حبيب ليس يعدله حبيب.. تجحف في حقه ملايين المرات.. وما إن تندم وتتوب على خطيئتك؛ يحبك وتصبح كيوم ولدتك أمك! (باستثناء حق الناس، فله بحث آخر)، ففي الحديث القدسي قال سبحانه: "أهل طاعتي في ضيافتي وأهل شكري في زيادتي وأهل ذكري في نعمتي وأهل معصيتي لا أويسهم من رحمتي، إن تابوا فأنا حبيبهم وإن دعوا فأنا مجيبهم وإن مرضوا فأنا طبيبهم، أداويهم بالمحن والمصائب لأطهرهم من الذنوب والمعايب". 1
نعم، إن تتوب توبة نصوحة يمسح كل ماضيك بكل رحابة صدر، بل ولا يُعيِّرك على خطأك ولا يلومك بعدها أبدا.
يقول لك أنا موجود في كل وقت وفي أي مكان تريد؛ أسمعك... وأفهمك... وأجيبك...
لا يتركك في ضياع وشتات.. بل ينصحك وينصحك وينصحك.. عن طريق أوليائه وكتبه، لماذا؟ لم كل هذا الإصرار على الهداية؟! هل لأنه يحتاجك؟!
كلّا وألف كلّا! حاشا لله!، إنه لم يخلقنا ليستكثر بِنَا من قِلَّة ولا ليأنس بِنَا من وحشة ولا ليستعين بِنَا على شيء عجز عنه ولو أنّ جميع خلقه من أهل السماوات والأرض اجتمعوا على طاعته وعبادته ما زاد في ملكه شيء! سبحانه وتعالى عن ذلك.
بل رحمةً ورأفةً منه على عباده.. لأنه يريد أن يرانا في الأعالي ومن المقربين لديه..
فنحن أشرف مخلوقاته وخلفائه في أرضه! ولكن للأسف أضعنا مقامنا الذي أكرمنا الله به وغرقنا بمشاغل ومتع الدنيا ومتاهاتها، ناسين أو متناسين لماذا خُلِقنا أصلاً!
فهذه نعمة وفردوس أبديّ.. إن أجدنا التصرف.. وإن لم نبدلها الى نقمة وسبب لدخول جحيم أبدي!.
أوحى الله تعالى إلى داوود: " قُل لِعبَادي: لَم أخلُقكُم لِأَربَحَ عَلَيكُم ولكن لِتَربَحُوا عَلَيَّ". 2
ما أعظم هذا الحديث القدسي، لنرى يا لنا من سعداء وَيَا له من إلٰه عظيم..
ليس بحاجة لنا وله القدرة المطلقة علينا! ومع كل هذا:
"لَم أخلُقكُم لِأَربَحَ عَلَيكُم ولكن لِتَربَحُوا عَلَيَّ"!
الرأس بلا شعور يطأطأ خجلاً منك مولاي وخالقي وإلهي.. من المؤسف التقصير في حقه سبحانه بعد كل هذه العطايا والنعم..
عندما يقدّم لنا شخص عزيز على قلوبنا معروفاً نشكره وفي قلبنا ألف شكر وامتنان له ولا نرضى أن يرى منا أي كدر وانزعاج لأن له الفضل علينا.
نعم، نحن نرتب الأشخاص في قلوبنا لما نرى من صفاتهم المميزة والحلوة على قلوبنا، كالمحبة والإهتمام والصدق والإخلاص والوفاء..
فما بالك بخالقنا والمُنعم والمتفضل المطلق علينا! وهو صاحب ومنبع المحبة المطلقة والصدق والإخلاص والوفاء المطلق!
بمشيئته كنّا، وبقوّته أدَّينا فرائضه، وبنعمته قوينا على معصيته!، جعلنا نسمع ونبصر وأقوياء، فما أصابنا من حسنةٍ فمن الله وما أصابنا من سيئةٍ فمن أنفسنا..
لم يَدَع تحذيرنا ولم يؤاخذنا عند غرّتنا، ولم يكلّفنا فوق طاقتنا ولم يحمّلنا من الأمانة إلّا ما قدرنا عليه، بسوء ظننا به؛ قنطنا من رحمته.. فلكلِّ قضاء الله خيرةٌ للمؤمن.. فإن صبر ورضى بقضاء الله وشكر نعمائه؛ وعمل برضاه وأطاع أمره يكون من الطبقة الراقية عند الباري سبحانه.
لله درّ أمير المؤمنين (عليه السلام) عندما قال في مناجاته: "إلهي كفى بي عزّاً أن أكون لك عبداً، وكفى بي فخراً أن تكون لي ربّاً، أنت كما أُحبُّ فاجعلني كما تحبُّ". 3
اضافةتعليق
التعليقات