الشجرة كانت مجرد بذرة ثم نبتة صغيرة ثم ماهي عليه من طول باسق وأغصانٍ خضراء وثمارٍ دانية، تلك البذرة ماكانت لتكبر لولا العناية بالتربة وتجهيزها وحرثها جيداً والاهتمام بنوع السماد والسقاية والمناخ المناسب، وقد تحتاج هذه الشجرة لسنوات كثيرة حتى تعطي حصاداً مفيداً.
الناس بنظرتهم السطحية لا ينظرون إلا إلى النتيجة؛ شجرة، رجل، امرأة، طفل، مدرسة، كتاب، عالم.... سواء كانوا ثماراً جنيّة أو فاسدة.
يفغل الكثير أو يتغافل عن حقيقة أن كل شيء حصيلة عدة أيادٍ، تكوّنت عبر أطوار سابقة وتطورت على حسب الظروف والوقت والبيئة.
بالتأكيد قد توجد بعض الاستثناءات، لكن القاعدة العامة وسنة الكون تقوم على هذا المبدأ أو هذه الفلسفة أو النظرية.
الامام الباقر عليه السلام كان من ضمن الممهدين والمجهزين لمدرسة علمية عريقة، هو من وضع اللبنات الأولى لها وأكمل ابنه الامام الصادق مهمة أبيه في نشر العلم بين أروقتها.
أكثر الأحاديث التي وصلتنا من تلك المدرسة العريقة رويت عن أبي عبد الله الصادق، الآلاف نقلوا الحديث والعلم من خلالها، والمئات من العلماء كانوا يقولون عبارة مشتركة: حدثني جعفر بن محمد.
وهذه الثروة كلها قد استودعها الامام الباقر؛ معدن العلم ومن بقر العلم بقرا، لابنه الصادق وهي من ميراث الانبياء من كتبٍ وعلم. وبالطبع تعلم وتثقف الامام الباقر على يد أبيه الامام السجاد، وكلُ ينهل من الآخر وهم من نبعٍ واحد.
كان وضع الأمة الاسلامية في عهد الامام الباقر مليئا بالفساد والفتن، وقد استمرت امامته 19 عاماً تقريباً، وقد وضع أسس علوم الدنيا من خلال إنشاء مدرسة فكرية تربى الكثير من الطلبة بين جدرانها، وأعد كوادر رسالية كانت مهمتها الأساسية رد الشبهات وأفكار الزندقة والالحاد والانحرافات العقائدية.
ضيق هشام بن عبد الملك على الامام، ونفاه إلى الشام وحبسه صلوات الله عليه.
ومن تلامذته كانوا محمد بن مسلم وزرارة وابي بصير وبريد. ولقد لعبوا دورا بارزا في نصرته.
يقول الامام الصادق عنهم: لولا هؤلاء الأربعة، لاندرست أحاديث أبي.
كان يعلم الامام أنه سيُقتل، مثل كل آبائه، لكنه يعلم أن رسالة جده وخزين علمه لا يموت، فنقلها إلى ابنه الصادق لينتفع المسلمون بهذه الثروة الثمينة.
يقول الامام الباقر: عالم ينتفع بعلمه أفضل من سبعين ألف عابد.
اضافةتعليق
التعليقات