• الرئيسية
  • كل المواضيع
  • الاتصال بنا
facebook twitter instagram telegram
بشرى حياة
☰
  • اسلاميات
  • حقوق
  • علاقات زوجية
  • تطوير
  • ثقافة
  • اعلام
  • منوعات
  • صحة وعلوم
  • تربية
  • خواطر

يوميات استكان شاي

زهراء وحيدي / الأربعاء 26 تموز 2017 / حقوق / 5459
شارك الموضوع :

لا اذكر جيداُ لحظة ولادتي، ولكني بلا شك ولدت في مصنع حالي كحال باقي \\\"الاستكانات\\\"، ثم تم نقلي الى السوق مباشرة، بعد ذلك اشتراني رجل عجوز اش

لا اذكر جيداُ لحظة ولادتي، ولكني بلا شك ولدت في مصنع حالي كحال باقي "الاستكانات"، ثم تم نقلي الى السوق مباشرة، بعد ذلك اشتراني رجل عجوز اشيب الشعر، ونقلت مع اخواني الى مطبخ قديم محشور في زاوية دائرة حكومية.

ومن هنا بدأت حياتي، كنت استكان هادئ وجميل، ذو حزام ذهبي عريض، ولكن الحزام بدأ يختفي شيئاً فشيئاً مع مرور الزمن بسبب تعرضي المستمر للماء والغسل، كنت استكاناً مطيعاً احمل في بطني الشاي العراقي الأصيل اسود اللون، ليرتشفه الموظفين في الدائرة.

ايامي كانت تحفل بمغامرات واحداث غريبة، في احدى الصباحات المشرقة شممت رائحة الشاي العراقي الممزوج بالهيل، فعرفت حينها بأني سأذهب في جولة مميزة، وبعد مدة قصيرة حملت الشاي في بطني، ونقلني صاحبي العجوز الى غرفة حجي صاحب (هكذا يدعونه الموظفين في الدائرة) الموظف الذي لا يأتي الى الدائرة الاّ في المناسبات الرسمية ويوم استلام الراتب الشهري، لأنه ذات علاقة قوية مع المدير!. كنت اتعجب من امره، واتعجب اكثر من الذين يغضون البصر عن هذا الاستهتار الذي يلحق الضرر بالمجتمع وبوضع البلد!، ولكن من امن العقوبة اساء الأدب!، كما ان الله لا يغفل عن التقصير بالعمل بل يحاسب عليه قبل القانون، ولكن يبقى ايمان الشخص واخلاقه هو الضمير المتصل الحي الذي يمنعه عن التصرفات الخاطئة.

بعد ما انتهى حجي صاحب من شرب الشاي، اخذني صاحبي العجوز وأعاد ملئي من جديد ثم اخذني الى غرفة المدير الفخمة التي تحتوي على تبريد مركزي على عكس غرف الموظفين، استأذن صاحبي ودخل الى الغرفة، ثم وضعني على طاولة المدير، نظر المدير اليَّ نظرة متعجرفة وقال: "أيها العجوز الاخرق قلت لك الف مرة لا تسكب لي الشاي في هذا الاستكان الوضيع، هيا خذه واسكبه في كوب انيق".

لم استغرب من ردة فعل المدير فهو كعادته رجل عديم الاخلاق والتربية، يبرز عضلاته على هذا العجوز المسكين الذي يحاول بهذا العمل ان يحفظ ماء وجهه من السؤال والطلب!.

ثم تغيرت وجهتي من غرفة المدير الى غرفة محمود، الرجل الثلاثيني ذو الوجه المبتسم، وما ان دخل صاحبي العجوز حتى استقبله محمود بأهلاً وسهلاً ومرحبا، وأخذني منه، وقضي بعض الدقائق وهو يسأل عن صحة العجوز واوضاعه واذا كان يحتاج شيئاً ما، ثم اخرج من دولابه ظرف ابيض ودسّه في جيب العجوز وهو مبتسم، اظنه كان يحوي شيئاً من المال ليقضي به العجوز حاجياته المعيشية، وأصبحا يتبادلا اطراف الحديث حتى دخل عليه شاب عشريني، ورمى بوجهه ملف معين، وقال له بلهجة غير مؤدبة: "ستوقع على هذا الملف رغماً عن انفك، من الواضح أنك لا تعرف انا ابن من؟!، وقع على الملف قبل ان اسود عليك حياتك".

محمود رجل طيب جداً وبسيط، انا اظن بأن الله يحبه كثيراً، لأن وجهه بشوش ويحب فعل الخير ويساعد الناس، وهذه الصفات هي نفس الصفات التي يريدها الله ان تتوفر في عبده، فالإنسانية تنبع من فعل الخير، وبالمقابل من يفعل خيراً يرى خيراً، لأن هذه هي سياسة الله، فمن يفعل مثقال ذرة خيراً يره، ومن يفعل مثقال ذرة شراً يره!، ولكن هنالك بعض الناس يسيرون على نهج الشيطان، ويريدون ان يتحقق لهم كل شيء رغماً عن انف الكل، حتى وان كان على خطأ وذلك بسبب علاقاتهم السياسية الوسخة و انتماءاتهم لجهات خبيثة، يستخدمون التهديد والسلاح كأسلوب من أساليب التفاهم!، ولكني متأكد بأن محمود لن يصغي الى هذا الشاب ولن يسمح له ان يصل الى هدفه حتى لو كلفه الأمر غالياً.

ولا اريد ان اتحدث عن غرفة المعاون، هذا الانسان البذيء الذي لا اتحمل ان يتوسخ رأسي بفمه الذي يأكل الحرام، يعرقل أمور العالم ولا يكمل ملفاتهم الاّ بأخذ مبالغ مالية كبيرة، مع العلم ان الله اقرَّ بأن الراشي والمرتشي كلاهما في النار!.

وعلى كلٍ انا متأكد بأن لهم سوء العاقبة في الحياة الدنيا ومصيرا اسودا في الأخرة.

وبعد ما انتهى المعاون من شرب ما في داخلي والذي تمنيت لو يتحول سماً عليه بدل الشاي، اقترب مني صاحبي وحملني الى المطبخ، ثم غسلني بالماء والصابون جيداً واعادني الى سلة الاواني، واتضح لي بأن الدوام الرسمي قد شارف على الانتهاء، حقيقة هذا اليوم كان يوماً متعباُ علي، ارتكزت في مكاني وتأسفت على حال صاحبي العجوز الذي يتحمل فظاعة هؤلاء البشر ثم حمدت الله لأنه خلقني استكان شاي وليس موظف فاسد!.

الظلم
الانسانية
الوطن
قصة
فساد
العراق
شارك الموضوع :

اضافةتعليق

    تمت الاضافة بنجاح

    التعليقات

    آخر الاضافات

    السيدة الزهراء.. شريان الإيمان ونور اليقين

    بالكلمة الطيبة قوة الأثر والتغير

    السيدة الزهراء.. أسماؤها وألقابها

    بويضات من خلايا جلد لإنتاج أجنة.. البشرية أمام علاج جديد ثوري للعقم

    في ثرى البقيع... كُلُّ الذي دون الفِراقِ قليلٌ

    في يومها العالمي... الترجمة لغة ثانية للحياة

    آخر القراءات

    خيرا تفعل خيرا تلقى

    النشر : الأربعاء 08 آيار 2024
    اخر قراءة : منذ 17 دقيقة

    الشهرة على حساب القيم: عندما يصبح الجدل طريقاً مختصراً إلى القمة

    النشر : الأثنين 16 كانون الأول 2024
    اخر قراءة : منذ 17 دقيقة

    ركاب الطائرات المرضى ينقلون العدوى للمسافرين المجاورين لهم

    النشر : الأربعاء 27 حزيران 2018
    اخر قراءة : منذ 18 دقيقة

    رسالة المرأة في منظور الإمام الشيرازي

    النشر : الأحد 02 تموز 2017
    اخر قراءة : منذ 18 دقيقة

    تشنج الحبال الصوتية.. الأعراض والأسباب

    النشر : الأثنين 24 كانون الثاني 2022
    اخر قراءة : منذ 18 دقيقة

    القراءة: رحلة مستمرة دون وجهة

    النشر : الأربعاء 24 نيسان 2024
    اخر قراءة : منذ 18 دقيقة

    الأكثر قراءة

    • اسبوع
    • شهر

    استبدل ولا تحذف: الفراغ عدو التغيير

    • 820 مشاهدات

    ماذا أنت فاعلٌ بحياتك؟

    • 732 مشاهدات

    الزواج.. ميثاقٌ إلهيٌّ تُنسِجه المودَّةُ والرحمة

    • 647 مشاهدات

    السيدة الزهراء.. شريان الإيمان ونور اليقين

    • 358 مشاهدات

    الشجاعة الحقيقية في مواجهة الهزيمة

    • 353 مشاهدات

    كانت مجرد كلمات… حتى بدأت أبكي دون أن أفهم السبب

    • 352 مشاهدات

    الحشمة المهدورة خلف ستار القرابة

    • 953 مشاهدات

    لغة الإيموجي… حينما تتحدث الصور وتصمت الكلمات

    • 906 مشاهدات

    استبدل ولا تحذف: الفراغ عدو التغيير

    • 820 مشاهدات

    تجاوز سطح الخلاف: كيف يختبئ الاتفاق خلف سوء الفهم؟

    • 780 مشاهدات

    قراءة في كتاب: في دقائق كيف نتغيّر؟

    • 755 مشاهدات

    ماذا أنت فاعلٌ بحياتك؟

    • 732 مشاهدات

    facebook

    Tweets
    صحيفة الكترونية اجتماعية ثقافية بادارة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    الأبواب

    • اسلاميات
    • حقوق
    • علاقات زوجية
    • تطوير
    • ثقافة
    • اعلام
    • منوعات
    • صحة وعلوم
    • تربية
    • خواطر

    اهم المواضيع

    السيدة الزهراء.. شريان الإيمان ونور اليقين
    • منذ 18 ساعة
    بالكلمة الطيبة قوة الأثر والتغير
    • منذ 18 ساعة
    السيدة الزهراء.. أسماؤها وألقابها
    • منذ 18 ساعة
    بويضات من خلايا جلد لإنتاج أجنة.. البشرية أمام علاج جديد ثوري للعقم
    • منذ 18 ساعة

    0

    المشاهدات

    0

    المواضيع

    اخر الاضافات
    راسلونا
    Copyrights © 1999 All Rights Reserved by annabaa @ 2025
    2025 @ بشرى حياة