يلاحقني من مكان لآخر لا يتوقف عند سكة ما، إنه كالظل معي لا يرحل عني، يرسم لي لوحات فنية ورسمات حياتي، في كل يوم يعطيني إنذاراً ليذكرني بحالي، حينما أجلس وحيداً وأفكر في ذلك الوقت الذي ابحث فيه عن طرق تعلمني قضاء تفكيري بالاستفادة، ولا أقف مكتوف الأيدي وأنظر للآخرين كيف يمضون رسالاتهم الحياتية، فهو يعبر خلسة لا نعلم به ولا نلمسه ولا نتذوقه، فهو لحظات اذا ادركناها عبرنا شاطئ أعمالنا بالحق والسلام، ونور شوارع قلوبنا بالأمل، ونسمات التفاؤل التي أضاءت مراسي شواطئنا.
أحيانا تجعلنا نجهل نفوسنا ونتعدى الخطوط الحمراء التي أوصلتنا للخطر، ها هنا الحياة تقف دهشة لا تدري ولا تعلم ماذا تريد أيها البشر، فلو حلقت عالياً نسيت لما أنت فيه والسبب الذي جعلك تحلق، تهمل التفكير وتتجاهل من هو أدنى منك، تتناسى حقوق الآخرين وتتعالى عليهم، يا ترى ما تفكر به هل هو الصواب أم لا؟.
وهنا وقفت الحياة برهة وقالت: الوقت كالسيف، الفرصة سريعة المرور، فتشهر لنا بطاقتها الحمراء لتوقفنا كالمنبه لإيقاظنا من غفلتنا الدنيوية، ها هنا تعلمنا درساً تحكي لنا عبر وقصص غيرنا لعلنا نتعظ ولو بنصف موعظة، فأيقظت منبه عقلي ووجهته نحوه ونظرت إليه بإمعان ووقفت أنتظره فإذا به يأتي، وكان لهفي أن أساله من هو؟ وكيف جعلني أفكر فيه وقضيت حياتي لأعرفه وأمضيت تلك الدروب لألتقي به.
فاذا بسكته تقف ويقول: أنا عمرك الذي افنيته في انتظاري، كان كالعداد يمضي يوماً بعد يوم لكنك تجاهلتني وعبرت الخطوط، لم تمضِ دقيقة للقاء الذي وجدك هنا وأعطاك الجمال وكرّمك وصوّرك بأبهج صورة، هذا هو خالقك يرسم لك الحياة فلا تتعدى خطوطها.
حينها أذهلني الجواب الذي لم أفكر به قط، لم أعرف ما حدث لي دهشة، وحينها سرت وفي طريقي جلست أمام شواطئ تفكيري بأن أعيد لحظات عمري الضائعة واستعيد ثوانيها بالصواب نحو المعبود، الذي جعلني هنا وعلمني حروف الحياة لأكون من الذين يطيعونه في دروب الظلام لينير قلوب وجلت لرحمته ورفعت أياديها إليه ليصفح عنها فهنا غمر الحب قلبي لذلك الخالق، ورجع إليه ليصعد سلم الحياة مرة أخرى لكن بقلب تعلق به، وكان من عشاقه والمنتظرين لحظات طاعته.
فالعمر أيام وثوانٍ وهو فرصة علينا إدراكها في سبيل توطيد علاقتنا مع الله الواحد الذي ليس له مثيل، فها هي فرص الحياة عليك أن توصلها برباط قويم وليكن لأيامك ذكرا لله وأهل بيته عليهم السلام، ولأنهي كلامي بقول أمير المؤمنين عليه السلام (الفرصة تمر مر السحاب فاغتنموا فرص الخير) لذا علينا أن نغتنم فرص حياتنا وليكن لساننا لهجاً بذكره ويحلو نطقنا حلاوة آياته الكريمة التي كلما حزنت أقرأ صفحة من صفحاته فبها تكون راحتك، فلا تنسى ذكر الله.
اضافةتعليق
التعليقات