• الرئيسية
  • كل المواضيع
  • الاتصال بنا
facebook twitter instagram telegram
بشرى حياة
☰
  • اسلاميات
  • حقوق
  • علاقات زوجية
  • تطوير
  • ثقافة
  • اعلام
  • منوعات
  • صحة وعلوم
  • تربية
  • خواطر

وفاء الزيتون

فاطمة علي / الأثنين 20 كانون الثاني 2025 / ثقافة / 801
شارك الموضوع :

ومذ أبصرت نور الشمس، رأيت من عجائب الدنيا ما يشيب له الشعر وتصفرّ له الأوراق

سألَتْها غيمةٌ بفخر: "هل شربت أعذب من مائي؟"

فأجابها صمت حاد خدش كبرياءها. تغيّر لونها، تلاشى سوادها، وأومأت بوجهها عنها، حابسةً مطرها. لكن أشباح ذلك الصمت ظلت تزورها، حتى كبرت وجالت العالم فرأت بنفسها، وفهمت لما كان سكوت الزيتونة، تلك الشامخة فوق تلال العز، الصامدة تحت جور العدوان، المتأصّلة في حجر الانتماء، تجرّعت عذباً باردًا وعذبًا حارًا وعذبًا ملتهبًا. لا يستطيع عذب سحابة أن يرويَ ظمأها ويطفئ حرارة اشتياقها فقالت للغيمة عندما عادت مرّة أخرى:

نعم شربتُ عذبًا، كنتُ بين ظلماتٍ ثلاث، مع حبّات التراب، لا أملك لنفسي نفعًا ولا ضرًا. لم يكن الماء أول من روى ظمئي، بل كان عرقًا زلالًا باردًا. هبط عليّ، فأيقظني من طول هجعتي، فشربته حتى خرجتُ من الظلمات إلى النور.

ومذ أبصرت نور الشمس، رأيت من عجائب الدنيا ما يشيب له الشعر وتصفرّ له الأوراق، فكبرت ويد الفلاح ترعاني. لكنّي لم أكافئه على جزيل عطائه، بل غدت أغصاني عصيّةً تأبى أن تحمل لتوفّي شيئا من ديوني، وتكاثفت الديون، حتى بتُّ خجلةً من نفسي، أرجوه أن يتركني وحيدة، أعضّ على جراحي. لكنّ يديه الخشنتين كانتا تداعبانني بكل عطف، وهو يقول:

"الحمدلله الذي وفّقني لأن أسقي أرض وطني، وأربي في أحشائه شجيرات، يحفظن وجوده ويروينَ قصتي."

ثم شربت عذبًا حارًّا، تضعضعت له أركاني، واحتوته كل جوارحي، فبات يسري قوة بين أوراقي، والأعاصير تعصف بي، فتأبى أن تُكسر غصوني.

ارتويت من ذلك السائل الحار، الأحمر القاني، وأنا أنظر الى شابٍّ يستند عليّ، يحتمي بين أغصاني. احتضنته بملءِ وجودي، فلم أكفه شرّ رصاصٍ مزّق أعضاءه. لم أكفِ عينيه. لم أكفِ يديه. لم أكفِ صدره المشتعل حبًّا. لكنّه رواني وزادت ديوني.

ثم شربتُ عذبًا ملتهبًا، غلى به الشوق حتى غلت معه أركاني. شوق أمّ فقدت عزيزها، فاشتعل صدرها أسى، حتى تمنيتُ لو أن جوفي يُفتح لها، فتسكنه، ويسكن أنينها.

لكنّها احتضنت التراب بين أوصالي، تذكر شبّانا نالهم سلام صاحب الزمان. فسجدت شكرًا وصبرًا، والعيون تستعر نيرانا وعشقًا. فروتني النار وزادت ديوني.

كيف وفيتُ الديْن، هل تدري؟

حملتُ الخليط العذب ثمارًا خصّها ربّ العزّة بالذكر، ونشرتُها بين تراب الجنوب. فنمت أشجارٌ تروي قصص الصبرِ والنصرِ.



الوطن
قصة
الحب
العاطفة
الشهيد
الايمان
شارك الموضوع :

اضافةتعليق

    تمت الاضافة بنجاح

    التعليقات

    آخر الاضافات

    إشراقة السيدة الزهراء .. معجزة الشمس الخالدة

    تجاوز سطح الخلاف: كيف يختبئ الاتفاق خلف سوء الفهم؟

    الحشمة المهدورة خلف ستار القرابة

    مع تغيّر الفصول… الصحة النفسية في الخريف تحت المجهر

    ‏ ما بعد الرومانسية: اختيار يصنع العمر

    دخلاء العلاج الطبيعي.. بين وهم المعرفة وخطورة الممارسة العشوائية

    آخر القراءات

    مستقبلا.. كتب بأصوات مؤلفيها الراحلين!

    النشر : الثلاثاء 01 تشرين الاول 2019
    اخر قراءة : منذ 13 دقيقة

    لماذا يجتاح "جنون البروتين" عالم التغذية في 2025؟

    النشر : الأربعاء 14 آيار 2025
    اخر قراءة : منذ 13 دقيقة

    إياك والغضب!

    النشر : الثلاثاء 12 ايلول 2017
    اخر قراءة : منذ 14 دقيقة

    لماذا لا يتواجد اللون البنفسجي في علم أي دولة؟!

    النشر : الأحد 15 آب 2021
    اخر قراءة : منذ 14 دقيقة

    ماهي الأمور التي تطيل العمر؟

    النشر : السبت 22 تشرين الاول 2022
    اخر قراءة : منذ 14 دقيقة

    استراتيجية التعليم الجماعي وتأُثيره على مستوى الطلاب

    النشر : السبت 15 ايلول 2018
    اخر قراءة : منذ 14 دقيقة

    الأكثر قراءة

    • اسبوع
    • شهر

    من درر شيخ الأئمة: "أن تنجو بنفسك… هو أرقى رد"

    • 553 مشاهدات

    تجاوز سطح الخلاف: كيف يختبئ الاتفاق خلف سوء الفهم؟

    • 484 مشاهدات

    الحشمة المهدورة خلف ستار القرابة

    • 426 مشاهدات

    محاولة الانتقال إلى الأفضل..

    • 378 مشاهدات

    المرايا المشوّهة: كيف نصنع انعكاساً أوضح لأنفسنا؟

    • 352 مشاهدات

    علماء يكتشفون سببا مفاجئا لتناول الناس كميات أكبر من السكر

    • 318 مشاهدات

    بحر الزائرين: ذكرى استشهاد الإمام العسكري تعيد رسم خريطة الولاء في سامراء

    • 1202 مشاهدات

    الشورى: وعي ومسؤولية لبناء مجتمع متكامل.. ورشة لجمعية المودة والازدهار

    • 1167 مشاهدات

    الإمام الحسن العسكري: التمهيد الهادئ لعصر الغيبة

    • 1105 مشاهدات

    العباءة الزينبية: رمز الهوية والعفاف في كربلاء

    • 1087 مشاهدات

    اللغة الإنجليزية عقدة الجيل: لماذا نفشل في تعلمها رغم كثرة الفرص؟

    • 1069 مشاهدات

    مشاعرُ خادم

    • 678 مشاهدات

    facebook

    Tweets
    صحيفة الكترونية اجتماعية ثقافية بادارة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    الأبواب

    • اسلاميات
    • حقوق
    • علاقات زوجية
    • تطوير
    • ثقافة
    • اعلام
    • منوعات
    • صحة وعلوم
    • تربية
    • خواطر

    اهم المواضيع

    إشراقة السيدة الزهراء .. معجزة الشمس الخالدة
    • منذ 23 ساعة
    تجاوز سطح الخلاف: كيف يختبئ الاتفاق خلف سوء الفهم؟
    • منذ 24 ساعة
    الحشمة المهدورة خلف ستار القرابة
    • منذ 24 ساعة
    مع تغيّر الفصول… الصحة النفسية في الخريف تحت المجهر
    • منذ 24 ساعة

    0

    المشاهدات

    0

    المواضيع

    اخر الاضافات
    راسلونا
    Copyrights © 1999 All Rights Reserved by annabaa @ 2025
    2025 @ بشرى حياة