يعد الارهاب الفكري من أخطر أنواع الإرهاب, فهو نوع من أنواع الأيديولوجية التي تؤمن بعدم احترام الرأي الآخر وتسلبه حقه بحرية التعبير وحرية العقيدة، وهو يحجر على العقول والحريات ويحرم عليها التعبير عن ذاتها بحجة أن هذا مخالف لثقافةٍ أو لمذهبٍ أو عقيدةٍ أو رأيٍ ما.
يحمل الإرهاب الفكري مفاهيم مثل التعصب والتطرف والتكفير، ويحمل عدم احترام التراث والتاريخ والحضارة لأنه يقوم على كم الأفواه وقمع جميع الحريات الفكرية وغير الفكرية, ويخلق في عقل الفرد نوع من الخمول والموت الفكري, مما يؤدي إلى قمع الابداع الفكري الفردي والاجتماعي, وينتشر الارهاب الفكري في جميع أنحاء العالم وبصور ونسب مختلفة ومتفاوتة, ولكن ينتشر أكثر في الدول المنغلقة والمستبدة فكريا, والتي يغيب فيها الحوار والتفاهم, والتي يكون فيها المجتمع ضعيفا ومهزوما فكريا.
وقد اختلف في وضع تعريف محدد وواضح لمفهوم الإرهاب, وذلك نظرا لاختلاف ايديولوجيات والفلسفات الفكرية في دول العالم ونتيجة اختلاف العقائد الدينية بين المجتمعات البشرية, فكل فلسفة وفكر معين يضع تعريف خاص لمفهوم الارهاب, وذلك حسب ما يخدم مصالحه من جميع الجوانب والاتجاهات وسواء كانت سياسية أو فكرية أو اجتماعية أو اقتصادية وحتى الدينية منها, فالبعض يعتبر بعض الأعمال التي يقوم بها على المستوى الفردي أو الاجتماعي ارهابا, والبعض الآخر ينظر لها على أنها أعمال مشروعة ومن حق الفرد أو المجتمع أن يقوم بها، ولا يعتبرها ارهابا وبهذا فإن يمكن القول بأن جميع دول العالم تكون مهددة بخطر الارهاب وخاصة الفكري منه, بسبب عدم الاتفاق على معنى محدد وواضح للإرهاب تتفق عليه جميع دول العالم وبجميع فلسفاتها وافكارها ومعتقداتها المختلفة, وإن الاختلاف وعدم الاتفاق على فكرة واضحة هو أساس الإرهاب الفكري, "وقد مرت المجتمعات الاسلامية بعد رسول الله (ص) بالارهاب وبكل انواعه وخاصة الارهاب الفكري الذي نخر الامة الاسلامية من الداخل أكثر من غيره, والسبب يعود إلى الانحراف الفكري والعقائدي لكثير من الفرق والمذاهب الاسلامية عن الدين الاسلامي.
فمن جهة التسلط السياسي والمدعوم من قبل وعاظ السلاطين, ومن جهة الجمود الفكري الذي مر به الفكر الإسلامي وعدم استخدام العقل وتحجيم دوره في الانتاج المعرفي والفكري الاسلامي في إحياء الكثير من العلوم المختلفة التي نفع البشرية مثل العرفان والفلسفة وغيرها من العلوم, حيث إن هناك من يرفض النقد والمراجعة واستخدام العقل في التراث وهناك من يؤكد على النقد والمراجعة واستخدام العقل للتراث, وبهذا فقد تحول الحوار والجدال والمناقشة والتفاهم في الفكر إلى طور العنف والقتل والتشريد, مما أدى إلى أن يسود الارهاب الفكري في المجتمع المسلم, علما أن باقي الأديان الأخرى تعيش حالة الارهاب الفكري بكل معانيه داخل مجتمعاتها. الكثير من الناس يعتقدون أن الغرب حالة من الاستقرار التام والكامل, بعيدة عن أي نوع من الارهاب, بما فيه الارهاب الفكري والواقع وكما مر بنا في البحث أن الارهاب منتشر في جميع دول العالم بما فيه الغرب, ولكن بنسب مختلفة ومتفاوتة, فالغرب يوجد فيه ارهاب ولكن تختلف نسبة وجوده عما هو عليه في دول العالم الآخر.
ولكن لو نظرنا إلى الغرب بدقة وتمعن فسوف نشاهد مع ما يثبت ذلك فمثلاً في فرنسا والتي تدعي أنها تنادي بالحرية, إنها تمنع النساء المسلمات من ارتداء الحجاب في الجامعات والأماكن العامة, بينما يحق لباقي النساء أن تفعل ما تشاء وحسب حريتها الشخصية, أليس هذا العمل مبني على فكرة خاطئة؟ ألا يحتوي على أحد أسباب الإرهاب الفكري وهو القمع والغاء الآخر؟ ألا يكون ضمن دائرة الإرهاب الفكري, وكذلك الحالة مع اسرائيل فإنها تفكر وتقول وتفعل ما تريد, بينما لا يحق للفلسطينيين أي شيء من ذلك, فما هذه الازدواجية الفكرية التي يفكر بها الغرب. فالغرب حاله حال المجاميع المتطرفة والمتعصبة والتكفيرية والمتمثلة بالوهابية والقاعدة وداعش في ممارسة الإرهاب الفكري, كما أن الغرب يمارس التمييز العنصري مع الكثير من أبناء المجتمع الغربي".
اضافةتعليق
التعليقات