أشرنا في الحلقات السابقة لسلسلة العنف ضد المرأة، إلى الفكري منه، الجسدي، السياسي والاقتصادي الذي تتعرض له النساء، وبالرغم من وجود أصوات تتعالى وشخصيات تتصدى للدفاع عن قضية كبرى تحدد مستقبل المجتمع، إلا أن عدم وجود قانون ينظم عمل تلك الجمعيات الحقوقية، جعلها في موقف مرتبك من تحقيق الأهداف المرسومة، إذ إن أكبر حملة عنف شنت ضد المرأة في العراق، هي تجريدها من الأحقية بوزارة متخصصة برعاية وحماية حقوق وحريات 50% من الشعب أو دمجها مع وزارات اخرى.
قانون العنف الأسري
بيّن مدير جمعية مراقبة حقوق الانسان في كربلاء أحمد الموسوي أن "مع كثرة حملات المدافعة والبرامج النسوية إلا أن السلطة الذكورية تبقى سائدة في المجتمع خاصة في القرى والأرياف والمجتمعات العشائرية".
وأضاف أن "انتشار انتهاكات حقوق المرأة بشكل مخيف في المجتمع العراقي، هو دليل اخفاق البرلمان العراقي وخلال الدورات النيابية السابقة عدم تشريع قانون العنف الأسري المعطل من قبل بعض الأحزاب السياسية التي لا تؤمن بحقوق الإنسان بشكل عام وحقوق المرأة بشكل خاص".
وأوضح الموسوي في لقاء خاص لموقع "بشرى حياة" أن "العراق صادق في عام ١٩٨٦ اتفاقية مناهضة التعذيب ضد المرأة التي تسمى سيداو التي أقرت من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام ١٩٧٩".
وأكد على أهمية "ترجمة المواقف والشعارات إلى التصدي الحقيقي والفعال لانتهاكات حقوق المرأة، وأن تتمتع بحقوق الانسان وحرياته الأساسية كافة".
يذكر أن قانون العنف الأسري الذي يتیح للمرأة أو الطفل المعنف وحتى الرجل تقديم شكوى لدى المحاكم المختصة بالأسرة وإنزال القصاص بحق المعتدي، على طاولة مجلس النواب منذ سنوات عدة ألا أنه لايزال معطلا ولم تتم مناقشته للأسباب السياسية والمصالح الحزبية وغيرها من أسباب تردي الواقع الحقوقي في العراق.
اتفاقية سيداو
إن ابتعاد المجتمع عن تعاليم الدين الحنيف جعلته بحاجة إلى اتفاقيات ومعاهدات دولية تنظم الحقوق والحريات التي كفلها الاسلام للفرد من ولوجه في رحم أمه حتى وفاته، وإن الدستور الالهي لم تغادره صغيرة ولا كبيرة إلا اقر لها تشريعا يتلائم وجميع المراحل والأزمنة.
وإن واحدة من تلك الاتفاقيات هي اتفاقية سيداو لحقوق الانسان، هي معاهدة دولية مكرسة لحقوق المرأة ووقف التمييز ضدها اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة وعرضتها للتوقيع والتصديق في ديسمبر (1979)و تم العمل بها في أيلول 1981، وعُنيت بشؤون المرأة من جميع النواحي.
تتألف الاتفاقية من"ثلاثين مادة" وضعت منهاجاً كاملا للقضاء على التمييز ضد النوع الاجتماعي على جميع الأصعدة، اذ يمكن اعتبارها جوهر الاتفاقية ومؤونتها لأنها ترتب الشروط والتدابير الواجب على دول الأطراف اتباعها.
المرأة ضد المرأة
إن الدفاع عن المرأة والاهتمام بحقوقها يمثل الخطوة الأولى لتأسيس أمة خالية من العنف، إذ إن الإسلام كفل لها حقوقها وحفظ كرامتها، وعدها جذرا رئيسا لتكوين المعادلة المجتمعية.
هذا ما أكدته عضو جمعية التطوير المؤسسي IDA في العراق جنان آل ماجد " أقر التشريع الإسلامي مبدأ المساواة بين الناس جميعا مساويا بشكل فعلي وعملي بين كل البشر ذكورا واناث وأعطاها من الحقوق مالم تمنحه كل القوانين الوضعية، في الوقت الذي كان العالم وحتى وقت قريب ينظر للمرأة نظرة دونية".
مبينة أنها "حرمت من العديد من الحقوق السياسية والاجتماعية والثقافية، وحتى بعد المناشدات وحملات المدافعة عن حقوق المرأة وعقد الاتفاقيات بشأن النهوض بها ووضع قوانين لانصافها، كان القانون المشؤوم "الكوتة الانتخابية" تخصيص نسبة 25% من المقاعد في الهيئات التشريعية للنساء فهو يمثل إخلالا جسيماً بمبدأ المساواة".
وأشارت آل ماجد إلى "ضرورة وصولها للبرلمان من خلال خوضها الانتخابات التنافسية في إطار المساواة مع الرجل في أحقية الترشيح، ويمكن أن تحصل على ربع أو نصف أو ثلث مقاعد البرلمان ما دامت صناديق الاقتراع هي التي أوصلتها إلى العضوية".
وإن السلم التصاعدي للنهوض بالواقع الحقوقي للمرأة يبدأ من منزلها، ثم تعززها من وطنها وحكومتها، وبتكاتف المرأة مع المرأة، لأننا احيانا نرى العنف من النوع نفسه، وهذه كارثة كبرى نجدها في البيت والعمل.
اضافةتعليق
التعليقات