هل تذكرين ذلك اليوم يا رفيقتي، حينما رفضتِ أن تسلمي علي؟ هل تذكرين تلك الصرخات التي اطلقتها في وجهي، تلك الاصابع التي كانت تحلق في عيني، اني مازلت اذكرها بكل تفاصليها وحرارتها، لم تسمعِ مني بل سمعتِ عني؟ تحدثت عني كثيراً أمام الغرباء، أنا اعلم بذلك، تعلمين ماذا قالوا لي!، قالوا ان رفيقتك تهمش اسمكِ، وتتحدث عنك في كل مكان!!، غارت عيناي بعدما رفضت ان ارد على اقوالهم، وثرثرتهم الباهتة.
كثيرون من كانوا يحاولون ان يفرقوا بيننا، لكني كنت أرى كلامهم سراباً، مرت الايام وكل شيء سار على ما يرام، وكُشف المستور، يا رفيقتي لا شيء يخفى في هذه الدنيا، مهما طالت المدة ستظهر الحقيقة ويعرف معدن الانسان إن كان فضة أم ذهباً، طبلت مع طبولهم ولم ترْعِ لي حرمة ولا رفقة، تجعلين من نفسك الملاك الطاهر ومن حولك الشياطين، وتعجبين بمدائحهم وكلماتهم المبرقعة بالكذب، تذكري يا رفيقتي ان الزمن لا يُخطىء نحن من نُخطىء، وننسى ونحقد، ونطلق على انفسنا عبارة انا ابيض وغيري اسود.
جرح الجسد يشفى ويرحل مع الزمن، أما جرح الروح فهذا ما لا اسامحكِ عليه، تشاركنا في الطفولة، واختلفنا في الشباب، ابتسمت لي الحياة بعدما ادبرت عني، ما يُحزنني يا رفيقتي انكِ كنت تمضغين لحمي، وتُقطعين أشلائي في غيابي، أليس غريباً يا رفيقتي!، في مرة أودعتني سراً؟ هل تذكرين ما هو؟ لا تخافي لم أعد اتذكره رميت به في البئر الذي كنت تقولين عنه..؟
اما انا عندما كنت استودعكِ سراً، وترمين السر في البئر، وجدت العالم بأكمله في قاع البئر! ماذا كنت تظنين، بأنني جاهلة؟ نعم يا رفيقتي جاهلة بغدركِ، لعلمي ان الغدر من اطباع الذئاب يا رفيقتي، حتى هذه اللحظة يؤلمني جسدي وتغص روحي بعمق الجرح، وأُهدىء حسرتي انني لست اول انسانة تتعرض للغدر والخيانة وليست نهاية المطاف ففي هذه الحياة من يستحق ان نكون معه ويعرف ان أكل لحم المؤمن حرام، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ} [الحجرات: 12].
يسعدني ان اسمع اخبارك وان يكون اختيارك صائبا، فليس كل من يضحك لنا ويخاطبنا بعزيزتي نصدقه، فالمذيع يقول اعزائي وهو لا يعرف من يشاهده، لذا لا تصدقي كل من حولك واحذري من مضغ الميتة، ومن أن تجعليها فاكهة المجلس، اخشى عليكِ من حر النار وسوء العقاب.
واستذكري احاديث اهل البيت (عليهم السلام) في حرمة الغيبة والبهتان، اوصي نفسي اولاً يا رفيقتي ومن ثم من حولي بقراءة هذه الاحاديث حتى لا نكب في النار يوم القيامة من حصائد ألسنتنا.
عن الامام الصادق (عليه السلام) قال: (ان اقرب ما يكون العبد الى الكفر ان يواخي الرجل على الدين فيحصى عليه زلاته ليعنفه بها يوماً ما)، وحديث آخر عن الامام الصادق (عليه السلام) عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): "لا تذموا المسلمين، ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من تتبع عوراتهم تتبع الله عورته ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في بيته".
في وصية النبي الى أبي ذر: يا أباذر اياك والغيبة فان الغيبة أشد من الزنا.
قلت: ولم ذاك يا رسول الله فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): لأن الرجل يزني فيتوب الى الله فيتوب الله عليه، والغيبة لا تغفر حتى يغفرها صاحبها، يا أباذر سباب المسلم فسوق وقتاله كفر، وأكل لحمه من معاصي الله، وحرمة ماله كحرمة دمه.
قلت: يا رسول الله وما الغيبة؟
قال (صلى الله عليه واله وسلم) ذكر اخاك بما يكره.
قلت فإن كان فيه الذي يذكر به.
قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم): اعلم ان ذكرته بما هو فيه فقد اغتبته، واذا ذكرته بما ليس فيه فقد بهتّه.
خطوات ترك الغيبة
1- الاكثار من الدعاء والاستغفار (ربنا لا تجعل في قلوبنا غلاً للذين أمنوا) وتكرار الدعاء في السجود وبين الأذان والإقامة "اللهم اجعل كتابي في عليين واحفظ لساني عن العالمين.
2- وضع صدقة عن كل شخص تتكلم عنه وتخرجها نيابة عنه.
3- عدم الجلوس في المجالس التي تذكر فيها عورات الناس لانه حرام أيضاً الاستماع إلى الغيبة، و على المستمع لها أن يزجرَ المغتاب ويردهُ عن كلامه، وفي حال عدم الاستجابة فلا بد من ترك ذلك المجلس حتى لا يحسب معهم.
4ــ طلب العفو من الناس والمسامحة.
5ـــ تذكير النفس بعدم الحديث عن الناس وذكرهم في المجالس.
6ــ طلب العفو والمسامحة من الاشخاص الذين اغتبتهم.
وفي دعاء للأمام زين العابدين(عليه السلام): وَأَسْأَلُكَ فِي مَظالِمِ عِبادِكَ عِنْدِي، فَأَيُّما عَبْد مِنْ عَبِيدِكَ، أَوْ أَمَة مِنْ إمائك، كَانَتْ لَهُ قِبَلِي مَظْلَمَةٌ ظَلَمْتُها إيَّاهُ فِي نَفْسِهِ، أَوْ فِي عِرْضِهِ، أَوْ فِي مالِهِ، أَوْ فِي أَهْلِهِ وَوَلَدِهِ، أَوْ غَيْبَةٌ اغْتَبْتَهُ بِها، أَوْ تَحامُلٌ عَلَيْهِ بِمَيْل أَوْ هَوَىً، أَوْ أَنَفَة، أَوْ حَمِيَّة، أَوْ رياء، أَوْ عَصَبِيَّة غائِباً كانَ أَوْ شاهِداً، وَحَيّاً كانَ أَوْ مَيِّتاً، فَقَصُرَتْ يَدِي، وَضاقَ وُسْعِي عَنْ رَدِّها إلَيْهِ، وَالتَّحَلُّلِ مِنْهُ.
اضافةتعليق
التعليقات