوع الشعائر الحسينية وتشهد مدينة كربلاء استقطابا واسعا للجمهور الحسيني الذي يقطع مسافات كبيرة تصل إلى الآلاف من الكيلومترات تلك المسافة التي لم تمنع محبي الحسين (عليه السلام) من ممارسة شعائرهم ليؤكدوا أمام مرقده الشريف بطولته ومن معه في القتال.
تلك البطولة رسمت لوحة لمعركة ما زال صداها يتردد في كل عام حيث أصبحت تفاصيلها ونتائجها تشكل قيمة روحانية ذات معان كبيرة ودلالات عقائدية صادقة بالإيمان المطلق بالإصلاح وإحلال الحق بدلا من الظلم، إذ لم تكن ثورة الحسين (عليه السلام) حدثا تاريخيا عابرا، إنما هي ثورة اتسمت منذ انطلاقتها بوضوح أهدافها السامية ومضامينها العظيمة للخلاص من الظلم والتعسف، فكانت ثورة إصلاح بكل معنى الكلمة، لهذا بقيت ثورة الحسين (عليه السلام) رمزا خالدا على مر الأجيال، وأمست عاشوراء ولاءً يتجدد وصرخة مغلفة بحزن الواقعة.
اضافةتعليق
التعليقات