كثيرة هي القصص والمواقف التي تستوقفنا وتجعلنا نتأمل ونفكر ونقلب أمور حياتنا وأفعالنا، وربما يتضح لنا اننا حدنا عن الطريق الصحيح وسلكنا سهوا الآخر فنتدارك أنفسنا بعدها ونقوّم مسيرنا .
او تُفتح لنا آفاق جديدة وتدفعنا قدما للتطور والتعمق وفهم ديننا ببصر واضح غير مشوش، ومن هذه المواقف أتذكر كيف شعرت بالحزن والإحباط، والحقيقة لست وحدي من أصابني الحزن والاستغراب بل كل النساء اللاتي كنّ مجتمعات لتلقي درس الإرشاد الأسري في إحدى الحسينيات والذي قدمته أحدى المبلغات المؤمنات حين وجهت سؤالا لنا ما هو الجهل الديني؟.
ومن بين الردود التي أثارت الاستغراب قصة سردتها سيدة ثلاثينية العمر جعلتنا نبتئس ونأسف حين أجابت: اعتقد أن الجهل الديني يكمن في عقل قريبي الذي يسكن في إحدى القرى النائية في الجنوب وهو غير متعلم (أمّي) قرر يوما أن يصلي بعد عمر ناهز العشرين وذهب الى شيخ في الجامع بأطراف القرية وفعلا تعلم الصلاة وبدأ يصلي وفي يوم من الأيام كان له ولد يحبو وكان بيته على أطراف (ساقية ماء) زحف الطفل باتجاه الساقية والرجل يصلي وينظر لابنه حتى سقط فيها لكن الاب أكمل صلاته بسرعة وهرع لأبنه وحاول إنقاذه لكن الطفل فارق الحياة .
وحين سأله الناس: لماذا لم تنقذ ابنك؟.
أجاب: لقد قال لي شيخ الجامع اذا دخلت في صلاتك لا تتركها لأي سبب!، وبعد ملامة الناس القاسية وأسفه على ابنه ترك الصلاة ولعن اليوم الذي قرر فيه أن يصلي .
لقد صدقت تلك السيدة حينها، ذلك هو الجهل بصحيح الدين، يقال: (أن الجاهل يفعل بنفسه مالا يستطيع عدوه أن يفعله به)!.
وذلك الرجل فعل بنفسه ما لم يجرؤ حتى عدوه أن يفعله به!، فأي متاهة يسلكها الجاهل بدينه، ونقصد الجاهل بالتعاليم والأحكام الدينية او عدم فهمها والتعمق بها ومعرفة جوهرها الحقيقي بدون تحريف، وبمعرفة الله سبحانه وتعالى وصفاته وما تحمله من لطف وعناية ورحمة ومغفرة لعباده، والجهل بمعرفة القرآن الكريم وأهدافه وما يحمله من تعاليم تحمي الإنسان وتجعله مسؤولاً عن أفعاله وتوضح له الصراط المستقيم لتصونه من الزلل والأخطاء والتخبط الأعمى بدروب الحياة وحفظ كرامته ونفسه وأهل بيته، وكذلك الجهل بمعرفة الرسول صلى الله عليه وسلم وال بيته ودورهم بإثراء مسيرة الإنسانية بالعلم والمعرفة لتؤهلهم لحمل أعباء الاستخلاف في الأرض ليكونوا أصحاب قيم وأخلاق وعلوم ليبنوا ويعملوا ويصلحوا، ولكي يؤكد الإنسان إنسانيته ووجوده ونفعه في الأرض.
هذه هي الرسالة السماوية التي حملها الرسول (ص) وبثها في الذات البشرية لترتقي بعلومها ومدنيتها.
لكن للأسف شرور البشر أوقف هذه الرسالة وشوهها ومزجها بأغراض عدوانية ودنيوية عبر الأجيال لينزل المجتمع الى أدنى المستويات الفكرية والمعرفية وتحول من مجتمع (حضاري إسلامي) الى (مجتمع متخلف إسلاميا وحضاريا)، وبما أن المجتمع هو الفرد فقد ساهم بتعطيل حب الاطلاع والمعرفة الدينية لديه وأصبح لاهيا بالملهيات الدنيوية وتوافه الأمور وسفاسفها غير آبه ان كان يسير بالطريق الذي يريده الله ورسوله ويرتقي أم انه عكس التيار وجاهل بتعاليم دينه وأعلاه خير مثل وخير دليل .
اضافةتعليق
التعليقات