في بداية شهر ربيع الاول، ونهاية شهر صفر، اعتاد اغلب الناس في هذا اليوم بكسر شيء من قطع يحتاجونها أو لا يحتاجونها جيدة أو رديئة آلمة أم اي شيء قابل للكسر -هي عادة- حالها حال الكثير من العادات والممارسات التي يتم المزايدة على ممارستها لدى الغالبية والتي لو رحت تسأل وتستفسر علَّ هناك من يرشدك الى صواب ذلك او عدمه، أصل نشوئه أو سببه، فأنك -في الغالب- تعود خالي الوفاض من اجابة شافية ومقنعة، أو ربما ولا عجب في ان تصادف من يمارس ويفعل الفعل وهو لا يدري لماذا ولمَ وعلامَ، ولسان حاله يقول، إنا وجدنا أُمةٌ وإنا على آثارهم لسائرون.
البعض يُخبر بأن الكسر -كسر الشيء- نهاية شهر صفر هو كسرٌ للشر ولا يُعلم هل وقع هذا الشر فعلا أم لم يقع، إن وقع فضمانةً لعدم التكرار، وإن لم يقع فدفعاً للحدوث مستقبلا، فيما راح آخرون يذكرون أنه وداع لأيام لايُحبب المرور بها كل سنة، وكأنه وداع لضيف ثقيل غير مرغوب تمت ضيافتهُ عُنوة.
بمعنى آخر إنها الطريقة المثلى لكي يغادر النحس الذي تخلفه أيام الشهر ورائها عن آخره من زوايا البيوت وأركان الغرف والباحات، ولكي يخرج كل الشر المحتمل والمُحمل بمرورها، والذي على أثره يتم تعطيل البيع والشراء وأجراء العقود والصفقات التجارية منها والربحية خشية أن يصيبها شيء من النحس فتبور أو تزول بفعل أيام لاذنب لها بأذية، ولا يد لها بسرقة، ولا قدرة لها بآفة إلا ما قدّر بارئها وموجدها ومسير أحوال عبادها.
أيام ولدت بيضاء فشاءت يد الأقدار أن تتسوّد بمصاب خير البشر، وتمر فيها على أهل بيت النبوة من الاحداث أثقلها حملاً على التأريخ أجمع وليس على أيامٍ وحسب..
لكن الشر الذي طال الخير والباطل الذي أباح دماء وحرائر الحق ننسبه الى زمان أو مكان ولا نسبه الى تلك النفوس البشرية الملوثة بالظلم والظلام؟!
تلونها سوداوية الباطل والبغي، وتغذيها الرغبة الدونية بالتسلط والحكم لتدفعها الى فعل تبغضه السماوات والارض وهو القتل..
اذاً، ما الشر إلا ما تكنه النفوس وما النحس إلا ما تخبئه السرائر في بواطنها العكرة بالكراهية والحقد والحسد والأنانية.. أما الأيام فهي بريئة برائة الذئب من دم يوسف، وأما ما يستحق أن يُكسر، فهو الظلام الذي في داخلنا وليس الأواني والزجاجيات، أن تحطم حقدا قد يدفعك الى أذية أحد في يوم من الأيام خيرٌ من ذلك الصحن الذي ربما ستحتاجه وينفعك يوما.
وأن تكسّر كسلك وقنوطك وتقاعسك، وتهشم ما تتبناه من سوء السلوك وردائة العادات جديرٌ بتغيير حالك وجعلك في السنة القادمة بالتأكيد أفضل من سنتك هذه، هذا السلوك وذاك العزم أجدر بكثير من ذلك الزجاج الذي تتعهد تكسيره كل سنة وانت لا تجزم حتى معرفتك سبب قيامك بذلك أو حتى أنه يجدي لك نفعا أو يبعد عنك ضرا..
في نهاية شهر صفر حطم شيء يستحق الكسر أكثر من مجرد آنية..
اضافةتعليق
التعليقات