إن تعهد شخص لآخر بأن يبلغه أمرا من الأمور يسمى وعداً، وتستخدم كلمة الوعد عند وجود اتفاق بين طرفين لا يحكمها أيّ شروط أو جزاء، إنّما هي الكلمة التي تقال من وعد والنية في إيفاء الوعد. بينما تستخدم كلمة العهد عندما يتمّ الاتفاق بين طرفين بوجود شروط، ووجود عقاب وثواب.
في أغلب الأحيان حين يحاول المرء اثبات أمر ما أو فكرة ما لأحد يلجأ إلى الاثبات بالقول، ولأن الأمانة أثقل ما على الأرض يتمادى فيقسم كثيرا محاولا اثبات مصداقيته وأمانته، وهذا يعتمد كثيرا على الوفاء.
للوعد وجوه: أن يعد الشخص بشيء هو قادر على فعله ولكن لا يفعله، وأن يعد الشخص بشيء غير قادر على فعله ولا يفعله، وأن يوفي الشخص بوعده.
فعلى الإنسان أنْ لا يتسرع في اتخاذ قرار فإن القرارات وخاصة تلك الخاصة بالوعود، وإن الوعود من صنع القدر وهو المتحكم بها فعليك السعي بالفعل لا بالقول، فإن أقصر الاجابات الأفعال وهي أكثر مصداقية واثبات.
فعلى الانسان أن يكون حكيما في وعوده، إن اضطر لالقاء وعد عليه أن يتمه على أمثل وجه.
فإن الوعد احترام، "من لا يحترم وعده لا يحترم نفسه":- أناتول فرانس.
إن من أهم الأسباب التي تجعلك تخلف وعدك:-
1- القدر فوق القانون، فوق النفس، فوق الارادة، القدر يفعل مايريد ليس ماتريده انت. وهذا يقودنا إلى موضوع آخر هو هل مايفعله القدر سيء أم ايجابي، إن اجابتي "بعيدا عن الخوض في غمار التفسيرات الممتدة بعمق، هي تكمن في جوف القدر المتغذي بتشبع وتشابك من الأقدار والأمور تكمن بالحكمة والجمال".
2- أغلب قراراتنا في الوعود هي اللحظة المزاجية أو الحالة النفسية المتحكمة في المشاعر، والتسرع بالوعد، فالتسرع مهلك لأنه ناتج عن أمر غير مدروس جيدا.
"أبطأ الناس في قطع الوعد هو دوماً الأكثر اخلاصاً في الوفاء بالوعد":- جان جاك روسو.
وإن هذه الحالة إن كانت شعورا مفرطا بالحماس أو الغضب أو انهيار النفس، أو الشعور بالفرح وتلك المشاعر المتناهية بالزهو هي حالات زائلة حتما، وبذلك فإن المتسبب في الأمر زال وبهذا يزول الأمر الناتج عنها وهو الوعد أو ينطفئ بريقه، يصبح باهتا لا يُرى، لذلك الوعد فخ يقع فيه الحمقى.
3- مشاعر متعاظمة في المحبة والعشق، أو الشعور باللهفة أو الشغف وهذا قد يكون مؤقت كما في السبب الثاني، أو إن الإنسان يشعر أن المقابل بمثابة نفسه أو توأمه وقد زالت الحجب بينهما لذلك يسرع في القاء كلمات على هيئة وعد، ولكن الزمن يمضي ليكشف أن الحواجز لم تزل بينهما، الحواجز بينهما قوية ولكن الشخص الذي يلقي الوعد كان أعمى لا يعلم بالحقائق. أو إن الزمن يمضي فيتناسى الوعد بفعل الظروف الدخيلة.
4- الجهل والتجاهل والغفلة واستصغار الآخرين باعتبارهم وسيلة لنيل هدف ما، وهذا قد يكون ناتج عن تربية ونشأة غير صالحة أو غير صحيحة، وبذلك فإن للوعود ضحايا يرجى الانتباه لها باعتبار إن الطرف المتلقي للوعد كائن انساني يشعر بالألم فهو روح، لها ما لَكَ وعليها ما عليك، لا تغض الطرف عنها.
فإليك بعض الحلول..
عدم التسرع والتمهل واطالة النظر في الأمور، لمعرفة مخاطرها ومعرفة مقدرة النفس على خوض الأمر حتى النهاية أو لا، وهذا ليس معناه أن لا تجازف وتهدر الوقت بالنسبة لك، بل لا تجازف بحياة الأخرين أيضاً باعتبار أنك تتعامل مع الآخرين كما تود أن يتعامل معك وكل ما تفعله فإن هذا مردود عليك في وقتٍ ما بشكل مضاعف.
فلا تنطق الوعد، افعله فالعطاء بدون وعد، خير من وعد بدون وفاء.
كما عليك أن تحصل على الاجابات من الآخرين من خلال أفعالهم وليس كلماتهم، لا تنتظر الكلمات فإنها خيوط وهمية، تتقطع في نسمات هواء خفيفة. فبنطق الكلمات يموت المعنى أحيانا، فكلام الوعود كأشعة الشمس الذهبية سرعان ما تختفي.
"أفضل طريقة للالتزام بالوعد هي ألا تعد بشيء":- نابليون بونابرت.
مما تقدم نجد أن للوعد وزنه الثقيل، فحين يهدم الوعد تنهدم معه أمور كثيرة خاصة بالمرء تغير من هيئة الانسان، فالالتزام بالوعد يظهر قوة المرء، وحريته، واحترامه، الأشخاص الجادون هم الملتزمون بالوعد مهما كان الأمر صعبا.
اضافةتعليق
التعليقات