سلام على انقطاع رغبتي في وصال الجميع، سلام على قطع الرحم مع نفسي، سلام على موت وصالي من ذاتي، ربما لآخر مرة سأنثر الحروف لتكون اعترافات شخصي الاخر حيث بدأت انهار الدموع تكحل عيني، وقلبي كقيثارة بدأت تنثر الحان موت الذات، اكليل الزهر داخلي ذبل، توارت احلامي خلف الجدران وانا بُتُّ كجرف يود مسامحة روج شاطئه لكنه يجزر الرحيل مرة اخرى..
بت شحيحة بالود مع ذاتي، قتلتني كلمات من حولي (الكلام، الكلام، الكلام) احيانا يكون اثره كالسيف لاينحر العنق لكنه ينحر النفس ليطفئ بريق مقلتي ويجرفني نحو الانعزال بذاتي سجينة نفسي التي لاتود وصال احد سواها (الاهل، الصديق، الاخ، الجميع) كلهم على حد سواء لايستطيعون اخراجي مما انا فيه، فسجني كُبّل بالنقد الهدام وسلاسل من الالسنة تقتل كل مافيه..
ربما ذاتي بدأت تحتضر لتنطلق في طريق الروتين، الماضي الذي مالبثت فيه حزينة فليس كل من يخط بالقلم كمن يخط بدم القلب وليس كل خيال موهبة، فبعضه يقظة، وليس كل سكوت يحدثه الملل، بعض السكوت ناتج عن احتقان الكلمات في لب الحنجرة وناتج عن ألم وبحة لايفقه الجميع معناها لتكون اخر الكلمات اعترافات شخصي الاخر قبيل الانقطاع ..
انتبهوا لألفاظكم فبعضها تقتل ذات كاملة، تجعلها تنجرف نحو الانعزال، اطفالكم امانة لديكم لا عبيدا تقتلوهم بالكلمات، اياكم وفقدانهم فليس الفقدان فقدان الجسد ففقدان الحب داخلهم يتجدد مع كل كلمة..
ربما لايعلم الجميع ان الكلمات تقتل لكنها لاتطالب بنعش النهاية بل بنعشٍ لترضي القلب، انها قيد الزوال ولم تعد كما هي، لقد تغيرت وماعادت كالسابق، تنصت لوقع ضرباته بل بدأت تنتظر رسالة من الله يخبرها بأن الورقة التي تحمل اسمها قيد السقوط من تلك الشجرة بجانب العرش..
ثم اخر الحديث نحن رسالة الله التي ارسلها بيد ملكوت الارض لتتركها في كل مكان، ويقود قافلة انطلاق الرسائل عنصران يجب عليهم في البداية اتمام الرسالة بجدارة لترضي الله ثم انفسهم لتكون اجمل رسالة بين الناس ثم وضع الرسالة في مكانها الصحيح لاتركها بجانب المياه لتكون عرضة للتمزيق وتلك المياه بدايتها الكلام والنقد الهدام.
كيف نواجه النقد الآثم؟
السخفاء شتموا الواحد الأحد لا إله إلا هو، فماذا نتوقع انا وأنت ونحن أهل الحيف والخطأ، إنك سوف تواجه حرباً ضروسا لا هوادة فيها من النقد الاثم المر والتحطيم المقصود والإهانة المتعمدة مادام أنك تُعطي وتبني وتؤثر وتسطع، فلن يسكتوا عنك حتى تتخذ نفقاً في الأرضِ أو سلماً في السماءِ فتفر منهم.
لكنهم يغضبون عليك لأنك فوقهم علماً، أو أدباً، أو مالاً، فأنت عندهُم مُذنب لا توبة لك حتى تترك مواهبك ونعم اللهِ عليك، وتنخلع من كل صفاتِ الحمدِ، لتبقى بليداً محطما، هذا ما يتمنونه منك بالضبطِ. إذاً فاصمد لكلامِ هؤلاءِ وتشويههم وكنْ كالصخرةِ الصامتةِ المهيبة تتكسر عليها حبات المطر لتثبت قدرتها على البقاء..
إنك ان اصغيت لكلامهم وتفاعلت معه حققت أمنيتهم في تحطيم حياتك، إنّ نقدهم السخيف هو بحد ذاته ترجمة محترمة لك، فبقدر وزنك يكُون النقد الآثم.
إنك لن تستطيع أن تغلق أفواههم، ولن تكبل ألسنتهم لكنك تستطيع ان تدفن نقدهم وتتجنبهم بتجافيك لهم، وإهمالك لشأنهمْ ﴿ قُلْ مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ ﴾ (آل عمران ١١٩)، بل تستطيع ان تصب في أفواهِهم الخردل بتربيتك ومحاسنك وتقويم اعوجاجك. إن كنت تريد أن تكون مقبولا عند الجميع، محبوبا لدى الكل، سليما من العيوب عند العالم، فقد طلبت مستحيلاً وتأملت بعيدا..
إن اردت التقدم فلا تصغي للنقد الاثم، سر في خطاك وتوكل على الله، كما قال امير المؤمنين علي عليه السلام: (إرضاء الناس غاية لاتدرك).
اضافةتعليق
التعليقات