• الرئيسية
  • كل المواضيع
  • الاتصال بنا
facebook twitter instagram telegram
بشرى حياة
☰
  • اسلاميات
  • حقوق
  • علاقات زوجية
  • تطوير
  • ثقافة
  • اعلام
  • منوعات
  • صحة وعلوم
  • تربية
  • خواطر

وفاء الزيتون

فاطمة علي / الأثنين 20 كانون الثاني 2025 / ثقافة / 608
شارك الموضوع :

ومذ أبصرت نور الشمس، رأيت من عجائب الدنيا ما يشيب له الشعر وتصفرّ له الأوراق

سألَتْها غيمةٌ بفخر: "هل شربت أعذب من مائي؟"

فأجابها صمت حاد خدش كبرياءها. تغيّر لونها، تلاشى سوادها، وأومأت بوجهها عنها، حابسةً مطرها. لكن أشباح ذلك الصمت ظلت تزورها، حتى كبرت وجالت العالم فرأت بنفسها، وفهمت لما كان سكوت الزيتونة، تلك الشامخة فوق تلال العز، الصامدة تحت جور العدوان، المتأصّلة في حجر الانتماء، تجرّعت عذباً باردًا وعذبًا حارًا وعذبًا ملتهبًا. لا يستطيع عذب سحابة أن يرويَ ظمأها ويطفئ حرارة اشتياقها فقالت للغيمة عندما عادت مرّة أخرى:

نعم شربتُ عذبًا، كنتُ بين ظلماتٍ ثلاث، مع حبّات التراب، لا أملك لنفسي نفعًا ولا ضرًا. لم يكن الماء أول من روى ظمئي، بل كان عرقًا زلالًا باردًا. هبط عليّ، فأيقظني من طول هجعتي، فشربته حتى خرجتُ من الظلمات إلى النور.

ومذ أبصرت نور الشمس، رأيت من عجائب الدنيا ما يشيب له الشعر وتصفرّ له الأوراق، فكبرت ويد الفلاح ترعاني. لكنّي لم أكافئه على جزيل عطائه، بل غدت أغصاني عصيّةً تأبى أن تحمل لتوفّي شيئا من ديوني، وتكاثفت الديون، حتى بتُّ خجلةً من نفسي، أرجوه أن يتركني وحيدة، أعضّ على جراحي. لكنّ يديه الخشنتين كانتا تداعبانني بكل عطف، وهو يقول:

"الحمدلله الذي وفّقني لأن أسقي أرض وطني، وأربي في أحشائه شجيرات، يحفظن وجوده ويروينَ قصتي."

ثم شربت عذبًا حارًّا، تضعضعت له أركاني، واحتوته كل جوارحي، فبات يسري قوة بين أوراقي، والأعاصير تعصف بي، فتأبى أن تُكسر غصوني.

ارتويت من ذلك السائل الحار، الأحمر القاني، وأنا أنظر الى شابٍّ يستند عليّ، يحتمي بين أغصاني. احتضنته بملءِ وجودي، فلم أكفه شرّ رصاصٍ مزّق أعضاءه. لم أكفِ عينيه. لم أكفِ يديه. لم أكفِ صدره المشتعل حبًّا. لكنّه رواني وزادت ديوني.

ثم شربتُ عذبًا ملتهبًا، غلى به الشوق حتى غلت معه أركاني. شوق أمّ فقدت عزيزها، فاشتعل صدرها أسى، حتى تمنيتُ لو أن جوفي يُفتح لها، فتسكنه، ويسكن أنينها.

لكنّها احتضنت التراب بين أوصالي، تذكر شبّانا نالهم سلام صاحب الزمان. فسجدت شكرًا وصبرًا، والعيون تستعر نيرانا وعشقًا. فروتني النار وزادت ديوني.

كيف وفيتُ الديْن، هل تدري؟

حملتُ الخليط العذب ثمارًا خصّها ربّ العزّة بالذكر، ونشرتُها بين تراب الجنوب. فنمت أشجارٌ تروي قصص الصبرِ والنصرِ.



الوطن
قصة
الحب
العاطفة
الشهيد
الايمان
شارك الموضوع :

اضافةتعليق

    تمت الاضافة بنجاح

    التعليقات

    آخر الاضافات

    حب الصيف واجب وطني وإيماني

    الأسر القوية.. ماهيتها وأهميتها

    ألوف الجزيئات البلاستيكية.. رئتاك تستنشقان الخطر!

    عقد مقدّس تحت سماء مكة

    "أُزهِرُ رغم التقلّب".. ملامح من سيرة الدكتورة رغدة الحيدري

    لماذا غفلتم عن الأصل؟!

    آخر القراءات

    تبصرة تنموية من الخطبة الفاطمية: الزكاة وآثارها المادية والمعنوية على الإنسان

    النشر : الخميس 06 كانون الثاني 2022
    اخر قراءة : منذ 4 ثواني

    كيف يختصر الذكاء الاصطناعي وقت العلاج الإشعاعي للسرطان؟

    النشر : الأربعاء 28 حزيران 2023
    اخر قراءة : منذ 37 ثانية

    تعرف على الأطعمة الجالبة للسعادة والتفسير العلمي لها

    النشر : الأثنين 22 آذار 2021
    اخر قراءة : منذ 45 ثانية

    كيف تساعد طفلك على فن اختيار الأصدقاء؟

    النشر : الخميس 09 كانون الأول 2021
    اخر قراءة : منذ 52 ثانية

    مواجهة الحياة تحت الوان.. اسود احمر ابيض

    النشر : الثلاثاء 08 آب 2017
    اخر قراءة : منذ 55 ثانية

    كيف يكون الشاب مهدويًّا؟ مصطفى السوداني أنموذجاً

    النشر : الخميس 13 تموز 2023
    اخر قراءة : منذ دقيقة

    الأكثر قراءة

    • اسبوع
    • شهر

    شهيد العلم والمظلومية.. دروسٌ من سيرة الإمام الجواد للشباب المسلم

    • 855 مشاهدات

    عقد مقدّس تحت سماء مكة

    • 545 مشاهدات

    تصفح الإنترنت وأثره على العقل الباطن للإنسان

    • 453 مشاهدات

    أطفالنا والزراعة.. تأثير البستنة في تنشئة الأطفال

    • 386 مشاهدات

    الخيانة في الولاء للخونة: قراءة في حديث الإمام الجواد

    • 363 مشاهدات

    لا مَدخلية لمقدار العمر في النبوة والإمامة

    • 358 مشاهدات

    قارئة تُشعل شمعة الأمل في ظلام الجهل .. حوار مع القارئة مريم العيساوي

    • 3841 مشاهدات

    حوار مع حسين المعموري: "التعايش السلمي رسالة شبابية.. والخطابة سلاحنا لبناء مجتمع واع"

    • 951 مشاهدات

    شهيد العلم والمظلومية.. دروسٌ من سيرة الإمام الجواد للشباب المسلم

    • 855 مشاهدات

    رحيل ناعم

    • 757 مشاهدات

    عقد مقدّس تحت سماء مكة

    • 545 مشاهدات

    كيف أصبح "شات جي بي تي" مرجعاً لحياتنا؟

    • 539 مشاهدات

    facebook

    Tweets
    صحيفة الكترونية اجتماعية ثقافية بادارة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    الأبواب

    • اسلاميات
    • حقوق
    • علاقات زوجية
    • تطوير
    • ثقافة
    • اعلام
    • منوعات
    • صحة وعلوم
    • تربية
    • خواطر

    اهم المواضيع

    حب الصيف واجب وطني وإيماني
    • منذ 17 ساعة
    الأسر القوية.. ماهيتها وأهميتها
    • منذ 17 ساعة
    ألوف الجزيئات البلاستيكية.. رئتاك تستنشقان الخطر!
    • منذ 17 ساعة
    عقد مقدّس تحت سماء مكة
    • الخميس 29 آيار 2025

    0

    المشاهدات

    0

    المواضيع

    اخر الاضافات
    راسلونا
    Copyrights © 1999 All Rights Reserved by annabaa @ 2025
    2025 @ بشرى حياة