يقول المثل الأوربي (لا يقاس الأمر بحجم المعركة التي يخوضها المحارب، ولكن بحجم المحارب الذي يخوض المعركة)، ولولا الحسين لما أصبحت واقعة الطف ملحمة، وأرض كربلاء مقدسة، فلا حجم لشيء ولا قدسية لأرض، فالمقدس هو الإنسان الذي بناها أو دفن في باطنها ولم يكن الحسين حسينا لولا طبائعه الإنسانية وقلبه الرحيم فلا يكفي النسب الشريف فلنوحٌ أولادٌ أيضا!.
فبحسبك نفسك يا حضرة الإنسان، فلا ارضٍ ولا مالٍ ولا منصبٍ مقدس فالقدسية لآدميتنا وذاتنا ورحمتنا ولطفنا.
فنحن الذين نعطي للمعارك والكراسي والشهادات أحجامها وتقاس بصاحبها أو حاملها، هكذا يحسبها العقلاء فمهما بلغ مجدها وعلوها فهم موقنين انهم من صنعوها وليست هي من صنعتهم وتبقى وسيلة للوصول لأهداف إنسانية سامية.
وإن أردنا الظفر بأحلامنا فلا نبدد إنسانيتنا التي من اجلها سجدت لنا الملائكة وأكرمنا الله بها ليجعلنا خلفائه بالأرض.
ولا ينفك العارفون ومن أنار الله قلوبهم بالاستقرار بتوصيتنا دوما بحماية أنفسنا من عوارض الطموح كي لا تسحب رصيد حسناتنا لتزيد رصيد أموالنا، وأن نظفر بأحلامنا دون أن نهين مشاعر حب تنمو وتتفرع بداخلنا بداعي التكبر والمكابرة، ونستخف بكلمة حق تخرج من فم معدم أو نعيب على كلام منطقي من خصم فنعتقل التواضع ونطلق سراح الغطرسة ونعزو طيبتنا وتسامحنا لقلة الحيلة وضعف الشخصية بل علينا أن نبقى على أهبة الاستعداد للتغيير أينما يكون الأفضل وكيفما يكون فقط لأنه الأفضل لنا ولا نكون واثقين الثقة بأدائنا وأعمالنا ويجرنا الغرور لمستنقع الفشل.
وإن نظفر بأحلامنا ولكن لا نترك قلوب محبينا تتلظى عطشا لسماع كلمات دافئة وطفلٌ تسلق الحزن قلبه مبكرا وخلت ذاكرته من صور الربيع، وأمّاً تنتظر لمسة حنونة وسؤال مهتم فتأخذنا الدنيا بملاهيها فتهجرنا المسرات وتودعنا الطمأنينة.
وإن نصب الصبر والحكمة على أفكارنا كي نضع كل فرد في محله وحجمه الصحيح فلا نبجل الكلام المتخم بالنفاق والكذب فنحتشد بالخداع ونفيض فيه خلال مسيرنا لمبتغانا فتبتعد خطواتنا عن الله وتتقرب من سادتنا وكبرائنا.
وطالما يحذرونا من قشة (الأنا) كي ننأى بأنفسنا من نفحات التوتر كلما نجح المقربون منا ونبني للقناعة بيتا محكم في قلوبنا ونجعل رحمتنا فكرة مباشرة وليست بعد حين.
فلنسمع النصح والوصايا ونحرص كل الحرص على إنسانيتنا وآدميتنا بما ملكت عزيمتنا حتى لو تكالبت علينا المشاكل ولوعتنا الظروف لتكون نهاية مشوارنا مثل الذين وصفهم الله تعالى حين قال: (خِتامه مسكٌ وفي ذلك فليتنافس المتنافسون) صدق الله العلي العظيم.
اضافةتعليق
التعليقات