طورت طالبتان سوريتان في كلية الهندسة الميكانيكية والكهربائية، اختصاص حاسبات وتحكم آلي، عصًا ذكية لأصحاب الهمم من فاقدي البصر لتوجيههم للسير في المسار المناسب والآمن من خلال توجيهات ناطقة وتنبيهات مختلفة لتجنب المخاطر.
وتحمي العصا الذكية، التي طورتها الشقيقتان فاطمة السماعيل وياسمين السماعيل، مُستخدِمها من الوقوع في الحفر وبرك الماء، وتؤمن له نزولًا أو صعودًا آمنًا على الأدراج دون مساعدة أحد.
وتمتاز العصا الذكية أيضًا بإنذار للآخرين لتجنب الاصطدام بالكفيف في حال كان المكان مظلمًا، من خلال إطلاق إنذار ضوئي، مع اهتزاز متقطع، ولتنبيه الكفيف أيضًا لمحيطه المظلم.
وفي حالات ضياع العصا أو وقوعها، يستطيع مستخدمها معرفة مكانها باستخدام جهاز تحكم عن بعد يجب أن يحمله في يده.
وقالت فاطمة السماعيل، في حديث خاص لمرصد المستقبل، إن «الابتكار يحمل صبغة إنسانية، ويهدف لمساعدة مصابي الحرب وفاقدي البصر، ليزرع فيهم بصيص أمل، ويمكنهم من السير بسلامة ويسر دون مساعدة أحد معتمدين على أنفسهم». وأضافت إن «الابتكار الجديد سيترك أثرًا إيجابيًا في نفوس فاقدي البصر ومحيطهم الاجتماعي، من خلال دمجهم بالمجتمع وتحقيق أكبر قدر من الاعتماد على الذات».
وتابعت إن «فكرة تطوير العصا الذكية نبعت من تأثرنا بالأحداث السورية، وتعرض كثير من الأشخاص لإصابات متنوعة بسبب الأزمة، ومنهم من فقد بصره، وحاولنا من خلال ابتكارنا تقديم المساعدة لفاقدي البصر للسير بيسر وسلامة دون مساعدة أحد».
وقالت ياسمين السماعيل، لمرصد المستقبل «منذ الأزل والكفيف يستعين بالعصا لترشده للطريق وتجنبه عقبات تعترض طريقه، إذ يواجه بعض فاقدي البصر وبشكل خاص من فقدوا بصرهم حديثًا أو بعد الولادة، صعوبات باستخدام العصا العادية التقليدية ويعتبرونها مرهقة، وهي تفشل في الكشف عن بعض العقبات وخاصة المرتفعة منها، وتتطلب منهم فترات تدريبية طويلة لإتقان استخدامها، ونتيجة لذلك تم تطوير أجهزة تقنية عدة، إلا أنها وللأسف الشديد باهظة الثمن ويعجز كثير منهم عن اقتنائها، وهي على الرغم من ذلك لا تتمتع بميزات كافية لتجنبهم العوائق».
وتتوفر في الأسواق العصا التقليدية، التي يستخدمها أصحاب الهمم وضعاف البصر والمبصرون أيضًا، دون أن يكون لها مواصفات خاصة, وعادة ما تكون خشبية تتحمل الاتكاء عليها أحيانًا. وإلى جانب العصا التقليدية تتوفر في الأسواق العصا الإلكترونية المصممة لتقدم لمُستخدِمها ترددات فوق صوتية يشعر بها تحت يده من خلال الاهتزاز فقط، عندما تصطدم بعقبة معينة في طريقها وتكشف له عقبات محددة فقط وهي باهظة الثمن.
أما العصا الجديدة فتتميز بجملة من المواصفات المبتكرة التي تساهم في دمج أصحاب الهمم في محيطهم وتسهل حركتهم في الأماكن العامة، وتزودهم بوسائل تساعدهم على التنقل بحرية وتجذب انتباه الآخرين لمساعدتهم على عبور الشارع.
وتنبه العصا الذكية، القابلة للشحن، مُستخدِمها لوجود العقبات، من خلال إصدارها لتنبيهات صوتية عبر السماعة؛ مثل «أمامك مياه أو أمامك حفرة أو أمامك درج أو أمامك عائق»، وتضيء العصا تلقائيًا أثناء السير في المناطق المعتمة.
وأشارت المبتكرتان إلى أن مشروعهما قابل للتطوير بحيث يمكن إضافة تطويرات على العصا الذكية؛ تتمثل في تزويدها بخريطة ناطقة؛ تدعى «خريطة ماجلان» تخبر الكفيف بمكانه، وتُمكنه من خلال لوحة برايل من كتابة المكان الذي يريده لترشده إليه، وتزويدها بالربط مع شبكة الهواتف النقالة لتحدد لذويه مكانه. ويمكن إرفاق العصا بأجهزة إلكترونية أخرى.
وأضافت ياسمين السماعيل إن «تطوير العصا الذكية اصطدم بصعوبات؛ بعضها متعلق ببرمجة الصوت لأوامر ناطقة، وإيجاد مكبرات صوت مناسبة للحصول على صوت واضح، وتصميم قالب العصا، وتصميم الدارة بشكل يتناسب مع القالب، وإيجاد الحساس المناسب للحفر وتصنيع حساس الماء يدويًا، وصعوبة تأمين حساس الليزر».
ووسط جملة من المعوقات تأمل المُبتكرتان الحصول على دعم المستثمرين، في وقت ما زالت فيه ريادة الأعمال في سورية في طور تشكلها.
حازت المبتكرتان على جوائز محلية عدة؛ منها المركز الأول في مسابقة أكاديمية ريادة الأعمال لأفضل خطة عمل، التي نظمتها الغرفة الفتية الدولية في اللاذقية السورية أواخر العام الماضي، والميدالية البرونزية في معرض الباسل للإبداع والاختراع العام الماضي، والمركز الثالث لمسابقة تميز 2018 للمشاريع المتميزة. حسب مرصد المستقبل
اضافةتعليق
التعليقات