كانت مريم حامل بشهرها التاسع عندما قرر عليٌّ الالتحاق مع صفوف الحشد الشعبي، وفي أواخر أيام شهر رمضان الكريم شدّ (علي)ٌّ الشاب ابن الجنوب من مدينة العمارة الرِحال متوجها الى جبهات القتال تاركا مريم ووالدته العجوز بحفظ الله وقلبه يرقص شوقا لتطهير أرض الموصل من الدنس الداعشي.
رحل (علي) وكان يملك الكثير من الايمان والورع والصدق والامانة والغيرة الجنوبية والجبين الاسمر الذي يأبى الركوع والخنوع، بالأضافة الى ما تحمله محفظته من مبلغ يوصله الى أرض المعركة.. وأجتمع الابطال وحناجرهم... تنشد (وين يروح المطلوب لنا) حتى.. اذن المؤذن.. (اللّه اكبر)..
فتوجهوا الى مطعم قريب.. لتناول الإفطار.. وكان علي يحمل (6000) الاف دينار وكانت وجبة الإفطار ب(5000) الاف دينار، فحمد علي ربَّه سرا وقال: الحمد لله بقي لديه (1000) دينار.
ومن ثم توجهوا الى مقر الوحدة وهناك نادى آمر القاطع الجنود مشيرا الى صندوق صغير وضع في زاوية قائلا:-
هذا الصندوق قد خصص لجمع زكاة الفطرة والبالغة (1000) دينار لكل شخص فتوجهوا لوضعها في الصندوق لأننا سنكون فجرا في ساحات الحرب وقد لايتسنى لكم دفعها، فتوجه المقاتلون ومعهم (علي) الى الصندوق ووضع علي آخر ما يملك في صندوق الزكاة!.
وفي فجر اليوم الثاني، انطلق الابطال لتحرير أرض العراق ودارت الكثير من المعارك حتى توالت الانتصارات وتحررت العديد من المناطق من عصابات داعش الإرهابية .
وفي المساء رنّ الهاتف الجوال لعلي... واذا بصوت حنون يحمل في طياتة الحيرة... (يمه علاوي)
فأجابها علي (هلة بالوالدة ال تنكط محنة، هلة بيا ريحة الجنة) فأجابته (يا روحي ويا كل السلف، مريتك يايمة تندب علي.... يمكن راح تجيبلك الولد... وما عندي فلوس وأنا بحيرتي ظليت).
فأحتار عليّ في أمره وتذكر أنه قد ترك على احد الرفوف (نموذج اجازة) فقال لها... هناك رسالة خذيها الى الطبيبة في المستشفى القريب فهي تعرفني، وهكذا فعلت أم علي وذهبت مع كنتها التي أتاها المخاض الى المستشفى ووصلت الى شباك قطع التذاكر فقال لها الموظف: حجية اعطينا المبلغ المقرر حتى نفتح لها (طبلية).. قالت (وليدي ما عندي فلوس واخوك يقاتل بمكحول ويكول الطبيبة تعرفني وهاي الرسالة انطيها للطبيبة) قرأ الموظف الرسالة فإذا هي نموذج نزول!.
فأصابته الحيرة.. ماذا يفعل؟ ونظر الى المرأة التي تقف في شباك التذاكر وكلها ثقة بما قاله ولدها بأنها تحمل رسالة الى الطبيبة!
وماهي الا نموذج لأجازته السابقة، فرفع رأسه قائلا:
سأعطيها الى الطبيبة انتظري عودتي (حجية).
ودخل الموظف الى الطبيبة التي تعمل بالمستشفى محدثا اياها قصة هذة المرأة ونموذج الاجازة بيده
فقامت الطبيبة من مكتبها وخرجت الى المرأة ونادتها (حجية... تعالي.. امريني؟)
فأجابتها (خالة اني ام علاوي، راح يقاتل ويه ربعه بمكحول ومريته تحتاج عملية وخابرته كال روحي للطبيبةانطيها الرسالة وهي راح تعرفني وتقوم بالواجب).
ادمعت عينا الطبيبة وقبلت رأس ام البطل: (يأمرنا أمر علاوي البطل) واخذت بيد مريم وادخلتها صالة الولادة ونادت زملائها من الاطباء والطبيبات وقاموا بتوليديها والشكر لله كانت ولادتها ميسرة ولم تعمل لها العملية وأنجبت شبلا كأبيه.. وقامت أم علاوي بأطلاق الهلاهل والهوسات والفرحة ملأت اركان المستشفى وكانت هناك بهجة وفرح على وجوه الأطباء والطبيبات لأرتياحهم بأنهم قدموا شيئاً للبطل علاوي.
ومن ثم، تم نقل (مريم) الى الجناح الخاص ودخل الكادر الطبي حاملا الورد وظرف وضع فيه مبلغ من المال (نكوط الطفل) وتقدمت الطبيبة وقبلت رأس ام علاوي وقالت: (سلامي لاخوي علاوي البطل، رفعة الرأس).
وبكت أم علي من شدة الفرح، واتصلت.. (علاوي يمه.. أبشرك... وليدك بحضني.. وطلع كل أطباء المستشفى يعرفوك)!.
ما قرأتموه.. كان قصة حقيقة لأحد جنودنا الابطال ووقوفنا على هذة الحكاية لتوصيل رسالة لكل فرد عراقي ان يساند ويؤازر عوائل المقاتلين والشهداء ومد يد العون لقضاء حوائجهم عرفانا وامتنانا لما ضحوا به من أجلكَ وأجلي.
اضافةتعليق
التعليقات